باساف سين* - (كاونتربنش) 21/2/2025
وسط زخم الإجراءات التي اتخذتها إدارة ترامب، قد يكون من السهل عدم الانتباه إلى إجراء يشكل خطرًا جسيمًا على الصحة العامة وعلى كوكبنا كله: شن هجوم شامل وغير مقيد على العلم.اضافة اعلان
في سلسلة من التحركات المقلقة، فرضت الإدارة الأميركية رقابة على البحث العلمي، وخفضت الموارد المخصصة للصحة العامة والبيئة، وعززت الدعاية لصالح صناعة الوقود الأحفوري. وتخدم هذه التحركات مصالح الشركات فقط -على حساب الناس العاديين والكوكب.
وكانت الإدارة قد أجرت مُسبقًا مسحًا للمواقع الحكومية التي توفر معلومات عن تغير المناخ والعدالة البيئية، وحاولت خفض تمويل الأبحاث في مجال المناخ والعلوم الطبية (على الرغم من أن قاضيًا فيدراليًا منع مؤقتا وقف تمويل البحوث الطبية).
في الأثناء، وفي خطوتين غير مسؤولتين بشكل مذهل، طردت الإدارة عددا كبيرًا من موظفي جهاز استخبارات الأوبئة المعنيّ باكتشاف الأوبئة الناشئة ويتعقبها، وسحبَت الولايات المتحدة من "منظمة الصحة العالمية" -حتى في الوقت الذي نواجه فيه خطرا جسيما من انتشار جائحة إنفلونزا الطيور في جميع أنحاء العالم.
على جبهة المناخ، شن ترامب هجوما أيديولوجيا ضد فكرة العدالة البيئية ذاتها، وهي الفكرة القائلة إن المجتمعات المهمشة -بما فيها مجتمعات الملونين والفقراء من جميع الأعراق- تعاني من أسوأ أنواع التلوث. وهناك مجموعة كبيرة من الأدبيات العلمية التي راجعها الأقران والتي تؤكد هذا النمط، لكن ترامب وأيديولوجييه لا يلقون بالًا لكل ذلك.
وفي مكان آخر، قدم وزير الطاقة في عهد ترامب -المدير التنفيذي السابق في قطاع الوقود الأحفوري، كريس رايت- ادعاءً غريبًا بأن الكهرباء في الولايات المتحدة أصبحت أغلى ثمنًا اليوم وأن الشبكة الكهربائية أقل موثوقية، بسبب إغلاق محطات الطاقة التي تعمل بالفحم.
في الحقيقة، كل جزء من الدعاية التي تروج لهذه الصناعة خاطئ بطريقة يمكن التحقق منها. إن شبكة الكهرباء الأميركية موثوقة للغاية. وفي حين أن أسعار الكهرباء ترتفع، كانت الزيادة خلال فترة السنوات العشر من 2013 إلى 2023 حوالي 1 في المائة فقط بمقياس معدل التضخم.
إذا كان ثمة شيء، فهو أن تقاعد مصانع الفحم كان عاملاً في الحفاظ على انخفاض الأسعار، لأن المصانع التي تُحال إلى التقاعد هي منشآت قديمة ذات تكاليف تشغيل أعلى. ومن المتوقع في هذا العام أن تكون الطاقة الشمسية مساهمًا رئيسيًا في الإبقاء على الأسعار من دون تغيير تقريبًا.
من الجدير ملاحظة أن كل واحدة من هذه الحقائق تستند إلى أبحاث وبيانات وزارة الطاقة نفسها. ولذلك لا ينبغي أن نسمح لهم بمحوها. سوف تكون لقيام الإدارة بمحو البيانات عواقب إنسانية كبيرة.
وفقًا لـ"الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ" IPCC، وهي أهم مؤسسة دولية لعلوم المناخ، "تسبب تغير المناخ الناجم عن النشاط البشري، بما في ذلك الأحداث المتطرفة الأكثر تواترًا وشدة، في آثار سلبية واسعة النطاق وخسائر وأضرار ذات صلة بالطبيعة والبشر"، بما في ذلك "انخفاض مستوى الأمن الغذائي والمائي".
هذه العبارات تصف الزمن المضارع. ثمة آثار شديدة تحدث بالفعل على تغير المناخ، وسوف تزداد سوءًا إذا لم نخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بسرعة. وسوف تصبح الكوارث، مثل حرائق الغابات المدمرة في لوس أنجلوس هذا العام وفيضانات العام الماضي في أبالاتشيا والجنوب الشرقي، أكثر تواترًا وضررًا.
من خلال فرض الرقابة على علوم المناخ وإلغاء تمويلها، يحاول ترامب وأصدقاؤه محو العلاقة بين هذه التأثيرات والتلوث الذي ينتجه الوقود الأحفوري. وقد حصل ترامب على رشوة مسبقًا من أوليغارشية الوقود الأحفوري، وهو يرد الجميل من خلال جعل إزالة جميع القيود المفروضة على نمو صناعتهم سياسة رسمية للحكومة الأميركية.
في عهد بايدن، أعلنت شركات الوقود الأحفوري عن تحقيق أرباح قياسية بينما وصل الحفر إلى مستويات قياسية في الولايات المتحدة. ومع ذلك، ما يزال المستهلكون يكافحون مع ارتفاع أسعار الغاز والتكاليف الأخرى. وفي عهد ترامب، لا يبدو أن تقديم خدمات لهذه الصناعة المتسببة بالتلوث يجعل من استفادة الناس العاديين أكثر احتمالًا.
يبدو أن الإدارة التي تدعي أنها تشن حملة وتتخذ إجراءات صارمة ضد "الاحتيال والهدر وإساءة الاستخدام" في الحكومة إنما تفعل العكس. إنها تنخرط في الفساد على نطاق واسع لصالح الأوليغارشيين الأثرياء ذوي العلاقات السياسية -على حساب بقيتنا.
وسط زخم الإجراءات التي اتخذتها إدارة ترامب، قد يكون من السهل عدم الانتباه إلى إجراء يشكل خطرًا جسيمًا على الصحة العامة وعلى كوكبنا كله: شن هجوم شامل وغير مقيد على العلم.اضافة اعلان
في سلسلة من التحركات المقلقة، فرضت الإدارة الأميركية رقابة على البحث العلمي، وخفضت الموارد المخصصة للصحة العامة والبيئة، وعززت الدعاية لصالح صناعة الوقود الأحفوري. وتخدم هذه التحركات مصالح الشركات فقط -على حساب الناس العاديين والكوكب.
وكانت الإدارة قد أجرت مُسبقًا مسحًا للمواقع الحكومية التي توفر معلومات عن تغير المناخ والعدالة البيئية، وحاولت خفض تمويل الأبحاث في مجال المناخ والعلوم الطبية (على الرغم من أن قاضيًا فيدراليًا منع مؤقتا وقف تمويل البحوث الطبية).
في الأثناء، وفي خطوتين غير مسؤولتين بشكل مذهل، طردت الإدارة عددا كبيرًا من موظفي جهاز استخبارات الأوبئة المعنيّ باكتشاف الأوبئة الناشئة ويتعقبها، وسحبَت الولايات المتحدة من "منظمة الصحة العالمية" -حتى في الوقت الذي نواجه فيه خطرا جسيما من انتشار جائحة إنفلونزا الطيور في جميع أنحاء العالم.
على جبهة المناخ، شن ترامب هجوما أيديولوجيا ضد فكرة العدالة البيئية ذاتها، وهي الفكرة القائلة إن المجتمعات المهمشة -بما فيها مجتمعات الملونين والفقراء من جميع الأعراق- تعاني من أسوأ أنواع التلوث. وهناك مجموعة كبيرة من الأدبيات العلمية التي راجعها الأقران والتي تؤكد هذا النمط، لكن ترامب وأيديولوجييه لا يلقون بالًا لكل ذلك.
وفي مكان آخر، قدم وزير الطاقة في عهد ترامب -المدير التنفيذي السابق في قطاع الوقود الأحفوري، كريس رايت- ادعاءً غريبًا بأن الكهرباء في الولايات المتحدة أصبحت أغلى ثمنًا اليوم وأن الشبكة الكهربائية أقل موثوقية، بسبب إغلاق محطات الطاقة التي تعمل بالفحم.
في الحقيقة، كل جزء من الدعاية التي تروج لهذه الصناعة خاطئ بطريقة يمكن التحقق منها. إن شبكة الكهرباء الأميركية موثوقة للغاية. وفي حين أن أسعار الكهرباء ترتفع، كانت الزيادة خلال فترة السنوات العشر من 2013 إلى 2023 حوالي 1 في المائة فقط بمقياس معدل التضخم.
إذا كان ثمة شيء، فهو أن تقاعد مصانع الفحم كان عاملاً في الحفاظ على انخفاض الأسعار، لأن المصانع التي تُحال إلى التقاعد هي منشآت قديمة ذات تكاليف تشغيل أعلى. ومن المتوقع في هذا العام أن تكون الطاقة الشمسية مساهمًا رئيسيًا في الإبقاء على الأسعار من دون تغيير تقريبًا.
من الجدير ملاحظة أن كل واحدة من هذه الحقائق تستند إلى أبحاث وبيانات وزارة الطاقة نفسها. ولذلك لا ينبغي أن نسمح لهم بمحوها. سوف تكون لقيام الإدارة بمحو البيانات عواقب إنسانية كبيرة.
وفقًا لـ"الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ" IPCC، وهي أهم مؤسسة دولية لعلوم المناخ، "تسبب تغير المناخ الناجم عن النشاط البشري، بما في ذلك الأحداث المتطرفة الأكثر تواترًا وشدة، في آثار سلبية واسعة النطاق وخسائر وأضرار ذات صلة بالطبيعة والبشر"، بما في ذلك "انخفاض مستوى الأمن الغذائي والمائي".
هذه العبارات تصف الزمن المضارع. ثمة آثار شديدة تحدث بالفعل على تغير المناخ، وسوف تزداد سوءًا إذا لم نخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بسرعة. وسوف تصبح الكوارث، مثل حرائق الغابات المدمرة في لوس أنجلوس هذا العام وفيضانات العام الماضي في أبالاتشيا والجنوب الشرقي، أكثر تواترًا وضررًا.
من خلال فرض الرقابة على علوم المناخ وإلغاء تمويلها، يحاول ترامب وأصدقاؤه محو العلاقة بين هذه التأثيرات والتلوث الذي ينتجه الوقود الأحفوري. وقد حصل ترامب على رشوة مسبقًا من أوليغارشية الوقود الأحفوري، وهو يرد الجميل من خلال جعل إزالة جميع القيود المفروضة على نمو صناعتهم سياسة رسمية للحكومة الأميركية.
في عهد بايدن، أعلنت شركات الوقود الأحفوري عن تحقيق أرباح قياسية بينما وصل الحفر إلى مستويات قياسية في الولايات المتحدة. ومع ذلك، ما يزال المستهلكون يكافحون مع ارتفاع أسعار الغاز والتكاليف الأخرى. وفي عهد ترامب، لا يبدو أن تقديم خدمات لهذه الصناعة المتسببة بالتلوث يجعل من استفادة الناس العاديين أكثر احتمالًا.
يبدو أن الإدارة التي تدعي أنها تشن حملة وتتخذ إجراءات صارمة ضد "الاحتيال والهدر وإساءة الاستخدام" في الحكومة إنما تفعل العكس. إنها تنخرط في الفساد على نطاق واسع لصالح الأوليغارشيين الأثرياء ذوي العلاقات السياسية -على حساب بقيتنا.
* باساف سين Basav Sen: مدير مشروع العدالة المناخية في معهد دراسات السياسات (Institute for Policy Studies - IPS)، وهو مركز أبحاث تقدمي مقره في واشنطن العاصمة. يركز عمله على تقاطع السياسات المناخية، والعدالة الاجتماعية، والاقتصادية، حيث يعالج القضايا المتعلقة بتغير المناخ، وعدم المساواة، واستغلال الموارد، وتأثيراتها على المجتمعات المهمشة، سواء في الولايات المتحدة أو عالميًا.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: The War on Science is a War on the Public
0 تعليق