في كل عصر، تظهر اختراعات جديدة تثير الدهشة، ثم لا تلبث أن تصبح جزءاً من الماضي، متجاوزة بما هو أحدث وأكثر تطوراً، فقبل سنوات كان جهاز الكاسيت والفاكس والهاتف ذو القرص الدوار من رموز التكنولوجيا المتقدمة، واليوم لم يعد لها مكان في حياتنا اليومية، بعد أن حلت محلها الهواتف الذكية والتقنيات الرقمية.
التطور مستمر، يغير الأدوات ويعيد تشكيل أسلوب حياتنا، لكن الغريب أن بعض السلوكيات السلبية لاتزال صامدة، كأنها ترفض الاختفاء مثل تلك الأجهزة القديمة.
في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، ومع اعتدال الجو، قررت الخروج إلى الحديقة العامة القريبة من منزلي، والتي طالما كانت وجهة جميلة، بمساحاتها الخضراء وتنوعت النباتات فيها وألعابها المناسبة للأطفال، إلى جانب احتوائها على مساحات وأجهزة لممارسة الرياضية.
لكن هذه المرة لم يكن المشهد كما توقعته؛ وجدت مجموعة من الأطفال يعبثون بكل شيء حولهم، يكسرون الألعاب، يقتلعون أوراق الأشجار، ويصرخون بلا أي ضابط، فيما يجلس ذووهم على مقاعدهم وكأن الأمر لا يعنيهم، لا توجيه ولا تدخل ولا حتى تعبير عن رفضهم لما يحدث.
المفارقة أن البلدية فرضت رسوم دخول على الحديقة، على أمل أن ينعكس ذلك إيجابياً على سلوك الزوار، لكن يبدو أن بعضهم مازال يعتقد أن دفع الرسوم يمنحه الحق في التصرف كما يحلو له، حتى لو كان ذلك يعني تشويه المكان وإفساد متعة الآخرين.
هذا المشهد جعلني أتساءل؛ لماذا تتطور التكنولوجيا بسرعة، بينما تظل بعض التصرفات عالقة في الماضي؟ لماذا نواكب كل جديد في الأجهزة، لكننا لا نواكب ما يجب أن يتغير في سلوكنا؟ المسؤولية هنا ليست على الجهات الرسمية فقط، بل تبدأ من المنزل، من التربية، من تعليم الأطفال احترام الأماكن العامة ومعرفة حدود تصرفاتهم، فلا يمكن أن نطالب ببيئة نظيفة ومنظمة إذا كنا لا نمارس ذلك بأنفسنا أو لا نعلمه لأبنائنا.
الإجراءات الرسمية مثل فرض الرسوم وتعيين الحراس قد تردع البعض، لكنها ليست حلاً جذرياً؛ الحل الحقيقي يبدأ عندما يصبح الاحترام ثقافة، وعندما يعي كل فرد أنه مسؤول عن تصرفاته وأثره في المجتمع.
وكما اختفت أجهزة التسجيل وأصبحت مجرد ذكرى، لعلنا نصل إلى يوم تختفي فيه مثل هذه الممارسات التي لا تليق بمجتمع يسير نحو التقدم والتطور.
إضاءة
جهود كبيرة بذلتها الدفاع المدني في حادث انهيار المبنى في منطقة عراد قبل أيام، وهي جهود جبارة تؤكد الجاهزة والقدرة على التعامل مع أية حالة طارئة.
فتحيّة لكل كوادر الدفاع المدني؛ العين الساهرة على أمن وأمان الوطن والمواطن.
0 تعليق