عام على رحيله.. بوشنل سيبقى في ذاكرة فلسطين إلى الأبد

السبيل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

فبراير 26, 2025 4:00 م

كاتب- علي سعادة

أصبح أيقونة فلسطينية وعالمية في أقل من 24 ساعة حين أضرم النار في نفسه خارج مقر السفارة الإسرائيلية في واشنطن احتجاجا على حرب الإبادة في غزة.
وقف قبل الساعة الواحدة ظهرا بقليل يوم الأحد، 25 شباط/فبراير 2024، أمام بوابات السفارة الإسرائيلية بواشنطن، ثم وضع هاتفه جانبا في بث مباشر على منصة “تويتش”، ليتصور وهو يغمر نفسه بسائل شفاف من زجاجة معدنية، ثم أشعل النار في نفسه وهو يصرخ: “فلسطين حرة” حتى سقط على الأرض، ليلفظ أنفاسه الأخيرة بعد 7 ساعات من الحادث في المستشفى نتيجة إصابته بحروق بليغة.
آرون بوشنل المولود عام 1999، في مدينة سان أنطونيو، بولاية تكساس الأميركية، التحق بالمدارس العامة في ماساتشوستس، وحصل على شهادة في الأمن السيبراني في عام 2020 من جامعة ميريلاند.
عمل أخصائيا في تكنولوجيا المعلومات وتطوير الشبكات في شركة “الباراكليت برس” بين عامي 2015 و2017.
ويذكر حسابه الشخصي على موقع “لينكد إن” مشاركته في تلقي تدريب أساسي وفني في القوات الجوية الأمريكية لمدة 7 أشهر، ومراقبة البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات لمدة عامين.
وكان بوشنل يعمل مهندسا في البرمجيات ضمن القوات الجوية الأمريكية، وتخصص في عمليات الدفاع الإلكتروني والدعم الاستخباراتي بـ”القاعدة 531 ” في “سان أنطونيو لاكلاند” المشتركة في تكساس.
وأصبح عضوا نشطا في القوات الجوية في عام 2020، وكان قد كتب على “لينكد إن” أنه يتطلع للانتقال من سلاح الجو الأميركي إلى هندسة البرمجيات.
وكان يسعى للحصول على بكالوريوس العلوم في هندسة البرمجيات من جامعة “نيو هامبشير”.
وذكرت صحيفة “ستارز آند سترايبس” العسكرية أنه كان أحد أبرز جنود القوات الجوية، وأنه انتقل إلى أوهايو مطلع عام 2024 لحضور دورة لأفراد الخدمة الذين ينتقلون من الجيش.
وقال صديق آخر له إنه بحلول عام 2024، أصبح بوشنل أكثر انفتاحا بشأن اعتراضاته على الجيش، ففي أعقاب مقتل الأميركي من أصل أفريقي جورج فلويد على يد الشرطة في مينيابوليس عام 2020، أخبره بوشنل أنه بدأ البحث في تاريخ الولايات المتحدة وأراد اتخاذ موقف ضد جميع أعمال العنف التي تقرها الدولة.
وقال أيضا إن بوشنل فكر في ترك الجيش مبكرا، لكنه قرر أنه قريب بما يكفي من نهاية خدمته المطلوبة، فقد كان من المقرر مغادرته الجيش في أيار/مايو القادم.
وقال أصدقاء آخرون له إنهم تحدثوا مع بوشنل عن الفلسطينيين، وتقاسموا معه نفورهم المشترك من دور الولايات المتحدة في الحرب الإسرائيلية على غزة، ولكنه لم يعبر لهم عن أي مؤشر على ما كان يخطط له .
ووفق حسابه على منصة “فيسبوك”، فإن بوشنل يتابع صفحة مجتمع “طلاب من أجل العدالة في فلسطين” التي تأسست في جامعة “ولاية كينت”.
ودون توقع من أحد، وعلى وقع جرائم الاحتلال غير المسبوقة في التاريخ توجه بوشنل إلى السفارة الإسرائيلية في حي 3500 من الطريق الدولي وبدأ بث مباشر على منصة البث المرئي الحي “تويتش” المملوكة لشركة “أمازون”.
بوشنل الذي كان يرتدي الزي العسكري في التسجيل المصور، كان يتحدث بهدوء تام إلى الكاميرا: “اسمي آرون بوشنل، وأنا عضو نشط في القوات الجوية الأميركية ولن أكون متواطئا بعد الآن في الإبادة الجماعية”، مضيفا “أنا على وشك المشاركة في عمل احتجاجي متطرف، ولكن مقارنة بما شهده الناس في فلسطين على أيدي الإسرائيليين، فهو ليس متطرفا على الإطلاق”. وبعد ذلك سكب على نفسه سائلا شفافا وأضرم النار في جسده وهو يصرخ “فلسطين حرة” مرارا وتكرارا وهو يحترق إلى أن انهار في النهاية.
وفي حين شاهد الفيديو الأصلي 6 أشخاص على الهواء مباشرة، وفقا لمنصات تحليلات البث المباشر، فقد حصدت نسخه المنشورة عبر منصات التواصل الاجتماعي ملايين من المشاهدات.
وأعربت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في منشور على “تليجرام” عن “تعازينا القلبية وتضامننا الكامل مع عائلة وأصدقاء الجندي الأميركي”، الذي قالت إنه “خلد اسمه مدافعا عن القيم الإنسانية ومحنة الشعب الفلسطيني المضطهد من قبل الإدارة الأميركية وسياساتها الظالمة”.
وعلقت السياسية الفلسطينية الدكتورة حنان عشراوي قائلة: “آرون بوشنل. نحن نراك. نحن نعرف اسمك. نحن نقدر تضحياتك النهائية. كلماتك الأخيرة “فلسطين حرة” التي نطقتها بألم وقناعة يتردد صداها في قلوب وعقول جميع الذين يشاركونك قيمك ويقدرون روحك. فلسطين تحبك وتحزن على فراقك.”
إحراق بوشنل لنفسه جاء على وقع تزايد الاحتجاجات في الولايات المتحدة ضد الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
بوشنل عرى وفضح القيم الأمريكية والنفاق الأمريكي الرسمي، الذي يتباكى على أوكرانيا وعلى معارض روسي مات في السجن.
وحين أحرق بوشنل نفسه فقد طهرها من رجس أمريكا وجرائمها، وتبرأ من كل أكاذيبها وأسقط القناع عن القناع.
بوشنل بإحراق نفسه أحيا ضمائر الأميركيين وتذكيرهم بكل المبادئ والقيم الإنسانية التي كانت تتغنى بها أميركا، والتي أصبحت ضحية إدارة بايدن والفيتو الأميركي والسير بكل ذل وخنوع وراء عصابة مارقة في تل أبيب.
أرون بوشنل كان يفيض بالطيبة والإنسانية وسبق له أن تطوع لدعم المشردين في سان أنطونيو، وكان يشتري لهم البطانيات والسترات الصوفية والوجبات الخفيفة، وأوصى جاره بالاعتناء بقطته بعد وفاته.
سيبقى بوشنل والناشطة الأمريكية راشيل كوري التي دافعت عن فلسطين فدهستها جرافة صهيونية بشكل متعمد، في الذاكرة الوطنية الفلسطينية والعالمية أيقونات بطولية وشجاعة، قامت بأعمال ستخلدها الإنسانية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق