يطلق على مرحلة الأربعين محطة الاشتداد والاستقامة والسكون والركون، وهي بمجملها تعكس النضج للخبرات والتجارب الحياتية لنقف ونسأل أنفسنا ما الذي مضى وما هو القادم؟ وهي مؤشرات تعطينا تنبيهات بعدم تكرار إخفاقات الماضي والسعي لتجويد حياتنا الصحية النفسية والجسدية والدينية والفكرية والاجتماعية استنادا لفلسفة المراجعة المرحلية المتكررة، لتصبح هي القاعدة الأساسية التي نعيش ونحيا بموجبها.
مرحلة الخمسين هي المرحلة الإمبراطورية الأكثر تأملا للإنجازات والإخفاقات، والبحث عن الاستقرار النفسي وتحقيق الذات وبناء العلاقات العميقة، والرغبة في نقل الخبرات وتقبل مجريات الأحداث الأسرية الحاصلة من استقلال الأبناء والبنات وخروجهم عن الحماية الوالدية وانشغالهم بأنفسهم ومستقبلهم وحياتهم الخاصة.
مرحلة الستين هي فترة الضخ المعرفي للمستويين الفكري والنفسي، والتي تتمثل في الحكمة المرسلة من صاحب وصاحبة الستين لترجمة معنى الاستقرار العاطفي والرضا الذاتي والتحرر من الضغوط الاجتماعية العامة الملزمة واحتضان حياة الأسرة والعائلة الخاصة، وتقبل التغيير والقدرة على الاستمتاع بالوقت الحاضر، كما أن البصيرة العميقة لها دور بارز في هذه المرحلة، ناهيك عن قدرة التعلم المستمر وارتقاء الجانب الإبداعي والفكري والتركيز على القيم الجوهرية لمن يعي بالتعامل مع هذه المرحلة بإيجابية.
مرحلة السبعين هي فترة الاطمئنان والأمان والتربع على العرش المعرفي لإفادة الأجيال الأصغر سنا مع الرغبة في متابعة النواحي الثقافية أينما وجدت، وتنويع جوانب تلقي الفكر المختلف، وبالمجمل تعد السبعين مرحلة للتصالح مع الذات، لكنها تحتاج إلى دعم اجتماعي ونشاط فكري متتابع للحفاظ على رونق المرحلة وجودة الرفاهية المعنوية لها.
مرحلة الثمانين هي مرحلة الرضا والسكينة والزهد التي يخالجها الكثير من ذكريات العودة للماضي والحنين للذكريات المصاحبة التي يرونها وكأنها الوقود الداعم لما تبقى من الحياة، وفي هذه المرحلة يشعر أصحابها بالكثير من التوازن والاتزان النفسي والمعنوي والاستعداد لما بعدها من مرحلة، حيث يشتد لدى البعض من أصحاب هذه المرحلة نزعة التمسك بالجوانب الروحانية والتعمق في الإيمانيات الوجدانية.
مرحلة التسعين والمئة من العمر هي مرحلتا النقاء والوفاء والسلام والهدوء النفسي والجسدي، حيث تشير دراسات علم نفس الشيخوخة إلى أن الشيخوخة الصحية الناجحة تعني تأخر حدوث التأثيرات السلبية لكبار السن إذا تم تأسيس الوعي الذاتي المسبق، وذلك باتباع نظام صحي في الأساس مع تجنب التدخين والانتظام في ممارسة الرياضة وممارسة الأنشطة الذهنية التي تحافظ على العمليات العقلية العليا كالتفكير والإدراك والتذكر.
همسة خاصة.. صحيح أن الأعمار بيد الله؛ ولكن الإنسان على نفسه بصيرا.
Yos123Omar@
0 تعليق