ا. د مخلد سليمان الطراونة
يُعد القطاع الصحي أحد الركائز الأساسية في أي مجتمع، حيث يعكس مستوى التنمية والرفاهية ويضمن توفير الرعاية الصحية المتكاملة للمواطنين. وفي الأردن، يتفاوت توزيع الخدمات الصحية بين الأقاليم، مما يجعل بعض المناطق، مثل إقليم الجنوب، بحاجة ماسة إلى تطوير بنيتها التحتية الصحية لضمان تقديم خدمات طبية متكاملة تلبي احتياجات السكان. ومع تزايد أعداد السكان في الجنوب والتحديات الصحية التي تواجهها المنطقة، أصبحت الحاجة إلى مستشفى تعليمي تحويلي في جامعة مؤته أمرًا ضروريًا، ليس فقط لتقديم الرعاية الطبية المتقدمة، ولكن أيضًا ليكون مركزًا لتدريب الكوادر الطبية وتعزيز البحث العلمي. هذا المستشفى سيكون بمثابة حل استراتيجي يسهم في تحسين جودة الخدمات الصحية، وتقليل الضغط على المستشفيات المركزية في عمان، وتحقيق التنمية الصحية المستدامة في الجنوب. ان تحسين جودة الرعاية الصحية وتوسيع نطاق الخدمات مطلبا وليس رفاهية فإقليم الجنوب يعاني من نقص في المستشفيات المتخصصة والمرافق الطبية المتقدمة، مما يضطر العديد من المرضى إلى السفر لمسافات طويلة، سواء إلى عمان أو إلى محافظات أخرى، للحصول على العلاج المناسب. هذا الأمر لا يرهق المرضى فحسب، بل يزيد من الأعباء المالية والاجتماعية عليهم. فإنشاء مستشفى تعليمي تحويلي في الإقليم سيعزز الوصول إلى الخدمات الصحية المتخصصة مثل جراحة القلب، الأورام، والعناية المركزة، ما سيقلل من الحاجة إلى التحويلات الطبية ويضمن توفير رعاية صحية متكاملة ضمن المنطقة نفسها.اضافة اعلان
المستشفى التعليمي ليس مجرد منشأة صحية، بل هو مؤسسة أكاديمية متكاملة تساهم في تأهيل وتدريب الكوادر الطبية من أطباء، ممرضين، وصيادلة، بالإضافة إلى التخصصات الصحية الأخرى. من خلال توفير بيئة تعليمية متطورة وبرامج تدريبية حديثة، سيمكن للمستشفى تعزيز القدرات الطبية المحلية، مما ينعكس إيجابًا على جودة الخدمات الصحية المقدمة في الإقليم. علاوة على ذلك، فإن وجود مستشفى تعليمي في الاقليم سيجذب الكوادر الطبية المتميزة، سواء من داخل الأردن أو من خارجه، مما يعزز من مستوى الخدمات الصحية المقدمة للسكان المحليين. كما سيمكن هذا المستشفى من تعزيز البحث العلمي والابتكار في المجال الطبي حيث يُعتبر البحث العلمي من المحاور الأساسية في أي مستشفى تعليمي مما يتيح فرصة إجراء الدراسات السريرية والبحوث الطبية التي تساهم في تطوير علاجات جديدة وتحسين جودة الرعاية الصحية. كما سيمكن ومن خلال التعاون مع الجامعات الأردنية والمراكز البحثية تشكيل نواة مركزًا للابتكار الطبي، مما يساعد في اكتشاف حلول لمشكلات صحية شائعة في المنطقة مثل الأمراض المزمنة، والتحديات الصحية الناتجة عن الظروف البيئية والجغرافية الخاصة بإقليم الجنوب. لا ننسى ان هذا الحلم ان اصبح حقيقة سيقلل من الضغط على المستشفيات في العاصمة وتحقيق التوزان الجغرافي للخدمات الصحية لما نعلمه ونلمسه بان المستشفيات في العاصمة تعاني من اكتظاظ كبير وضغط مستمر على المرافق الصحية، ما يؤثر على سرعة تقديم الخدمات وجودتها. مع ازدياد عدد السكان، فإن هذا الضغط سيتفاقم، مما يستدعي توزيع الخدمات الصحية بشكل أكثر توازنًا بين الأقاليم.
بوجود مستشفى تعليمي تحويلي في الجنوب، سيتمكن المرضى من تلقي العلاج داخل الإقليم، مما يقلل الحاجة إلى التنقل إلى عمان، وبالتالي يخفف العبء عن المستشفيات المركزية ويتيح لها التركيز على الحالات الأكثر تعقيدًا.
وبرؤية استراتيجية فان حلم المستشفى ان اصبح حقيقة فان سيعزز التنمية المستدامة في إقليم الجنوب حيث سيمثل إنشاء مستشفى تعليمي تحويلي في جامعة مؤته فرصة اقتصادية واجتماعية مهمة، تسهم في:
* خلق فرص عمل في مختلف المجالات، سواء الطبية، الإدارية، أو الفنية.
* تحفيز الاقتصاد المحلي من خلال استقطاب الاستثمارات وتعزيز النشاط التجاري المرتبط بالقطاع الصحي.
* تحسين جودة الحياة عبر توفير بيئة صحية آمنة ومتطورة للسكان.
* وجود مستشفى متطور سيسهم أيضًا في جذب الأطباء والباحثين والطلاب إلى المنطقة، مما يعزز من مكانة إقليم الجنوب كوجهة تعليمية وصحية رائدة. لا نضرب بالخيال فان مشروع بحجم مستشفى تعليمي تحويلي يواجه وسيواجه تحديات كبيره نجمل بعض منها بـ:-
الحاجة إلى تمويل كبير لإنشاء وتجهيز المستشفى بأحدث الأجهزة والتقنيات الطبية.
نقص الكوادر الطبية المتخصصة، حيث يفضل العديد من الأطباء العمل في المناطق المركزية مثل عمان.
البنية التحتية غير المكتملة، خاصة فيما يتعلق بالطرق والمواصلات التي تضمن سهولة وصول المرضى والكادر الطبي إلى المستشفى.
الا ان الحلول وان غابت عن البعض فهي ليست من ضرب الخيال ويمكن تدارسها واجمالها بـ:
التعاون بين القطاعين العام والخاص من خلال شراكات استراتيجية لتمويل وإنشاء المستشفى.
إطلاق برامج تحفيزية مثل تقديم حوافز مالية وسكنية لجذب الأطباء والممرضين للعمل في المستشفى الجديد.
تطوير البنية التحتية الداعمة مثل تحسين شبكة النقل والمواصلات، وإنشاء مرافق خدمية مساندة لضمان سهولة الوصول إلى المستشفى.
وعطفا على كل ما سبق فإن إنشاء مستشفى تعليمي تحويلي في جامعة مؤته لاقليم الجنوب لم يعد مجرد فكرة، بل هو ضرورة ملحة لضمان توزيع عادل ومتوازن للخدمات الصحية بين مختلف مناطق المملكة. هذا المستشفى سيمثل نقلة نوعية في القطاع الصحي، حيث سيوفر رعاية طبية متطورة، وسيسهم في تأهيل الكوادر الطبية، وتعزيز البحث العلمي، وتحقيق التنمية المستدامة في الجنوب. يتطلب تنفيذ هذا المشروع تعاونًا بين الحكومة، القطاع الخاص، والجهات الأكاديمية لضمان نجاحه واستدامته. إن الاستثمار في الصحة هو استثمار في مستقبل الوطن والمجتمع، وبالتالي، فإن الإسراع في تنفيذ هذا المشروع يجب أن يكون من الأولويات الوطنية لتحقيق نظام صحي شامل وعادل يخدم جميع المواطنين.
واختم بالشكر جزيل الشكر لعطوفة الدكتور محمد رسول الطراونة وهو أحد الأصوات الداعمة لإنشاء مثل هذه المستشفيات، مؤكدًا أنها ليست رفاهية بل ضرورة ملحّة. ولانه ذات يوم قرع ناقوس انشاء المستشفى بمقالة اقتبس عنوانها " مستشفى مؤتة الجامعي اكسسوار أم مشروع استراتيجي".
والجدير بالذكر بان الدكتور محمد رسول كان امينا عاما للمجلس الصحي الاعلى واحد خبراء الصحة العامه في منظمة الصحة العالمية.
0 تعليق