تُعد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة «SMEs» ركيزة أساسية في اقتصاد أي دولة، ومملكة البحرين ليست استثناءً. تمثل هذه المؤسسات نسبة كبيرة من النسيج الاقتصادي البحريني، وتسهم بشكل فعّال في دعم النمو الاقتصادي والمساهمة في تحقيق التنويع الاقتصادي الذي تسعى إليه المملكة. في ظل التحديات الاقتصادية العالمية والمحلية، تبرز أهمية هذه المؤسسات كأداة لتعزيز الاستقرار الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة.تشكّل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في البحرين ما يزيد عن 90% من إجمالي المؤسسات العاملة في المملكة وبنمو بلغ 8.6% وفقاً لآخر الإحصائيات. هذه المؤسسات لا توفر فرص عمل للبحرينيين فحسب، بل تُسهم أيضاً في تعزيز الإنتاج المحلي وزيادة الصادرات غير النفطية. وبما أن البحرين تسعى إلى تقليل اعتمادها على النفط كأحد أهداف رؤيتها الاقتصادية 2030، فإن هذه المؤسسات تلعب دوراً محورياً في تحقيق هذا الهدف. توفّر المؤسسات الصغيرة والمتوسطة فرص عمل للشباب البحريني، مما يساعد على تقليل معدلات البطالة وتعزيز الاستقرار الاجتماعي. هذه المؤسسات غالباً ما تكون أكثر مرونة في التوظيف مقارنة بالشركات الكبيرة، مما يجعلها قادرة على استيعاب عدد أكبر من الموظفين.كما تمتلك المؤسسات الصغيرة والمتوسطة القدرة على الابتكار والتكيّف مع التغيرات السريعة في السوق. هذا الابتكار يُسهم في تطوير منتجات وخدمات جديدة، مما يعزّز التنافسية الاقتصادية للبحرين على المستوى الإقليمي والدولي.من خلال دعم قطاعات مثل التصنيع، والسياحة، والتكنولوجيا، والخدمات المالية، تُسهم هذه المؤسسات في تقليل الاعتماد على النفط وتعزيز قطاعات اقتصادية أخرى. وهذا يتوافق مع أهداف رؤية البحرين الاقتصادية 2030 التي تهدف إلى بناء اقتصاد متنوع ومستدام.إلا أن هذه المؤسسات لاتزال تواجه عدداً من التحديات من أبرزها صعوبة في الحصول على التمويل الكافي لبدء النشاط أو التوسّع. فغالباً ما تفرض البنوك شروطاً صارمة على منح القروض. كما تشكّل المنافسة الشديدة، سواء من الشركات الكبرى أو من المنتجات المستوردة، تحدياً آخر يحد من قدرتها على التوسع والنمو. إلى جانب ذلك، تعاني بعض المؤسسات من نقص في البنية التحتية التكنولوجية اللازمة لتعزيز كفاءتها وقدرتها وأيضاً تفتقر للمعلومات اللازمة على المنافسة في السوق العالمية.ويواجه روّاد الأعمال أيضاً تحديات تتعلّق بالإجراءات التنظيمية والتراخيص فضلاً عن التحديات التشغيلية اليومية، بالإضافة إلى الحاجة إلى تطوير المهارات الإدارية والتقنية لمواكبة التطورات المتسارعة في الأسواق.برنامج «تمكين» هو أحد المبادرات الحكومية الرائدة التي تهدف إلى تعزيز دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد الوطني. يتمثل دور «تمكين» في توفير البيئة المناسبة لنمو هذه المؤسسات وتمكينها من المنافسة محلياً وإقليمياً. ومن أبرز أدوار البرنامج توفير قروض ميسّرة ومِنَح للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، مما يساعدها على بدء نشاطها أو توسيعه. كما يعمل البرنامج على تسهيل الوصول إلى التمويل من خلال الشراكات مع البنوك والمؤسسات المالية.كما يقدّم البرنامج خدمات استشارية متخصّصة في مجالات مثل التسويق، والإدارة المالية، والتخطيط الاستراتيجي. بالإضافة إلى ذلك، يوفّر «تمكين» برامج تدريبية لروّاد الأعمال لتعزيز مهاراتهم وتمكينهم من إدارة أعمالهم بكفاءة، وغيرها من الخدمات الكثيرة والمتنوعة التي يقدّمها تمكين لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي ساهمت بشكل كبير في نجاح هذه المؤسسات والقيام بدورها في دعم التنمية والاقتصاد.المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في مملكة البحرين ليست فقط جزءاً من الاقتصاد، بل هي محرك رئيس للنمو والتنويع الاقتصادي. من خلال دعم هذه المؤسسات، يُمكن للبحرين تحقيق أهدافها الاقتصادية الطموحة وتعزيز مكانتها كمركز اقتصادي إقليمي. يتطلّب ذلك جهوداً متضافرة من الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع لضمان أن تتمكّن هذه المؤسسات من الازدهار والمساهمة بشكل أكبر نحو بناء اقتصاد مستدام ومتنوّع.
المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في البحرين: محركات التنويع الاقتصادي ودعامة الرؤية 2030

المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في البحرين: محركات التنويع الاقتصادي ودعامة الرؤية 2030
0 تعليق