عبّرت الممثلة الشهيرة سكارليت جوهانسون في مقابلة تلفزيونية عن إعجابها بالذكاء الاصطناعي واعتمادها عليه لاقتراح أماكن في آيسلندا، حيث زارت كهوف الجليد المدهشة، وفي إيطاليا، حيث استمتعت بقرى ساحلية خفية بعيداً عن المناطق المزدحمة. والقيام بجولات افتراضية كما أشادت باستخدامها لتقنيات الترجمة الفورية التي ساعدتها على التواصل مع السكان المحليين. سكارليت وصفت الذكاء الاصطناعي بأنه "دليل سياحي شخصي" جعل رحلاتها أكثر ثراءً وابتكاراً. والسؤال.. ما تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تسهم في المزيد من الترويج للمملكة لكي تصبح وجهة عالمية وخليجية مميزة؟
تسعى حكومة مملكة البحرين إلى تعزيز قطاع السياحة من خلال تبنّي التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي، وذلك عبر عدة مبادرات استراتيجية تهدف إلى تحسين استضافة السائحين على أرض المملكة وتعزيز مكانة المملكة كوجهة سياحية رائدة. عبر دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف الخدمات الحكومية، بما في ذلك القطاع السياحي، بهدف تحسين الكفاءة وتقديم خدمات مبتكرة للزوار في إطار التماشي مع المعايير الدولية المتعلقة بالخصوصية والأمان والامتثال الأخلاقي.
كما نال تطوير البنية التحتية الرقمية اهتماماً كبيراً من الحكومة، مما أسهم في تقديم خدمات متقدّمة، جعلت البحرين تحتل المرتبة 18 عالمياً في مؤشر الحكومة الإلكترونية، والأولى عالمياً في مؤشر تبنّي التكنولوجيا ضمن الخدمات الرقمية، مما يعكس التزامها بالتحول الرقمي في مختلف القطاعات، بما في ذلك السياحة.
تتعدد تطبيقات الذكاء الاصطناعي في القطاع السياحي والتي تبدأ بتحليل البيانات السياحية وسلوكيات المسافرين، وحصر الفئات المستهدفة مروراً بتوظيف تقنيات تعلّم الآلة في تقديم تجارب تلبّي احتياجات السائحين مثل توصيات فورية خاصة بالسياحة الأثرية، أو جزر حوار، أو السياحة التجارية أو الحرف اليدوية. كما يمكن إنشاء محتوى تسويقي عالي الجودة يستهدف السياح من الأسواق المختلفة يكون مزوداً بالترجمة المناسبة للغة كل منطقة مع استخدام روبوتات المحادثة "Chatbots" للإجابة على استفسارات السياح.
كما تمثل تقنيات الواقع الافتراضي "VR" والواقع المعزّز "AR" أدوات فعّالة سياحية حيث تقدّم جولات افتراضية في المواقع الأثرية مثل متحف البحرين الوطني أو سوق المنامة القديم أو قلعة عراد، مما يمنح الزائرين فكرة مسبقة تشجعهم على زيارة هذه الوجهات فعلياً. بجانب إدارة المواقع السياحية بشكل ذكي لتوقع أعداد الزوار وإدارة الوفود وتوزيعهم.
بجانب تحليلات البيانات الضخمة "Big Data Analytics" المتصلة بالسفر والسياحة لتحديد الأسواق المستهدفة بناءً على تحليل بيانات الزوار خاصة من دول الخليج أو أوروبا واستخدام أدوات مثل "Google Ads AI"، أو "Meta AI" لتصميم حملات تسويقية فعّالة عبر الإنترنت. وتوظيف أنظمة الحجز الذكية وقياس رضا العملاء من خلال تحليل تقييمات الزوار على منصات مثل "TripAdvisor" وتحسين الخدمات السياحية بناءً على ملاحظاتهم. مما يساعد على تحسين جودة الخدمات.
إن التجارب العالمية في هذا المجال تقدّم نماذج إيجابية مشجعة على الاستمرار في توظيف هذه التقنيات في القطاع السياحي، منها ما أطلقته مدينة دبي مبادرات مثل "دبي الذكية" التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات الزوار وتقديم توصيات مخصّصة حول الأماكن السياحية والفنادق. وكذلك تطبيق "Visit Dubai" يُقدّم تجارب مخصّصة للسياح بناءً على تفضيلاتهم، واستخدمت الروبوتات في المطارات والفنادق للإجابة عن الاستفسارات.
استخدمت كذلك مدينة برشلونة الإسبانية واليابان روبوتات الاستقبال في الفنادق والترجمة الفورية الصوتية مثل "Pocketalk" التي تُساعد السياح على التواصل مع السكان المحليين، وتقديم روبوتات إرشادية في المواقع السياحية. واستخدمت الولايات المتحدة في لاس فيغاس تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل سلوك الزوار وتخصيص الحملات التسويقية، وتقديم جولات افتراضية في المدينة، واستخدمته الصين في المواقع السياحية الكبرى مثل المدينة المحرمة في بكين لتقديم معلومات تفاعلية عن التاريخ والثقافة وتطبيقات التعرف على الوجه لتسهيل عملية الدخول إلى المواقع، واستخدمته أستراليا في تقديم توصيات بالأنشطة والمطاعم بناءً على الطقس والموقع، ووظفتها فرنسا في اقتراح الوجهات السياحية، والتجول الافتراضي في برج إيفل ومتحف اللوفر وقصر فرساي.
تمتلك البحرين قيماً مضافة تسهم في المزيد من الترويج السياحي، لعل أهمها ما تتمتع به المملكة من أمن وأمان للزائرين واستقرار سياسي واجتماعي وانفتاح اقتصادي ومجمعات تجارية كبري في كل محافظاتها، وجميعها تُسهم في تعزيز مكانتها كوجهة عالمية، خاصة إذا تم دمج الذكاء الاصطناعي مع الحضارة والآثار والثقافة والفنون البحرينية في الحملات الترويجية، وهو ما يُسهم في زيادة الإيرادات السياحية والوصول للسياحة الخضراء التي يمكن أن تصبح نقطة تميّز للبحرين في المستقبل.
0 تعليق