نفحات إنسانية في شهر الخير والعطاء

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه»، هذا الحديث يلخص فلسفة رمضان؛ فالصيام ليس الامتناع عن الطعام والشراب فحسب؛ بل هو تربية على الفضيلة والأخلاق والالتزام بالقيم، حيث تتراجع النزاعات وتلتقي قلوب المتخاصمين قبل أيديهم، لأن الصيام يمنح النفس طاقة لاختيار الحكمة والكلمة الطيبة.

مع أول أيام رمضان؛ نتنفس نفحات الخير والبركة، ونستشعر إنسانيتنا ونستذكر قيمنا عبر نفحات الطهر والتعاطف، إنه شهر البركة الذي تذوب فيه الفوارق، وتتلاشى الخلافات في ظل سكينة النفوس بالإيمان، ليبقى القلب النابض بالخير هو اللغة المشتركة بين الجميع.

في زحام الحياة المادية، يأتي رمضان ليمنحنا فرصة نادرة لحوار داخلي مع أنفسنا؛ فساعات الصيام تعلمنا الصبر، وقراءة القرآن تجدّد إيماننا، وصلاة التراويح تجمعنا كالجسد الواحد، هذه الروحانية ليست انعزالاً عن العالم، بل هي تطهير للقلوب من كل ما يحمله من مشاعر سلبية تجاه الآخر، فتعود إليه براءة الطفولة وقدرته على التسامح.

ودون شك أن جوهر رمضان لا يقاس بطول الموائد أو عرضها وما تحويه من مختلف الأطعمة والأشربة؛ بل بمدى قدرتنا على تلبية احتياجات المحتاجين، وقدرتنا على مشاركة ما عندنا لمن يحتاجه، أما زكاة الفطر فتذكّرنا أن السعادة الحقيقية في العطاء.

هذا العطاء، والذي لا يقتصر على الكبار فقط، حيث رأينا في معظم شوارع البحرين خلال السنوات الماضية كيف أن الصغار أيضاً يمكن أن يساهموا أيضاً في العطاء، وأن يتدربوا على المساعدة عبر توزيع وجبات الإفطار والسلال الغذائية، فيتعلمون أن الفرح الحقيقي هو في إسعاد الآخرين.

ومع حلول رمضان، وفي زمن التكنولوجيا والعزلة الاجتماعية؛ استرجع تلك الصورة الجميلة للعائلة؛ حيث تجتمع حول مائدة إفطار واحدة، تحيط بهم نفحات الشهر الفضيل، فيما يتنافس الأطفال على إكمال يوم الصيام وقراءة المزيد من القرآن.

لو استطاع العالم أن يتعلّم من رمضان درساً واحداً، لكان ملخّصه أن الإنسانية لا تحتاج إلى موارد مادية، بل إلى إرادةٍ صادقة، فالشهر الكريم يُثبت أننا قادرون على تحويل الألم إلى تعاطف، والاختلاف إلى تنوع جميل، والعبادة إلى فعل إنساني يُصلح الأرض، فليكن رمضان بداية لتجديد العهد مع قيمنا، ولنحمله في قلوبنا حتى بعد رحيل هلاله.

إضاءة

كل التحية والتقدير إلى المستشار الأستاذ مهند النعيمي، رئيس فريق الذكاء الاصطناعي بوزارة الإعلام، والذي أبهر البحرين بالإنجاز الذي حقّقه فريقه بإنتاج فواصل تلفزيونية لشهر رمضان المبارك باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، والتي تميّزت بالإبداع والاحترافية والابتكار وبجودة عالية، مما يؤكد قدرة شباب الوطن على الإبداع والتميّز دائماً.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق