في هذا اليوم، تُضاء قناديل الذاكرة، وتُبعث اللحظات المنسية من رماد الزمن. إنه تذكير بأن الحب هو القوة الوحيدة القادرة على اختراق الزمن، وإعادة تشكيل الواقع كما يتخيله العاشق. فالحب لا يعترف بالحدود ولا يخضع للمنطق، بل يسير وفق قانون الأبدية، حيث تتحرر الأرواح من سجن الجسد لتلتقي في عوالم لا تُدرك إلا بالحدس.
ليس الحب احتياجًا أو تملُّكًا، بل هو تجاوز للذات. هو قرار بالانفتاح على الآخر، وتقبل ضعفه وقوته، واحتضان خوفه وأمانه. إنه رحلة نحو العمق الإنساني، حيث يكمن المعنى الحقيقي للوجود. في الحب، نحن لا نبحث عن انعكاس ذواتنا، بل نسعى لاكتشاف عوالم لم نكن لنراها إلا من خلال عيون من نحب.
وفي عيد الحب، يصبح الاعتراف بالحاجة إلى الآخر قمة القوة، ويصبح التعبير عن الشوق لحظة من الشفافية المطلقة. إنه اليوم الذي تُكسر فيه أقنعة القوة الزائفة، وتُفتح فيه القلوب على اتساعها لتستقبل نور الحقيقة. هنا، تتحول الكلمة إلى جسر، والنظرة إلى اعتراف، واللمسة إلى وعدٍ بالأبدية.
عيد الحب ليس مناسبة للاحتفال بالحب فحسب، بل هو تأمل في جوهره. إنه فرصة لنسأل أنفسنا: هل نحن قادرون على الحب بمعناه العميق؟ هل نملك شجاعة الانكشاف أمام من نحب دون خوف من الهشاشة؟ هل نستطيع أن نحب لذات الحب، دون قيد أو شرط؟
في هذا اليوم، لا نبحث عن الكمال، بل نقبل بالنقصان الذي يجعلنا بشرًا. فالحب هو أن نرى الجمال في الضعف، والكمال في العيوب، وأن ندرك أن الاكتمال ليس إلا وهمًا، وأن الحقيقة الوحيدة تكمن في هذا الشعور الذي لا يُفسَّر، لكنه يُعاش.
عيد الحب هو احتفاء بالحقيقة الأزلية التي تقول إن الحب هو المعنى، وهو الغاية، وهو البداية والنهاية. هو الاحتفاء بذلك السر الذي يجعل للحياة طعمًا وللزمن معنى، ويحول اللحظات العابرة إلى خلود.
0 تعليق