الآن عصر القوة

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بقلم: الوف بن  4/3/2025

مراسم الإهانة التي مرت على الرئيس الأوكراني في البيت الأبيض ذكرت بعلاقات السيادة في العالم القديم: الزعيم – التابع، الذي تم استدعاؤه إلى القيصر وقدم له هدية من الذهب والفضة مغلفة بكلمات التملق والتقدير مقابل رعايته وحمايته. زيلينسكي وقف أمام دونالد ترامب من اجل أن يعطيه كهدية المناجم النادرة في دولته، لكنه فشل في امتحان السجود للسيد وتم طرده من القصر بشكل مهين.اضافة اعلان
  بعد انهيار الاتحاد السوفييتي تنبأ العالم الأميركي فرنسيس فوكوياما بـ "نهاية التاريخ" في أعقاب ما ظهر كانتصار ساحق لا يمكن التراجع عنه للديمقراطية والليبرالية بحماية الولايات المتحدة. متأثر بانتهاء الحرب الباردة تنبأ فوكوياما بعالم مفتوح يسعى إلى الحرية والازدهار، ولم ينجح في تخيل صعود الصين وعودة الديكتاتورية إلى روسيا وتعزز الشعبوية الوطنية المتطرفة في أميركا، الهند، تركيا وإسرائيل. الواقع في 2025 يختلف كثيرا عن المدينة الفاضلة التي تنبأ بها.
 اللقاء بين ترامب وزيلينسكي، الذي قامت فيه أميركا بالتضحية بأوكرانيا وتقديمها لفلادمير بوتين، حدد انعطافة جديدة: نهاية التاريخ، لكن بشكل معاكس. النظام الجديد في واشنطن مزق الغلاف الرقيق للاخلاق التنور الذي لف السياسة الداخلية والخارجية الأميركية، مهما كان منافقا ومعيبا، ووضع مكانه المبدأ الذي يقول بأن من لديه القوة هو السيد. إدارة الحكومة أعطيت لشخص ثري جدا، "اوليغركي"، العالم تم تقسيمه إلى مناطق نفوذ للدول العظمى، ومن يقف في الطريق سيتم سحقه كما حدث لزيلينسكي .
  إسرائيل تتفاخر بأنها "الدولة العظمى الأقوى بين بنغلاديش وماراكش"، مثل أقوال اهود باراك القديمة، ولكن بمفاهيم عالمية هي قارب من الورق ينجرف مع التيار. اتفاقات أوسلو كانت نتيجة مباشرة لنهاية التاريخ السابق، وهو الثمن الذي دفعته إسرائيل من أجل قبولها في النظام الليبرالي برئاسة الرئيس بيل كلينتون. ولكن حتى عندما كانت في ذروة الشهرة الدولية فان العملية السلمية كانت أمرا مثيرا للجدل بدرجة كبيرة في إسرائيل وتسببت بانقسام داخلي الامر الذي أدى إلى اغتيال رئيس الوزراء.
  روح العصر الحالية التي تهب من البيت الأبيض لترامب وفانس مقبولة في إسرائيل أكثر بكثير من أحلام السرور والاخوة لفوكياما وكلينتون. ومثل سادته الأميركيين أيضا نتنياهو "يصارع ضد النخبة" من أجل إقامة نظام ديكتاتوري بدون كوابح وتوازن. بعد أن تنصل من المسؤولية عن كارثة 7 أكتوبر فإن سياسته الخارجية تأخذ الإلهام من نظرائه الديكتاتوريين – تدمير وترانسفير لسكان قطاع غزة، ضم وسلب في الضفة الغربية، احتلال منطقة نفوذ في سورية. نتنياهو يحب التاريخ والجيوسياسية، وهو يشكل في نظره الشرق الأوسط من جديد كنسيج لدول تحت رعاية إسرائيل. 

أخبار ذات صلة

0 تعليق