رمضان عبادة لا عادة

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

«اللهم أهلّه علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، والتوفيق لما تحب وترضى.» يطل علينا رمضان، شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، لنقف مع أنفسنا ونتأمل كيف نستقبله، هل استعددنا له روحياً كما نفعل مادياً؟ هل نظفنا قلوبنا من الضغائن كما نظفنا بيوتنا؟

بينما يُنتظر رمضان كفرصة للسمو الروحي، ينجرف البعض نحو الاستهلاك المفرط، حيث تكشف الأرقام عن زيادة استهلاك الطعام بنسبة 40% في رمضان، في حين يُهدر أكثر من 25% من الطعام يومياً في بعض الدول العربية، أليس هذا تناقضاً صارخاً مع تعاليم الإسلام في الاعتدال؟ يقول الله تعالى:»وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِين» (الأعراف: 31).

لكن رمضان ليس مجرد صيام عن الطعام والشراب، بل هو صيام عن الكراهية والبغضاء- للأسف- يدخل البعض هذا الشهر محملين بالخصومات، رغم أن النبي (ص) قال: «تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين والخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً، إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: انظروا هذين حتى يصطلحا». فكيف لنا أن نحرم أنفسنا من هذا العفو الإلهي بسبب خلافات دنيوية؟

في هذا السياق، تقدم البحرين نموذجاً مضيئاً في تعزيز التلاحم الاجتماعي والتعايش السلمي، حيث تلعب المجالس الرمضانية دوراً في تقوية الروابط وتعزيز الحوار، كما أن المبادرات الاجتماعية والتطوعية تسهم في دعم المحتاجين، هذه القيم الإسلامية الأصيلة التي تُطبّق على أرض الواقع تجعل من رمضان فرصة للتأمل والاقتداء بها.

فليكن رمضان محطة للتغيير، ليس فقط في عاداتنا الغذائية، بل في سلوكنا وأخلاقنا، الكرم لا يعني الإسراف، بل العطاء المدروس، التسامح لا يعني النسيان فقط، بل تجاوز الخلافات بإرادة صادقة، فرمضان ليس مجرد ضيف عابر، بل فرصة ذهبية لننقي أرواحنا قبل موائدنا، ونملأ قلوبنا بالعطاء قبل أطباقنا، فليكن الشهر المبارك نقطة تحول، نبدأ فيه عادة حسنة تدوم، ونعقد فيه صلحاً مع من خاصمنا، ونمد يد العون لمن يحتاجنا، فالكرم ليس في وفرة الطعام، بل في وفرة الحب والمغفرة، فهل نغتنم الفرصة، ونترك أثراً في هذا الشهر كما يترك أثره فينا؟ فهل نبدأ من اليوم؟

على الناصية نبارك للجمع من الأمة الإسلامية، ونرفع التهاني لكل مسلم سائلة الله أن يجعله شهر خير وبركة، وأن يوفقنا فيه لعمل الطاعات، في ظل ما نشهده من تحديات دنيوية وما نحتاجه من مراجعة روحية.

إخترنا لك

0 تعليق