إيصال الغاز إلى المنازل مشروع إستراتيجي يتطلب خطوات مدروسة بحذر

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
عمان- بينما أكدت وزارة الطاقة والثروة المعدنية أمس أنها ما زالت في مرحلة دراسة إيصال الغاز الطبيعي إلى المنازل في عمان والزرقاء والتفاوض، أجمع خبراء على "إستراتيجية" هذا المشروع، لكن آراءهم اختلفت حول جدواه في الوقت الحالي.اضافة اعلان
ويؤكد خبراء أن تنفيذ هذا المشروع الضخم يتطلب إنشاء بنية تحتية ضخمة ولذلك فإن الأمر يتطلب ضمان إنتاج كميات كبيرة من الغاز تكون كفيلة بتغطية معظم الاستهلاك المحلي لتتواءم أيضا مع تغطية كلف إنشاء المشروع وتشغيله.
بالإضافة إلى ذلك فإن الطبيعة الجغرافية الجبلية لمعظم المناطق المأهولة، وغياب البنية التحتية اللازمة لمد شبكات الغاز في المدن القائمة، تشكلان تحديا إضافيا.
وكان مجلس الوزراء وجه وزارة الطّاقة والثّروة المعدنيّة  العام الماضي للسير في إجراءات التفاوض لتنفيذ مشروع إنشاء شبكات توزيع الغاز الطّبيعي في مدينتيّ عمّان والزرقاء.
ويستورد الأردن الغاز الطبيعي حاليا من مصادر أبرزها الاحتلال الإسرائيلي أو ما يطلق عليه رسميا "غاز الشمال" وبعض الكميات من مصر بالإضافة إلى كميات تستورد بحرا، في وقت تقدر فيه الحاجة اليومية بنحو 340 مليون قدم مكعب غالبيتها لأغراض توليد الكهرباء.
وتقدر الطاقة الإنتاجية لحقل الريشة بنحو45 مليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، تسعى الشركة إلى زيادة إنتاجه ليصل إلى 50 مليون قدم مكعب عام 2025 و200 مليون قدم مكعب في عام 2030.
ويشار إلى أن حجم الاحتياطي من الغاز الطبيعي في جوف الأرض وقبل البدء بعمليات الحفر والتأهيل في المتوسط يقدر بـ11.990 ترليون قدم مكعب، بمعامل استخراج نسبته 39 %، وبالتالي تبلغ الكميات المتوقعة مبدئيا والقابلة للاستخراج منه 4.675 ترليون قدم مكعب.
وفقا لشركة البترول الوطنية فإنها تتبع خطة لتطوير الحقل لزيادة قدراته الإنتاجية التي وصلت لـ45 مليون قدم مكعب يوميا، يستغل قسم منها بمحطة الريشة للطاقة الكهربائية.
وخطة عمل الشركة للسنوات 2024 - 2029 تستهدف حفر 70 بئراً منها 26 بئراً تطويرية لإنتاج 150 مليون قدم مكعب في اليوم الواحد العام 2029.
تعزيز أمن الطاقة
وقال المدير العام الأسبق لشركة الكهرباء الوطنية م.عبدالفتاح الدرادكة: "مشروع تمديد شبكة الغاز للمنازل والمنشآت في الأردن يعد خطوة إستراتيجية نحو تعزيز أمن الطاقة، وتقليل كلف نقل الغاز وضمان استمرارية التوزيع".
وأضاف، "مع ذلك، فإن هذا المشروع يواجه تحديات رئيسة تتعلق بمحدودية الغاز المنتج محليًا، والاعتماد على الغاز المستورد، بالإضافة إلى الطبيعة الجغرافية الجبلية لمعظم المناطق المأهولة، وغياب البنية التحتية اللازمة لمد شبكات الغاز في المدن القائمة".
وبين أن الأردن حاليا يعتمد الأردن بشكل أساسي على واردات الغاز الطبيعي، بينما الإنتاج المحلي يتركز في حقل الريشة، كما أنه رغم الجهود المستمرة لتعزيز الإنتاج المحلي، ما يزال الاحتياطي غير مثبت كمصدر طويل الأمد يمكن الاعتماد عليه بشكل كامل لتمديد شبكة الغاز.
وقال، "بالتالي، فإن نجاح المشروع يتطلب تأكيدا على وجود احتياطي لغاز مستدام قادر على تلبية الطلب المحلي على المدى الطويل".
ولفت إلى أنه من المعروف أن الأردن يعتمد بشكل كبير على الغاز المستورد مما يجعله عرضة للتقلبات السياسية والاضطرابات الإقليمية، لذا فإن التوسع في شبكة الغاز دون وجود مصدر محلي مؤكد يزيد من مخاطر الاعتماد على مصدر خارجي غير مستقر.
وقال "تشكل الجغرافيا الجبلية للأردن تحديًا هندسيًا لمد شبكات الغاز، حيث تتطلب أنفاقًا وحفريات عميقة، مما يزيد من التكاليف ويعقد عمليات التنفيذ كما أن المدن الحالية غير مجهزة بالبنية التحتية الملائمة لهذا النوع من المشاريع، مما يزيد من صعوبة التنفيذ مقارنة بالمدن المخططة حديثًا".
وأوضح أن العاصمة الجديدة تمثل فرصة مثالية لدمج شبكة الغاز ضمن البنية التحتية منذ البداية، مما يسهل عملية التخطيط والتنفيذ، ويقلل من التكاليف مقارنة بمحاولة مد الشبكات داخل المدن القائمة كما أن موقعها بالقرب من خط الغاز العربي يعزز إمكانية تزويدها بالغاز بكفاءة أكبر.
ولفت إلى أن العقبة تمثل خيارًا جيدًا نظرًا لموقعها الجغرافي، ووجود بنية تحتية أفضل نسبيًا مقارنة ببقية أنحاء المملكة، كما أن طبيعة التضاريس في العقبة أقل تحديًا من المدن الداخلية، مما يسهل تنفيذ المشروع علاوة على ذلك، يمكن أن تستفيد العقبة من قربها من ميناء الغاز المسال، مما يسهل عملية التزود بالغاز وتخزينه.
وقال المدير العام الأسبق لشركة الكهرباء الوطنية د. أحمد حياصات: "هذه التجربة لن تكون الأولى من نوعها فهي مطبقة عالميا وعلى نطاق واسع في الكثير من الدول".
وبين حياصات أن التكنولوجيا الحديثة أصبحت تتيح  إنشاء هذه الشبكات بين المنازل والأحياء مع توفير كل عناصر الأمان والسلامة التي تقدمها الشركات المتخصصة.
وأشار حياصات إلى أن تنفيذ مثل هذا النوع من المشاريع تأخر، إذ كان يتم الحديث عنه منذ سنين طويلة، والآن أصبح ضرورة لما يمكن أن يحققه من وفر في كلف الغاز التي يتحملها المستهلكون بالنظر لأسعار الأسطوانات المنزلية.
إمكانيات فنية
من جهته، قال الباحث في شؤون الطاقة عامر الشوبكي: " إن تنفيذ شبكة الغاز الطبيعي في الأردن ممكن فنيا إلى حد كبير" مبينا أن عقبة المناطق القديمة والمكتظة يمكن تجاوزها باستخدام التقنيات الحديثة، بل إن الجدوى الاقتصادية في هذه المناطق قد تكون أعلى منها المناطق الأخرى.
وبين الشوبكي أن إمكانية التنفيذ مع مراعاة المعايير والمقاييس العالمية للأمان وجودة التنفيذ، متاحة للحصول على أفضل نتيجة ممكنة، كما أن التمديدات في المنازل القائمة ممكنة مع وجود فتحات التهويات في هذه المباني ما يتيح إمكانية تركيب الأنابيب خارجيا، فيما سيكون من السهل أيضا التخطيط لها ضمن المباني الجديدة.
وجدد الشوبكي تأكيده على ضرورة مراعاة المعايير المتبعة عالميا في مثل هذه الشبكات، فعلى سبيل المثال تجب مراعاة أن تكون هذه الأنابيب بعيدة عن خطوط الكهرباء.
وقال وزير تطوير القطاع العام الأسبق د. ماهر مدادحة:  "إن المشروع رغم بعض المحددات الفنية والمالية المرتبطة به قابل للتنفيذ غير أن ذلك يحتاح إلى فترة زمنية قد تكون طويلة".
وأشار إلى أن المشروع يحتاج أيضا إلى تأمين مصدر للتمويل نتيجة العمل على بنية تحتية كبيرة لإيصال الغاز إلى كافة المستخدمين، إلى جانب توفير تكنولوجيا تتيح إيصال هذا الغاز من مصادره إلى مناطق الاستخدام بسهولة وأمان، مبينا أنه يمكن تنفيذ المشروع على مراحل بحيث يبدأ من مناطق محددة يتوسع منها لأخرى.
وأوضح أنه يمكن البدء في المناطق والمباني الجديدة بحيث تتضمن اشتراطات البناء والتطوير فيها وجود بنية تحتية لشبكات الغاز مع ضرورة تأمين مصدر مستدام للغاز الذي سيزود المشروع.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق