
السبيل – في سياق تصعيد جيش الاحتلال الإسرائيلي في سوريا، تتزايد المؤشرات على نية “تل أبيب” التدخل بذريعة حماية الدروز في منطقة جرمانا، وذلك في ظل الأوضاع السياسية غير المستقرة في دمشق بعد سقوط نظام بشار الأسد.
وأكد الكاتب والباحث السوري محمد شادي كسكين أن التصريحات الإسرائيلية والتحركات العسكرية تأتي في إطار الموقف الإسرائيلي العام تجاه الإدارة الحاكمة الجديدة في دمشق، مشيرًا إلى أن “الكيان الإسرائيلي يرى في سقوط نظام بشار الأسد خسارة استراتيجية، إذ فقد من خلاله نظامًا حافظ على أمنه وخدر شعوب المنطقة بشعارات المقاومة والتصدي لمدة تزيد عن خمسة عقود”.
وأضاف أن إسرائيل تعتبر أن الحكم الجديد في سوريا يشكل تهديدًا بعيد المدى على الأقل، “خاصة إذا نجحت الدولة السورية في حل مشاكلها الداخلية، وهو ما يفسر استهداف الجيش الإسرائيلي لنقاط وعتاد ما تبقى من جيش النظام بعد سقوطه”، مشيرًا إلى أن “الكيان الإسرائيلي لا يرغب في رؤية نظام حكم قوي ومستقر في دمشق”.
وحذر كسكين من أن إسرائيل تسعى إلى خلق “بؤر توتر غير مستقرة” يمكن تحريكها وفقًا لاحتياجاتها السياسية، وإرسال رسائل ترهيب إلى الحكومة السورية لتحجيم قدراتها.
وأوضح أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو “ما يزال تحت تأثير صدمة الهزيمة الاستخباراتية والعسكرية التي مني بها منذ السابع من أكتوبر وما تلاه من سلسلة هزائم متتالية على عدة مستويات. وبالتالي، فإنه يحاول الهروب من استحقاقات هذه الهزيمة عبر فتح جبهات خارجية، تمامًا كما فعل حين وسّع جبهة الحرب مع لبنان، الأمر الذي يعكس عدم ثقته في قدرة مؤسسته العسكرية على ضمان عدم تكرار سيناريو مشابه لما حدث في ٧ أكتوبر”.
ويرى كسكين أن “الكيان الإسرائيلي يعتقد أن في دمشق حاضنة شعبية واسعة مساندة للمقاومة الفلسطينية، ويريد من الحكومة السورية الجديدة ضبط هذه الحاضنة بل وتدميرها”.
وأشار إلى أن “الحكومة السورية الجديدة أبدت رغبتها في عدم دخول سوريا في أي صراع خارج حدودها، وموقفها الحالي واضح في مطالبتها بانسحاب القوات الإسرائيلية إلى خطوط فض الاشتباك ما قبل سقوط النظام البائد”.
كما أعرب عن اعتقاده بأن تركيا “قد تتدخل لضبط أي عدوان إسرائيلي على سوريا أو وقفه ومنع تدهور الأوضاع”.
من جانبه، أكد الباحث السوري ياسر العيتي أن رئيس حكومة الاحتلال “يحاول استغلال الفراغ الأمني في سوريا بعد سقوط نظام الأسد”.
وأضاف العيتي أن “الاحتلال يسعى إلى السيطرة على أراضٍ جديدة في الجنوب السوري، مستغلاً حالة عدم الاستقرار”، موضحًا أن “إسرائيل تحاول توظيف قضية حماية الدروز كذريعة لبث الفتنة بين مكونات الشعب السوري، حيث لا مصلحة لها في وجود سوريا موحدة ذات تجربة وطنية ناجحة على حدودها”.
وأشار العيتي إلى أن “الحكومة السورية الحالية تمتلك أوراقًا قليلة في مواجهة الاحتلال، إذ إنها ليست بصدد الدخول في صراع مباشر مع إسرائيل، حيث تنصب أولوياتها على إعادة الإعمار، عودة النازحين، وتحسين الوضع الاقتصادي”.
وشدد على ضرورة أن تعمل “الإدارة السورية على ترتيب البيت الداخلي، خاصة مع وجود مناطق خارج سيطرة الدولة، سواء في الجنوب السوري أو في المناطق الخاضعة لسيطرة قسد”.
وإزاء ذلك، يبقى دور القوى الإقليمية والدولية، مثل روسيا وتركيا، حاسمًا في ضبط التوترات والضغط على إسرائيل لضمان عدم تطور الأوضاع إلى صدام مباشر لا تبدو حكومة دمشق مستعدة له في الوقت الراهن. قدس برس
0 تعليق