جمال اللحظة في الانعتاق..

صحيفة عمان 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يكمن جمال اللحظة في قدرتها على الانفلات من قيود الزمن، في كونها شرارة خاطفة تضيء عمق الوجود ثم تختفي دون أن تترك خلفها أثرًا..

نحن نلهث وراء اللحظات كأننا نحاول احتواء ما لا يُحتَوى، بينما هي تمر دون اكتراث بقلقنا واهتمامنا المفرط..

اللحظة لا تحتاج لأن تُسجل أو تُفسر، بل أن تُعاش بكل تبايناتها،، بألمها وفرحها،، برقتها وقسوتها..

يكمن جمالها في كونها الحاضر الذي لا يعرف الانتظار، وفي كونها الحقيقة الوحيدة وسط دوامات الماضي والمستقبل..

كل لحظة تمضي تحمل معها درسًا خفيًا،، وربما يكون أكثرها جمالًا أنها دائمًا تتلاشى، تاركة وراءها شعورًا بأننا على وشك فهم شيء أعمق مما نراه.

لكن التعلق باللحظات هو ما يحاصر أرواحنا ويجعلنا أسرى لتلك الشرارات العابرة...

نحن نتمسك بلحظة مضت كأننا نحاول إحياءها مرة أخرى، نبحث في تفاصيلها عن راحة أو معنى قد لا يكون موجودًا سوى في ذاكرتنا..

التعلق باللحظة هو رغبتنا اليائسة في إيقاف الزمن، في تجميد الحاضر ليبقى كما نريده، متجاهلين أن جمال اللحظات يكمن في عابرية وجودها، وفي تحررها من قيود الدوام..

لكن، هل يمكن للحظة أن تكون أكثر من مجرد ومضة؟ أليس التعلق هو ما يمنحها طابعًا أزليًا في داخلنا؟ ربما نتمسك بها لأننا نخشى الفقد،، نخشى أن لا تأتي لحظات أخرى بجمالها..

ومع ذلك، في تعلقنا ننسى أن الحياة تدور، وأن اللحظة مهما كانت عظيمة أو مؤلمة، ليست إلا جزءا من تيار لا ينقطع..

وأن جمال اللحظات ليس في التعلق بها، بل في قدرتنا على الاستمتاع بها كما هي، والقبول بأنها جزء من رحلة مستمرة نحو الأفضل..

اللحظة التي نتعلق بها قد تكون بذرة لشيء أكبر ينتظرنا في المستقبل، والتعلق لا ينبغي أن يكون عبئًا، بل بوابة للامتنان، نتذكر فيه أن كل لحظة نعيشها تحمل في طيّاتها فرصًا جديدة للنمو، للتعلم، وللاستمتاع بما هو قادم.

حين نتعلم كيف نعيش اللحظات دون أن نخشى فقدانها، نجد أنفسنا أكثر تحررًا، أكثر استعدادًا لاستقبال اللحظات القادمة بأذرع مفتوحة وقلب مطمئن، لهذا أن الحياة مليئة باللحظات الجميلة التي تنتظر اكتشافنا لها، وكل لحظة جديدة تحمل إمكانيات لا حدود لها وجمالها يكمن في عيشها بصدق وامتنان، أما عندما نتقبل زوالها، فإننا نفتح الباب أمام لحظات جديدة تضيء طريقنا للأمام..

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق