دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قد يكون والديك على حق في أنّ حصولك على قسط من النوم سيشعرك بالتحسّن في الصباح.. فهذا ما توصّل إليه بحث جديد.
وقالت كبيرة الباحثين في الدراسة الدكتورة فيفي بو، زميلة أبحاث رئيسية بالإحصاء وعلم الأوبئة في جامعة كوليدج لندن، لـCNN: "تشير دراستنا إلى أنّ الصحة العقلية للناس ورفاهيتهم قد تتقلب مع مرور الوقت خلال النهار. في المتوسط، يبدو أن الناس يشعرون بالتحسّن في وقت مبكر من النهار ويكونون أسوأ في وقت متأخر من الليل".
ولمعرفة كيفية "مد وجزر" الصحة العقلية والرفاهية، قام الباحثون في جامعة كوليدج لندن بتحليل بيانات 49218 شخصًا استُطلعت آراؤهم أكثر من 12 مرة بين مارس/ آذار 2020 ومارس/ آذار 2022، وفق الدراسة المنشورة في مجلة BMJ Mental Health.
ورأت بو أنّ البيانات أظهرت اتجاها لدى الأشخاص الذين أبلغوا عمومًا عن تحسّن الصحة العقلية والرفاهية في وقت مبكر من اليوم، مع أعراض اكتئاب أقل حدة، وزيادة السعادة والرضا عن الحياة، والشعور بقيمة الذات.
محدودية البحث
أضافت بو أنه من المهم أن نلاحظ أنه رغم وجود علاقة ارتباط، لا يستطيع الباحثون التأكيد أن هذا الوقت من النهار أدّى إلى تحسّن الصحة العقلية والرفاهية عند الناس.
وقالت: "الوقت من النهار قد يؤثر على صحة الناس العقلية ورفاهيتهم، لكن حالة الناس العقلية يمكن أن تؤثر أيضًا عندما يختارون الاستجابة للاستطلاع. رغم أنّ النتائج التي توصّلنا إليها مثيرة للاهتمام، إلا أنه يجب إعادة الاستطلاع في دراسات أخرى تتناول هذا الاحتمال بشكل متكامل".
وقالت الدكتورة باميلا روتليدج، مديرة مركز أبحاث علم النفس الإعلامي، وأستاذة فخرية بعلم النفس الإعلامي في جامعة فيلدنغ للدراسات العليا بسانتا باربرا، كاليفورنيا، إن الصحة العقلية والرفاهية قد تحتاجان إلى دراسة كل منهما على نحو منفصل.
وأضافت: "الصحة العقلية والرفاهية بنيتان متداخلتان لكنهما مختلفتان. فالصحة العقلية جزء مهم من الرفاهية، لكنّ الرفاهية أكثر من مجرد صحة عقلية".
فبحسب منظمة الصحة العالمية، الرفاهية حالة إيجابية تحدّدها الظروف الاجتماعية والاقتصادية والبيئية التي تشمل جودة الحياة، والشعور بالمعنى والهدف.
وقالت روتليدج إنه من المنطقي أن تكون الصحة العقلية والرفاهية في محور هذه الدراسة، إذ أن الدراسات السابقة نظرت في الغالب إلى الارتباطات بالمزاج.
وأضافت: "المزاج حالة عاطفية مؤقتة، في حين أن الصحة العقلية والرفاهية أشمل، وأكثر استقرارًا، تتضمن التقييمات العاطفية والنفسية والمعرفية".
عندما تكون الموارد متاحة
إن معرفة كيفية تقلّب الصحة العقلية والرفاهية قد يعطي نظرة جديدة حول كيفية توفير الموارد.
وقالت بو لـCNN: "قد تفكر خدمات دعم الصحة العقلية بتعديل الموارد لتتناسب مع الاحتياجات المتقلبة على مدار اليوم، مثل إعطاء الأولوية للتوافر في وقت متأخر من الليل".
وتؤكد هذه الدراسة الأخيرة ما توصلت إليه الأبحاث السابقة حقيقة، وفق روتليدج، إذ "أن الطلب على التدخلات والرعاية، لا سيما بين الشباب، يرتفع في المساء وموسميًا، متأثرًا بدرجات الحرارة، وطول النهار، والاختلافات الثقافية والإقليمية والفردية".
مواجهة الصعوبات عندما يناسبك ذلك
هل يُظهر البحث أنه من الأفضل الذهاب إلى السرير والتعامل مع الأمور الصعبة عاطفيًا في الصباح؟
أوضحت روتليدج أن البحث متضارب، لكن معظم الأدلة تشير إلى أن الوقت المتأخر من الصباح هو الأفضل لهذا النوع من الحلول للمشاكل.
وأضافت: "تشير الأبحاث إلى أنّ الحالة المزاجية تكون مستقرة نسبياً في وقت متأخر من الصباح، ما يجعل من السهل التعامل مع المواضيع الصعبة بعقل متزن ومسافة عاطفية".
وعن فترة ما بعد الظهر، لفتت إلى أن مستويات الكورتيزول، هرمون التوتر، تكون أدنى، لكن هذا الانخفاض يقابله بحث يظهر أن تغير المزاج والصعوبة باتخاذ القرار يبدأ في ذلك الوقت من اليوم تقريبًا.
وتابعت أن "المساء المبكر ربما يكون الوقت الأمثل للمعالجة العاطفية الشخصية، مثل كتابة اليوميات والتفكير، بمجرد استعادة التوازن العاطفي"، لافتة إلى أنه "قد يكون هذا أيضًا وقتًا مناسبًا للاستماع التعاطفي عوض إجراء تلك المحادثات الصعبة".
في حين أن هناك تغيرات فسيولوجية على مدار اليوم قد تؤثر على كيفية التعامل مع الأمور، إلا أن هناك ارتباطات أكبر بين الصحة العقلية والرفاهية والوقت من السنة، بحسب روتليدج، التي أضافت أن التوتر، والاستقلالية، والدعم الاجتماعي، والظروف البيئية، جميعها لها تأثير على الحالة المزاجية أيضًا.
ولفتت بو، إلى انه في حال لم تكن شخصًا صباحيًا، فإن هذا البحث لا يعني أنه يجب عليك إعادة ترتيب حياتك.
وقالت: "قد تختلف تجربتك الشخصية. إذا كنت شخص ليلي وتشعر بأنك في قمة لياقتك عند منتصف الليل، فلا داعي للذعر".
0 تعليق