عمان– مايزال الكثير من الشركات الناشئة في الأردن يعاني من ضعف "إبتكار الفكرة" فيما تعرقل هذه الظاهرة تحول الأفكار إلى مشاريع اقتصادية ناجحة تجذب اهتمام الناس والمستثمرين، بحسب ما يؤكد خبراء.اضافة اعلان
وأكد خبراء أن تحفيز الابتكار في الشركات الناشئة المحلية يتطلب جهدا ووعيا من قبل كل الجهات، الحكومة والقطاع الخاص والجهات الداعمة لريادة الأعمال والجهات المعنية بالتعليم والبحث العلمي فضلا عن وعي مطلوب من الشباب انفسهم.
وبين هؤلاء أن من بين أهم محفزات الإبداع والابتكار هو تطوير النظام التعليمي والانتقال به من الأسلوب التلقيني إلى التعليم الإبداعي والتحفيزي، وعمل الجامعات بجد لتشجيع الشباب على الابتكار، وبناء الخبرات المطلوبة وخصوصا في مجال التقنيات الحديثة، والانفتاح على العالم.
وأشاروا إلى مسؤولية ملقاة على عاتق الحكومة والجهات المعنية بريادة الأعمال وحاضنات الأعمال للعمل بجد على مرحلة الفكرة في ريادة الأعمال ودعمها بشكل أكبر من خلال الإرشاد والتوجيه وتوفير التمويل اللازم لتحفيز الشباب بشكل أكبر للابتكار.
ويأتي ذلك في وقت أظهر فيه التقرير الوطني الأردني للمرصد العالمي لريادة الأعمال عن العامين (2023 و2024)، أن مستوى الابتكار في الشركات الناشئة في الأردن وخصوصا بمراحلها المبكرة منخفض، إذ أوضح التقرير أن اكثر من 80 % من رواد الأعمال في المراحل المبكرة في الأردن، يرون أن منتجاتهم أو خدماتهم ليست جديدة للناس.
وقال التقرير، الذي بني على استبيانات مع الشباب البالغين، إن 73 % من رواد الأعمال يرون أيضا، أن التقنيات التي يستخدمونها ليست جديدة، موضحا، أن النسبتين السابقتين لم تشهدا تحسنا مقارنة بمستواهما المسجل في التقرير السابق عن العام 2019، حيث كانت 73 % و75 % على التوالي، ما يظهر عدم وجود تحسن حقيقي في هذه المؤشرات على مدار السنوات الأربع الماضية، من 2019 وحتى نهاية 2023.
مفهوم الابتكار
أكد الخبير في مجال ريادة الأعمال نضال قناديلو أن مصطلح الابتكار " فضفاض" موضحا أن هذا المفهوم لا يعني بالضرورة الخروج بفكرة غير مسبوقة على الإطلاق تغير وجه السوق.
وبين قناديلو أن الابتكار يمكن أن يأتي ضمن ثلاثة مستويات، أن تخرج بفكرة غير مسبوقة على الإطلاق وتحولها إلى مشروع ريادي ناجح، أو أن تأتي بفكرة موجودة ( تقلد بشكل كامل) وتطوعها لخدمة المجتمع المحلي بطريقة وشكل مبتكر، أو أن تركب وتجمع أكثر من فكرة موجودة وتطوع التقنية للخروج بمنتج أو خدمة غير موجودة في السوق ولكنها تسد حاجة عند الناس.
وبناء عليه، يمكن تعريف الابتكار على أنه "عملية طرح أفكار أو أساليب أو منتجات أو خدمات أو حلول جديدة لها تأثير وقيمة إيجابية، وهو ينطوي على تحويل المفاهيم الإبداعية إلى نتائج ملموسة تعمل على تحسين الكفاءة والفاعلية، أو معالجة الاحتياجات التي لم تلب حتى الآن".
ولا يقتصر الابتكار على التقدم التكنولوجي، بل يشمل أساليب جديدة لحل المشكلات أو العمليات أو الممارسات التنظيمية أو ابتكارات نماذج الأعمال، إذ يتضمن الابتكار في جوهره تحدي الوضع الراهن، والتفكير خارج الصندوق، وخوض المخاطر المحسوبة لدفع التقدم وتحقيق نتائج ايجابية.
إلى ذلك، قال قناديلو " الجمع بين الابتكار وريادة الأعمال يلعب دورا مهما في تطوير الاقتصادات والمجتمعات وتحقيق التنمية الاقتصادية، لان المفهومين يقودان إلى استغلال الفرص والاندفاع لإنتاج منتجات أو خدمات جديدة تسد احتياجات جديدة أو احتياجات حالية بطرقية جديدة".
النظام التعليمي والابتكار
ويرى قناديلو أن محدودية الابتكار في المشاريع الريادية المحلية يرجع إلى النظام التعليمي الأساسي والجامعي والذي يغلب عليه طابع " التلقين" بشكل لا يحفز على الإبداع والتفكير والتطبيق العملي".
الحاجة إلى برامج تدعم مرحلة الفكرة
وأكد قناديلو أن بيئة ريادة الأعمال الأردنية بحاجة اليوم إلى العمل بجد على مرحلة الفكرة وتوجيه وإرشاد الرياديين لكيفيات الخروج بأفكار مبتكرة وهي مسؤولية تقع على عاتق الحكومة والجهات المعنية بريادة الأعمال كحاضنات الأعمال من خلال مشاريع وبرامج تحفز على الابتكار في المشاريع الناشئة.
الخبير في مجال ريادة الأعمال رائد مدانات يرى أنه من الواضح أن الشباب في الأردن ممن يتوجهون إلى ريادة الأعمال " يجدون صعوبة في إيجاد أفكار مبتكرة يبنون عليها شركتهم الناشئة، بشكل تكون فيه هذه الشركات مغرية للمستثمرين حتى يستثمرو فيها".
قلة المهارات والخبرات في التقنية
وقال مدانات "من أسباب هذه المشكلة أن معظم الشباب المقبلين على رحلة الريادة لديهم خبرات ومهارات محدودة في التكنولوجيا المتقدمة والعميقة، وبالتبعية فان معظم أفكارهم هي لتطبيقات او منصات بسيطة المفهوم تعتمد على نسخ فكرة لشركة ناشئة أجنبية وتعريبها ومؤامتها للسوق العربية".
وأشار مدانات إلى أنه من ناحية المبدأ، لا ضرر من هذا التوّجه، ولكن أي شخص آخر بموارد أكبر يمكن أن يؤسس نفس الشركة وبالتالي ستكون المنافسة شديدة.
وأكد أن السبب الآخر هو "قلة خبرة الشباب في قطاع أو صناعة محددة" ولذا فان قدرتهم على تحديد مشكلة حقيقية يعاني منها عدد كبير من شركات القطاع الخاص في هذا القطاع او الصناعة محدودة.
الانفتاح على الثقافات العالمية
ولفت مدانات إلى عامل "التعرض" الذي يكون محدود للكثيرين، موضحا أن غالبية الرياديين ينشؤون ويعيشون في الأردن طوال حياتهم، ونادراً ما يسافرون للخارج للتعرف على ثقافات وأساليب تفكير أخرى، ما يجعل الإبداعات محدودة.
وفي هذا السياق أوضح مدانات أن (محدودية الانفتاح على دول وثقافات أخرى) هو من أهم اسباب محدودية الابتكار، وقال "غالبية الشباب الأردني يدرس في الأردن، وفئة قليلة جدا منهم تستطيع الدراسة في الخارج، وحتى التجمعات الشبابية في الجامعات تكون مرتكزة على التشابه وليس الاختلاف، فجامعاتنا لا تركز على مفهوم التنوع في الطلاب من دول أخرى".
وبين أن هذا التنوع والانفتاح مهم جدا في توسيع مدارك الشباب وزيادة قدرتهم على التفكير بحلول مبتكرة لمشاكل عالمية ليست فقط مقتصرة على الأردن او بعض الدول العربية وبالتالي بناء شركات ناشئة لديها الفرصة للتوسع عالميا.
ويرى مدانات أن الحل الجذري لهذه المشاكل والتحديات التي تحد من الابتكار يكمن في تطوير جامعاتنا الأردنية، لافتا الى انه يمكن معالجة التحديات السابقة بقيام الجامعات بتدريس التكنولوجيا المتطورة بالشكل الصحيح ، وفتح أبوابها للطلاب الأجانب بأعداد كبيرة من خلال المنح الدراسية والتسويق لها في الدول الأخرى.
ويحتل قطاع ريادة الأعمال في الأردن المركز الرابع على مستوى الإقليم، مع وجود حوالي 30 مؤسسة تمويلية وصندوقا استثماريا معنيا بالاستثمار في المشاريع الريادية، ومع وجود أكثر من 40 حاضنة ومسرعة أعمال في المملكة.
وتظهر الأرقام أن الأردن يحتضن 200 شركة ناشئة مسجلة وفقا لدراسات محايدة، فيما تقدر دراسات أخرى أن عدد الشركات الريادية في الأردن يتجاوز 400 شركة معظمها تقنية، أو تطوع التقنية لخدمة القطاعات الأخرى.
الابتكار يبني شركة ناشئة مستدامة
قال الريادي الأردني أحمد فريد آل سيف مؤسس شركة "الفريدو بوكس" إن "الابتكار" هو مفهوم عام يعتبر سلاح واداة قوية جدا لبناء شركة ناشئة تتمتع بالاستدامة والقدرة على التوسع والنمو.
لكن آل سيف الذي يقود شركة تشرف على منصة إلكترونية لبيع وشراء الكتب الأكاديمية المستعملة، أكد أن الابتكار يجب أن يقود إلى شركة تقدم منتجا أو خدمة يمكن أن يولد الإيرادات ويعود بالنفع على أصحاب الفكرة، فضلا عن زيادة قدرة هذه الشركة على جذب الاستثمار لأن المستثمر في النهائية يبحث عن " أفضل عائد على الاستثمار".
التقرير الوطني الأردني للمرصد العالمي لريادة الأعمال عن العامين (2023-2024) أكد أن الابتكار يعد عاملا قويا للاقتصاد القائم على المعرفة كونه يقود إلى كفاءة المنتج أو الخدمة الريادية على المستويات الوطني والعربي والدولي، حيث يمكن أن يؤثر الابتكار على المجتمع المحلي ويمكن أن يمتد تأثيره إلى المستويات العربية أو الدولية.
الخبرة عامل حاسم لتعزيز الابتكار
إلى ذلك، قال آل سيف، من خلال خبرته في قطاع الريادة، إن "أهم سبب لمحدودية الابتكار في الشركات الناشئة الاردنية هو " قلة الخبرة العملية" لدى الشباب الريادي وهو العامل الذي يحد من قدرتهم على اكتشاف مشاكل القطاعات المختلفة وحاجات الناس ليبتكروا أفكارا تسد هذه الحاجات وتحل هذه المشاكل.
وقال آل سيف إن على الشباب أن يكتسبوا خبرات عملية ويعملوا في شركات ليطلعوا على القطاعات التي تعمل فيها هذه الشركات ويكتشفوا حاجات ومشاكل الناس لان المشاكل والحاجات " هي التي تحفز على الابتكار" الذي بدوره "يضمن ديمومة الشركة الناشئة".
وعلاوة على الابتكار، قال آل سيف "على الشباب ان يتسلحوا بالمهارات الرقمية والمهارات الحياتية والإدارية لقيادة أفكارهم الابتكارية وصولا إلى النجاح" مؤكدا ان إنشاء شركة ريادية ابتكارية يجب أن يدعم بالعديد من عوامل النجاح لان الفكرة وحدها لا تكفي مهما كانت مميزة.
ربط البحث العلمي باحتياجات السوق
وقال استاذ علم الاقتصاد في جامعة اليرموك د.قاسم الحموري إن "ثمة أسبابا رئيسية لمحدودية الابتكار بشكل عام وفي الشركات الناشئة على وجه الخصوص لعل اهمها عدم ربط البحث العلمي بشكل عام باحتياجات السوق والقطاعات المختلفة، حيث ما يزال هذا البحث العلمي محصورا لغايات الترقية العلمية"
واكد أنه يجب أن يربط البحث العلمي في جامعاتنا باحتياجات المجتمع والسوق ومشاكل القطاعات المختلفة، مشيرا إلى أهمية تعميم فكر وثقافة الابتكار حتى نجني ثمارها.
ووفقا لآخر المؤشرات العالمية بالنسبة لوضع الأردن في مجال الابتكار فقد تقدمت المملكة في مؤشر الابتكار العالمي من المرتبة (78) عام 2022 إلى المرتبة (71) من بين (132) دولة شملها تقرير المؤشر في عام 2023، ويصدر هذا المؤشر سنويا عن المنظمة العالمية للملكية الفكرية.
وأشار الحموري إلى أن من الأسباب التي تحد من الابتكار أيضا قلة التمويل والاستثمار وخوف المستثمرين بشكل عام من المغامرة في ضخ أموالهم في مشاريع او افكار ابتكارية جديدة بسبب عدم ثقتهم بامكانية الحصول على العائد المطلوب.
وأكد أن عدم توافر المعلومات المطلوبة حول حاضنات الأعمال والجهات الداعمة للأفكار الابتكارية وعدم معرفة الشباب بها ما يقلل من فرصهم في الحصول على الدعم والإرشاد المطلوب.
ولفت الحموري إلى أنه من المهم تعميم فكر الابتكار والإبداع وترويج وعرض قصص النجاح في مجال الريادة والبحث العلمي حتى تنضج حالة من " الغيرة الإيجابية" وليتعلم منها الشباب.
وأكد خبراء أن تحفيز الابتكار في الشركات الناشئة المحلية يتطلب جهدا ووعيا من قبل كل الجهات، الحكومة والقطاع الخاص والجهات الداعمة لريادة الأعمال والجهات المعنية بالتعليم والبحث العلمي فضلا عن وعي مطلوب من الشباب انفسهم.
وبين هؤلاء أن من بين أهم محفزات الإبداع والابتكار هو تطوير النظام التعليمي والانتقال به من الأسلوب التلقيني إلى التعليم الإبداعي والتحفيزي، وعمل الجامعات بجد لتشجيع الشباب على الابتكار، وبناء الخبرات المطلوبة وخصوصا في مجال التقنيات الحديثة، والانفتاح على العالم.
وأشاروا إلى مسؤولية ملقاة على عاتق الحكومة والجهات المعنية بريادة الأعمال وحاضنات الأعمال للعمل بجد على مرحلة الفكرة في ريادة الأعمال ودعمها بشكل أكبر من خلال الإرشاد والتوجيه وتوفير التمويل اللازم لتحفيز الشباب بشكل أكبر للابتكار.
ويأتي ذلك في وقت أظهر فيه التقرير الوطني الأردني للمرصد العالمي لريادة الأعمال عن العامين (2023 و2024)، أن مستوى الابتكار في الشركات الناشئة في الأردن وخصوصا بمراحلها المبكرة منخفض، إذ أوضح التقرير أن اكثر من 80 % من رواد الأعمال في المراحل المبكرة في الأردن، يرون أن منتجاتهم أو خدماتهم ليست جديدة للناس.
وقال التقرير، الذي بني على استبيانات مع الشباب البالغين، إن 73 % من رواد الأعمال يرون أيضا، أن التقنيات التي يستخدمونها ليست جديدة، موضحا، أن النسبتين السابقتين لم تشهدا تحسنا مقارنة بمستواهما المسجل في التقرير السابق عن العام 2019، حيث كانت 73 % و75 % على التوالي، ما يظهر عدم وجود تحسن حقيقي في هذه المؤشرات على مدار السنوات الأربع الماضية، من 2019 وحتى نهاية 2023.
مفهوم الابتكار
أكد الخبير في مجال ريادة الأعمال نضال قناديلو أن مصطلح الابتكار " فضفاض" موضحا أن هذا المفهوم لا يعني بالضرورة الخروج بفكرة غير مسبوقة على الإطلاق تغير وجه السوق.
وبين قناديلو أن الابتكار يمكن أن يأتي ضمن ثلاثة مستويات، أن تخرج بفكرة غير مسبوقة على الإطلاق وتحولها إلى مشروع ريادي ناجح، أو أن تأتي بفكرة موجودة ( تقلد بشكل كامل) وتطوعها لخدمة المجتمع المحلي بطريقة وشكل مبتكر، أو أن تركب وتجمع أكثر من فكرة موجودة وتطوع التقنية للخروج بمنتج أو خدمة غير موجودة في السوق ولكنها تسد حاجة عند الناس.
وبناء عليه، يمكن تعريف الابتكار على أنه "عملية طرح أفكار أو أساليب أو منتجات أو خدمات أو حلول جديدة لها تأثير وقيمة إيجابية، وهو ينطوي على تحويل المفاهيم الإبداعية إلى نتائج ملموسة تعمل على تحسين الكفاءة والفاعلية، أو معالجة الاحتياجات التي لم تلب حتى الآن".
ولا يقتصر الابتكار على التقدم التكنولوجي، بل يشمل أساليب جديدة لحل المشكلات أو العمليات أو الممارسات التنظيمية أو ابتكارات نماذج الأعمال، إذ يتضمن الابتكار في جوهره تحدي الوضع الراهن، والتفكير خارج الصندوق، وخوض المخاطر المحسوبة لدفع التقدم وتحقيق نتائج ايجابية.
إلى ذلك، قال قناديلو " الجمع بين الابتكار وريادة الأعمال يلعب دورا مهما في تطوير الاقتصادات والمجتمعات وتحقيق التنمية الاقتصادية، لان المفهومين يقودان إلى استغلال الفرص والاندفاع لإنتاج منتجات أو خدمات جديدة تسد احتياجات جديدة أو احتياجات حالية بطرقية جديدة".
النظام التعليمي والابتكار
ويرى قناديلو أن محدودية الابتكار في المشاريع الريادية المحلية يرجع إلى النظام التعليمي الأساسي والجامعي والذي يغلب عليه طابع " التلقين" بشكل لا يحفز على الإبداع والتفكير والتطبيق العملي".
الحاجة إلى برامج تدعم مرحلة الفكرة
وأكد قناديلو أن بيئة ريادة الأعمال الأردنية بحاجة اليوم إلى العمل بجد على مرحلة الفكرة وتوجيه وإرشاد الرياديين لكيفيات الخروج بأفكار مبتكرة وهي مسؤولية تقع على عاتق الحكومة والجهات المعنية بريادة الأعمال كحاضنات الأعمال من خلال مشاريع وبرامج تحفز على الابتكار في المشاريع الناشئة.
الخبير في مجال ريادة الأعمال رائد مدانات يرى أنه من الواضح أن الشباب في الأردن ممن يتوجهون إلى ريادة الأعمال " يجدون صعوبة في إيجاد أفكار مبتكرة يبنون عليها شركتهم الناشئة، بشكل تكون فيه هذه الشركات مغرية للمستثمرين حتى يستثمرو فيها".
قلة المهارات والخبرات في التقنية
وقال مدانات "من أسباب هذه المشكلة أن معظم الشباب المقبلين على رحلة الريادة لديهم خبرات ومهارات محدودة في التكنولوجيا المتقدمة والعميقة، وبالتبعية فان معظم أفكارهم هي لتطبيقات او منصات بسيطة المفهوم تعتمد على نسخ فكرة لشركة ناشئة أجنبية وتعريبها ومؤامتها للسوق العربية".
وأشار مدانات إلى أنه من ناحية المبدأ، لا ضرر من هذا التوّجه، ولكن أي شخص آخر بموارد أكبر يمكن أن يؤسس نفس الشركة وبالتالي ستكون المنافسة شديدة.
وأكد أن السبب الآخر هو "قلة خبرة الشباب في قطاع أو صناعة محددة" ولذا فان قدرتهم على تحديد مشكلة حقيقية يعاني منها عدد كبير من شركات القطاع الخاص في هذا القطاع او الصناعة محدودة.
الانفتاح على الثقافات العالمية
ولفت مدانات إلى عامل "التعرض" الذي يكون محدود للكثيرين، موضحا أن غالبية الرياديين ينشؤون ويعيشون في الأردن طوال حياتهم، ونادراً ما يسافرون للخارج للتعرف على ثقافات وأساليب تفكير أخرى، ما يجعل الإبداعات محدودة.
وفي هذا السياق أوضح مدانات أن (محدودية الانفتاح على دول وثقافات أخرى) هو من أهم اسباب محدودية الابتكار، وقال "غالبية الشباب الأردني يدرس في الأردن، وفئة قليلة جدا منهم تستطيع الدراسة في الخارج، وحتى التجمعات الشبابية في الجامعات تكون مرتكزة على التشابه وليس الاختلاف، فجامعاتنا لا تركز على مفهوم التنوع في الطلاب من دول أخرى".
وبين أن هذا التنوع والانفتاح مهم جدا في توسيع مدارك الشباب وزيادة قدرتهم على التفكير بحلول مبتكرة لمشاكل عالمية ليست فقط مقتصرة على الأردن او بعض الدول العربية وبالتالي بناء شركات ناشئة لديها الفرصة للتوسع عالميا.
ويرى مدانات أن الحل الجذري لهذه المشاكل والتحديات التي تحد من الابتكار يكمن في تطوير جامعاتنا الأردنية، لافتا الى انه يمكن معالجة التحديات السابقة بقيام الجامعات بتدريس التكنولوجيا المتطورة بالشكل الصحيح ، وفتح أبوابها للطلاب الأجانب بأعداد كبيرة من خلال المنح الدراسية والتسويق لها في الدول الأخرى.
ويحتل قطاع ريادة الأعمال في الأردن المركز الرابع على مستوى الإقليم، مع وجود حوالي 30 مؤسسة تمويلية وصندوقا استثماريا معنيا بالاستثمار في المشاريع الريادية، ومع وجود أكثر من 40 حاضنة ومسرعة أعمال في المملكة.
وتظهر الأرقام أن الأردن يحتضن 200 شركة ناشئة مسجلة وفقا لدراسات محايدة، فيما تقدر دراسات أخرى أن عدد الشركات الريادية في الأردن يتجاوز 400 شركة معظمها تقنية، أو تطوع التقنية لخدمة القطاعات الأخرى.
الابتكار يبني شركة ناشئة مستدامة
قال الريادي الأردني أحمد فريد آل سيف مؤسس شركة "الفريدو بوكس" إن "الابتكار" هو مفهوم عام يعتبر سلاح واداة قوية جدا لبناء شركة ناشئة تتمتع بالاستدامة والقدرة على التوسع والنمو.
لكن آل سيف الذي يقود شركة تشرف على منصة إلكترونية لبيع وشراء الكتب الأكاديمية المستعملة، أكد أن الابتكار يجب أن يقود إلى شركة تقدم منتجا أو خدمة يمكن أن يولد الإيرادات ويعود بالنفع على أصحاب الفكرة، فضلا عن زيادة قدرة هذه الشركة على جذب الاستثمار لأن المستثمر في النهائية يبحث عن " أفضل عائد على الاستثمار".
التقرير الوطني الأردني للمرصد العالمي لريادة الأعمال عن العامين (2023-2024) أكد أن الابتكار يعد عاملا قويا للاقتصاد القائم على المعرفة كونه يقود إلى كفاءة المنتج أو الخدمة الريادية على المستويات الوطني والعربي والدولي، حيث يمكن أن يؤثر الابتكار على المجتمع المحلي ويمكن أن يمتد تأثيره إلى المستويات العربية أو الدولية.
الخبرة عامل حاسم لتعزيز الابتكار
إلى ذلك، قال آل سيف، من خلال خبرته في قطاع الريادة، إن "أهم سبب لمحدودية الابتكار في الشركات الناشئة الاردنية هو " قلة الخبرة العملية" لدى الشباب الريادي وهو العامل الذي يحد من قدرتهم على اكتشاف مشاكل القطاعات المختلفة وحاجات الناس ليبتكروا أفكارا تسد هذه الحاجات وتحل هذه المشاكل.
وقال آل سيف إن على الشباب أن يكتسبوا خبرات عملية ويعملوا في شركات ليطلعوا على القطاعات التي تعمل فيها هذه الشركات ويكتشفوا حاجات ومشاكل الناس لان المشاكل والحاجات " هي التي تحفز على الابتكار" الذي بدوره "يضمن ديمومة الشركة الناشئة".
وعلاوة على الابتكار، قال آل سيف "على الشباب ان يتسلحوا بالمهارات الرقمية والمهارات الحياتية والإدارية لقيادة أفكارهم الابتكارية وصولا إلى النجاح" مؤكدا ان إنشاء شركة ريادية ابتكارية يجب أن يدعم بالعديد من عوامل النجاح لان الفكرة وحدها لا تكفي مهما كانت مميزة.
ربط البحث العلمي باحتياجات السوق
وقال استاذ علم الاقتصاد في جامعة اليرموك د.قاسم الحموري إن "ثمة أسبابا رئيسية لمحدودية الابتكار بشكل عام وفي الشركات الناشئة على وجه الخصوص لعل اهمها عدم ربط البحث العلمي بشكل عام باحتياجات السوق والقطاعات المختلفة، حيث ما يزال هذا البحث العلمي محصورا لغايات الترقية العلمية"
واكد أنه يجب أن يربط البحث العلمي في جامعاتنا باحتياجات المجتمع والسوق ومشاكل القطاعات المختلفة، مشيرا إلى أهمية تعميم فكر وثقافة الابتكار حتى نجني ثمارها.
ووفقا لآخر المؤشرات العالمية بالنسبة لوضع الأردن في مجال الابتكار فقد تقدمت المملكة في مؤشر الابتكار العالمي من المرتبة (78) عام 2022 إلى المرتبة (71) من بين (132) دولة شملها تقرير المؤشر في عام 2023، ويصدر هذا المؤشر سنويا عن المنظمة العالمية للملكية الفكرية.
وأشار الحموري إلى أن من الأسباب التي تحد من الابتكار أيضا قلة التمويل والاستثمار وخوف المستثمرين بشكل عام من المغامرة في ضخ أموالهم في مشاريع او افكار ابتكارية جديدة بسبب عدم ثقتهم بامكانية الحصول على العائد المطلوب.
وأكد أن عدم توافر المعلومات المطلوبة حول حاضنات الأعمال والجهات الداعمة للأفكار الابتكارية وعدم معرفة الشباب بها ما يقلل من فرصهم في الحصول على الدعم والإرشاد المطلوب.
ولفت الحموري إلى أنه من المهم تعميم فكر الابتكار والإبداع وترويج وعرض قصص النجاح في مجال الريادة والبحث العلمي حتى تنضج حالة من " الغيرة الإيجابية" وليتعلم منها الشباب.
0 تعليق