تسفي برئيل 5/3/2025
إسرائيل أصبحت تشبه شبكة سوبرماركت بإدارة فاشلة أدت إلى تدهورها نحو الهاوية، ولكنها تواصل وتفتح المزيد من الفروع وتبث بأن كل شيء على ما يرام. ليس كل شيء على ما يرام، بل هي اقوى من أي وقت مضى. تحقيقات الجيش التي تدل على الإهمال والتخلي والعجز العميق التي أدت إلى القتل المتعمد، وقتل واصابة آلاف المدنيين والجنود، وبالإضافة إلى المخطوفين الذين ما يزالون يحتضرون في أنفاق غزة- كل ذلك يعد في هذه الإدارة "ضررا جانبيا" لا مناص منه عندما نريد الدفاع عن الوطن، وبالأساس الحفاظ على الهيبة الضائعة.اضافة اعلان
هذه الإدارة لن تسمح لـ "جهات معادية"، مثل لجنة تحقيق رسمية، بفحص سلوكها الذي استمر لسنوات وتسبب بالضرر والدمار الأكثر فظاعة في تاريخ الدولة. هي تشير إلى "الإنجازات الكبيرة" التي حققتها مثل تصفية قادة حزب الله وحماس، وشخصيات إيرانية رفيعة وعلماء إيرانيين، وكأن في ذلك ما من شأنه أن يقلل الخسارة الخيالية غير المسبوقة التي حدثت تحت قيادتها. هذه الإدارة تواصل خرق الاتفاقات بشكل فظ، التي هي نفسها صاغتها ووقعت عليها، وكأنها كانت بطاقات لا قيمة لها. هكذا مرة أخرى تم فتح اتفاق المخطوفين، الذي كان يجب أن ينتهي بتحرير جميع المخطوفين في نهاية المرحلة الثانية، والآن لا يوجد أي تأكيد على أنه سينفذ. بدلا من المخطوفين يبدو أننا سنكتفي بوعد فارغ، وهو تدمير حماس. ومثل شركة تقوم بإعطاء المدينين تسهيلات سخية بعد الإعلان عن إفلاسها، فإنه الآن يطلب من المواطنين الثقة بمدين تخلف عن التسديد أو متهم بمخالفة جنائية، واثبت بالفعل أهمية وعوده في الممارسة العملية.
حول نقل السيطرة عن فرع غزة إلى جهة ليست حماس، لا يوجد ما يمكن التحدث عنه. محور فيلادلفيا الذي تنازل عنه نتنياهو في السابق بتوقيعه، مرة أخرى تحول إلى أساس وجودنا – هكذا حول رئيس الحكومة منطق الاتفاق رأس على عقب. فبدلا من مناطق مقابل مخطوفين، أي الانسحاب من غزة حسب طلب حماس، فان إسرائيل اقترحت على حماس مخطوفين مقابل استمرار سيطرتها في غزة. في هذه الاثناء سكان غلاف غزة يجدون صعوبة في العودة إلى بيوتهم، وبالأساس هم لا يعرفون الآن إذا كانت حياتهم ستكون أكثر أمنا.
وضع الفرع في لبنان ليس افضل. في الحقيقة هو وفر التفاخر الكبير والمكاسب الكبيرة التي لا يجب الاستخفاف بها. ولكن صيانته تكلف الدولة مبالغ طائلة. إسرائيل خرقت اتفاق وقف إطلاق النار بدعم من أميركا، والجيش الإسرائيلي ما يزال يحتفظ بعدد من المواقع الدفاعية في لبنان. ومثلما في غزة فإنه غير معروف متى ستنسحب إسرائيل من هناك. آلاف سكان الشمال يأملون بالعودة إلى حياتهم الطبيعية، وترميم بيوتهم وحقولهم والعودة إلى المدارس. ولكن الشعور بالأمن الذي وعدوا به يشبه ما حصل عليه حتى الآن سكان غلاف غزة.
كل ذلك لا يزعج إدارة شبكة السوبرماركت في التوسع. ففي الأسبوع الماضي قامت إسرائيل بافتتاح قناة أخرى لزبائن راضين جدد. "نحن لن نسمح للنظام الإسلامي في سورية بالمس بالدروز. نحن أصدرنا تعليمات للجيش الإسرائيلي للاستعداد وإرسال رسالة تحذير شديدة وواضحة"، هذا ما أعلنه يسرائيل كاتس، المعروف بلقب وزير الدفاع. حماية الأقليات هي مهمة إنسانية حيوية، وإسرائيل تميزت بها. ويشهد على ذلك الدروز في إسرائيل. ليس لأن أحدا في سورية استدعى خدمة الحماية للجيش الإسرائيلي، أو أنه وراء هذا التصريح تختفي إستراتيجية ذكية معينة، لكن أيضا هذه فرصة لتبرير تواجد الجيش الإسرائيلي في المناطق الجديدة التي احتلها في سورية.
امبراطوريات اكبر وأقوى من إسرائيل سبق واستخلصت الدرس التاريخي الصعب: التواجد العسكري في المناطق لمحتلة لا يعتبر ضمانة للامن. الحفاظ على المركز، على الدولة الأم، مناعتها واستقرارها وازدهارها، هو الشرط الحيوي لاستمرار وجودها. حكومة إسرائيل تطمح إلى الاثبات بأن امبراطوريات اكبر منها أخطأت، وفقط من المؤسف أن التكلفة الضخمة لهذه المحاولة يدفعها مواطنو الدولة.
0 تعليق