وقف المساعدات إلى غزة يهدد المخطوفين والدول العربية

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف


بقلم: تسفي برئيل  3/3/2025

 

إذا لم يحدث أي تطور مفاجئ، فإنه يتوقع (اليوم) عقد مؤتمر القمة العربية في القاهرة، استمرارا للقمة المصغرة التي عقدت الشهر الماضي في الرياض. الهدف الأصلي للقمة كان طرح خطة واقعية لإدارة قطاع غزة في المرحلة الثانية من الاتفاق. ومن أجل تخطيط المرحلة الثالثة التي ستبدأ فيها إعادة الإعمار. ولكن القرار أحادي الجانب من قبل إسرائيل؛ وقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، يضع الدول العربية أمام تهديد جديد يثير القلق. هذه عملية يتم تفسيرها كخطوة أولى قبل استئناف الحرب - إذا لم يتم إيجاد حل فوري لها فهي يمكن أن تتسبب بإعادة تهجير مئات آلاف سكان غزة الذين عادوا الى شمال القطاع، والتسبب بالضغط العسكري على جنوب القطاع، وبعد ذلك ربما أيضا إحياء خطة الترانسفير. منذ أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن خطته، بخطوة هزت البلاط الملكي والجمهوري في الدول الجارة، يبدو أنها أخذت في الخفوت.اضافة اعلان
أمام هذا التهديد، يبدو أن خطوات الدول العربية من جهة، وخطوات إسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى، تجري في خطين متوازيين يصعب الآن رؤية كيفية التقائهما. النقطة الوحيدة التي يتفق عليها الأطراف هي أنه لا يمكن لحماس في أي مرحلة أن تكون شريكة في إدارة القطاع. تصريحيا، حماس أبلغت مصر، وبعد ذلك في رسالة للجامعة العربية، بأنها مستعدة لتبني أي حل لإدارة القطاع. "سواء عن طريق تشكيل حكومة توافق وطني تتكون من تكنوقراط، خبراء ومهنيين فلسطينيين، أو بواسطة تشكيل لجنة دعم مدنية كما اقترحتها الحكومة المصرية"، هذا ما كتب في نهاية الأسبوع في الرسالة التي أرسلها رئيس المجلس القيادي في حماس محمد درويش. ولكنه أوضح أن حماس ستعارض أي حل يقترح وضع قوات أجنبية غير فلسطينية في القطاع، وأضاف أن هدف حماس هو التوصل إلى اتفاق على بنية جديدة لمنظمة التحرير الفلسطينية "على أساس التعاون بين جميع الفصائل الفلسطينية"، بما في ذلك بالطبع حماس والجهاد الإسلامي. أي أن حماس لا تنوي حل نفسها كإطار تنظيمي، ناهيك عن نزع سلاحها، "حتى إقامة دولة فلسطينية مستقلة". في هذه القضية موقف حماس له وزن كبير في هذه الأثناء، لكن أيضا وضع قوة متعددة الجنسيات أو قوة عربية في القطاع، أو نقل غزة لسيادة مصر بشكل مؤقت، كما اقترح يئير لبيد، كل ذلك غير موجود الآن على الأجندة، وذلك بسبب معارضة مصر الشديدة. القيادة العسكرية في مصر تطالب بشدة بأن تنفذ إسرائيل كل بنود الاتفاق الذي وقع مع حماس. لا سيما البند المتعلق بانسحاب الجيش الإسرائيلي من محور فيلادلفيا. مصادر في مصر اقتبست في موقع "العربي الجديد"، قالت إن الجيش المصري يعارض أي تنازل مصري في هذه القضية.
مصدر دبلوماسي مصري سابق، مطلع على المزاج السائد في قصر الرئاسة، قال أول من أمس "قضية محور فيلادلفيا ليست فقط مسألة أمنية تكتيكية أو مسألة تخرق اتفاق كامب ديفيد"، حسب قوله، سيطرة إسرائيل على محور فيلادلفيا توفر لها القوة للتقرير متى وهل تفتح الحدود بين غزة وشبه جزيرة سيناء، وهكذا تسمح لمئات آلاف الغزيين اجتياز الحدود والتركز في الأراضي المصرية. "النتيجة يمكن أن تكون كارثة"، أوضح المصدر. "لأن الجيش المصري يمكن أن يجد نفسه في وضع يجب عليه فيه إطلاق النار على المواطنين الهاربين لمنع دخولهم، والأخطر من ذلك هو الوصول الى مواجهة عسكرية مع القوات الإسرائيلية". المصدر نفسه أضاف، أيضا، أن التفسير الذي تم تقديمه في مصر لقرار إسرائيل وقف إدخال المساعدات الإنسانية هو أنه يستهدف ليس معاقبة حماس أو استخدام الضغط عليها لتشكيل خطة جديدة لاتفاق تبادل المخطوفين - بل من أجل تحويل طرد الغزيين من القطاع الى أمر ملموس. المساعدات الإنسانية كسوط يمكن بواسطته إجبار الدول العربية على طرح حل مقبول لمسألة استمرار تواجد حماس في القطاع.
ولكن خلافا لتفسير مصر، الذي يعتبر تطبيق الاتفاق مع حماس ضمانة لوقف التهديد على مصر، يبدو أن إسرائيل لا تبحث عن حل إداري أو سياسي لقضية تواجد حماس في غزة. إذا حكمنا على الأمور حسب تصريحات رئيس الحكومة نتنياهو والوزراء، فإن هدف إسرائيل هو تدمير حماس وتخليد سيطرة إسرائيل في القطاع، "طالما كانت هناك حاجة الى ذلك". 
من هنا، فإن اقتراحات عربية لإدارة القطاع بواسطة قوة عربية أو قوة متعددة الجنسيات، ناهيك بواسطة السلطة الفلسطينية، لا تعد جزءا من خطة العمل التي تنوي إسرائيل تبنيها. حسب رأيها، بما أنها تحظى بالدعم الأميركي الكامل لأي قرار تتخذه، بما في ذلك خرق اتفاق إعادة المخطوفين الذي تم التوصل إليه بضغط أميركي وحصل على وصفه بالإنجاز المهم للرئيس ترامب، فإنها تستطيع أن ترسم مسار المفاوضات مع حماس ومع دول الوساطة. هذا المسار يؤدي إلى الهدف الاستراتيجي الذي تطمح إليه، حتى لو كان سيموت خلاله المزيد من المخطوفين أو أن احتمالية التطبيع مع السعودية ستدفن نهائيا.
بناء على ذلك، أيضا احتمالية تطبيق اقتراح مصر المؤقت الجديد الذي نشر عنه أول من أمس، غير واعدة. فهو ينص على أن وقف إطلاق النار سيستمر لأسبوعين، فيهما سيتم تحرير مخطوفين أحياء وأموات على دفعتين. مصر تتعهد بزيادة نشاطات الرقابة وإحباط العمليات على طول محور فيلادلفيا (حسب الخطة التي اقترحها الأميركيون في السابق)، في الوقت نفسه استئناف المفاوضات حول استكمال المرحلة الثانية في الصفقة. إسرائيل قامت بنفي وجود هذا الاقتراح المصري، أيضا ما سمي بخطة ويتكوف، التي تبناها نتنياهو -التي بحسبها نصف المخطوفين سيتم إطلاق سراحهم في اليوم الأول من تطبيق الخطة، وبعد ذلك إذا تم التوصل إلى اتفاق حول وقف دائم لإطلاق النار سيتم إطلاق سراح باقي المخطوفين- سيصعب تنفيذها. حماس في الحقيقة رفضت الخطة، لكن حتى لو حماس وافقت عليها، فإن القسم الثاني فيها كان سيواجه عائقا بسبب موقف إسرائيل الثابت والحازم الذي يعارض وقف إطلاق النار بشكل دائم. فعليا كانت ستبقي نصف المخطوفين في أسر حماس، مقابل الاتفاق القائم الذي تطبيقه، على الأقل نظريا، يمكن أن يعيد جميع المخطوفين الى بيوتهم.
على هذه الخلفية، من غير الواضح ماذا سيحقق وقف المساعدات الإنسانية عدا عن استعراض للقوة. حماس التي لديها احتياطي كبير من البضائع التي خزنتها خلال وقف إطلاق النار، حيث دخلت في حينه الى القطاع 600 شاحنة غذاء ودواء كل يوم، يمكنها، حسب التقديرات، أن تصمد وتوفر احتياجات السكان لأسابيع، وربما لأشهر، وبالتأكيد أبعد من الفترة التي تم تحديدها لاستكمال المرحلة الثانية من المفاوضات. المعنى هو أن الجدول الزمني سيواصل تعريض حياة المخطوفين للخطر، في حين أن حماس يمكنها تنظيم نفسها والتمركز في القطاع من دون أن يتعين عليها تنفيذ دورها في الاتفاق الذي خرقته إسرائيل.
لكن هذه فترة زمنية حاسمة فيها إسرائيل لا يمكنها أن تسمح لنفسها انتظار تأثير الضغط الإنساني على حماس. لا أحد يعد بأنه في هذه الفترة الزمنية لن تحدث تطورات دبلوماسية وسياسية تملي سلوكها. في الواقع، لا توجد حاجة الى تعليق الآمال على القمة العربية، لكن يوجد للسعودية وزن ثقيل في رسم سياسة ترامب في الشرق الأوسط، سواء تم اختيارها من قبل ترامب لاستضافة المفاوضات بين الولايات المتحدة وروسيا حول الحرب في أوكرانيا، أو لكونها ستكون الوسيطة بين الولايات المتحدة وإيران. الرياض التي تعهدت باستثمار 600 مليار دولار في عهد ترامب في أميركا، تبنت خطة مصر لإدارة غزة، وهي من شأنها أن تشكل الدولة الرئيسية في الدفع قدما بحل إداري في القطاع من أجل منع استئناف الحرب.    
ترامب أعطى إسرائيل يدا حرة للعمل في غزة، لكن السعودية ملتزمة تجاه مصر والأردن بمنع تنفيذ خطة الترانسفير، وهو ما قد يؤدي إليها وقف المساعدات الإنسانية واستئناف الحرب. ولا يقل أهمية عن ذلك هو تعهد ويتكوف الشخصي بإطلاق سراح جميع المخطوفين. وحتى الآن لم يصرح بصورة تدل على أن استئناف الحرب يمكن أن يدفع قدما بتحقيق هذا الهدف.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق