د. عاصم حجازي يكتب: "فوبيا الحفظ والتلقين"

كشكول 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الاعتماد على الفهم والتحليل وليس على الحفظ والتلقين.. هذه الجملة أصبحت تتردد على مسامعنا كثيرا في الفترة الأخيرة منذ أن بدأ التعليم المصري في رحلته نحو التطوير وهي جملة تحتاج إلى مراجعة ومناقشة مستفيضة.


وبداية نقول ونؤكد أن الحفظ والتلقين ليس كارثة تربوية بل هو أمر ضروري في بعض الموضوعات وفي بعض المراحل العمرية فعلى سبيل المثال نحن نلقن الطفل الصغير كلمة بابا ويحفظها وكلمة ماما ويحفظها دون أن يفهم لماذا هذا تحديدا بابا وهذه ماما ونعلمه أسماء الأشياء ورموز الحروف والأرقام بالتلقين ويتعلمها بالحفظ.


كما أن المستويات المعرفية التي حددها بلوم والتي تبدأ بالتذكر وتنتهي بالتقويم تتضمن المستويات العليا فيها جميع المستويات التي تقع تحتها فالفهم يتضمن التذكر والتطبيق يتضمن الفهم والتذكر. والتحليل يتضمن التطبيق والفهم والتذكر  والتركيب يتضمن التحليل والتطبيق والفهم والتذكر. والتقويم أيضا يتضمن جميع المستويات التي تسبقه وبالتالي فإن التذكر ركن أساسي من أركان التعلم.


كما ينبغي أيضا أن نؤكد أن الحفظ ليس شرا كله بل إن الحفظ المرفوض هو الحفظ بلا فهم أما الحفظ القائم على الفهم فهو مطلوب وبشدة وضروري لنمو الخبرات وتكاملها.

أيضا المقررات التي كان الطلاب يدرسونها في مراحل التعليم المختلفة منذ سنوات طويلة بريئة من تهمة تشجيع الحفظ دون الفهم وإنما كانت هذه التهمة لصيقة بأساليب التقويم وأساليب التدريس خاصة في الدروس الخصوصية التي كان المعلمون فيها يعمدون إلى تحفيظ طلابهم أنماط الأسئلة وإجاباتها النموذجية اعتمادا على استقرار شكل الأسئلة وورودها نصا من الكتاب أما محتوى الكتاب نفسه وطريقة الشرح في المدرسة فإنها تغذي الفهم والتطبيق والتحليل بلا شك ولكن لا يهتم  الطالب بإتقان هذه المستويات المعرفية لأن الامتحانات لم تكن تقيسها وبالتالي نخرج بنتيجة من هذه النقطة أن مفتاح القضاء على الحفظ الآلى وإلزام الطلاب بالتعلم بعمق يكمن في تطوير نظم الامتحانات والتقويم.

إذا فالحفظ ضروري ومهم لاكتمال الخبرات وسرعة معالجة المعلومات واتخاذ القرارات وإنجاز المعلومات لذلك فمن غير الجائز تربويا أن نقول" أننا نسعى لأن يكون التعليم قائما على الفهم وليس على الحفظ"  وهذه العبارة لكي تكون صحيحة تربويا لابد من إضافة كلمة فقط في نهاية الجملة لتصبح " أننا نسعى لأن يكون التعليم قائما على الفهم وليس على الحفظ فقط " لأن الحفظ موجود وضروري لكن لابد وأن يكون مصحوبا بالفهم والقدرة على التطبيق والتحليل وبناء صيغ جديدة والحكم على الأفكار والإجراءات وتقويمها.
والحفظ في حد ذاته تدريب للدماغ وينشط العديد من العمليات العقلية والتي تمهد بدورها لنمو الإبداع والخيال ولا يمكن على الإطلاق التخلي عن الحفظ والذاكرة في أي نشاط تعليمي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق