من ينجو في السباق الرمضاني.. صناع الدراما أم مروجو "التريند"؟

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
عمان- كم مرة قررت متابعة مسلسل فقط لأن مقطعا مؤثرا منه ظهر على تيك توك، أو لأن تعليقا حماسيا لفت انتباهك أثناء تصفحك للريلز؟
في زمن أصبحت فيه الشاشات الصغيرة تنافس التلفاز، لم يعد نجاح المسلسلات الرمضانية يقاس فقط بنسب المشاهدة التقليدية، بل أصبح يحدد بعدد المشاهدات على "ريلز" إنستغرام وتيك توك، ومدى انتشار المقاطع القصيرة على السوشال ميديا.اضافة اعلان
لكن هل يعكس الترند نجاحا حقيقيا؟ أم أن بعض الأعمال تُدفع للأضواء بأساليب مدروسة؟
اليوم، لم يعد اختيار ما نشاهده عشوائيا، بل بات متأثرا بتعليقات عابرة تحت مقطع متداول، أو بترشيح من مؤثر على وسائل التواصل الاجتماعي. فهل توجه آراء المشاهير اختياراتنا بالفعل؟ وهل يستطيع صناع الدراما استغلال المنصات الرقمية للتأثير على الرأي العام وزيادة نسب المشاهدة؟
أدوات تسويقية فعالة
"التريلرات" الممنتجة بإتقان، والمقاطع القصيرة الجذابة، أصبحت أدوات تسويقية فعالة، قد تدفع لمتابعة عمل معين. لكن، هل تمنحنا هذه الوسائل تقييما موضوعيا للمحتوى، أم أنها تكتفي بإثارة الفضول والتشويق؟
ومع حلول شهر رمضان، بدأ السباق الدرامي على الشاشات العربية، حيث تتنافس القنوات التلفزيونية والمنصات الرقمية على تقديم مجموعة متنوعة من المسلسلات، ساعية إلى جذب أكبر فئة من الجمهور، كل وفق إستراتيجيات خاصة.
ويتميز موسم رمضان 2025 بتنوع كبير في المحتوى، إذ يجمع بين الدراما الاجتماعية التي تسلط الضوء على قضايا المجتمع، وأعمال الأكشن المشوقة، والمسلسلات الكوميدية التي تضفي أجواءً من الترفيه، بالإضافة إلى الأعمال التراثية التي تعيد إحياء قصص من الماضي بروح جديدة.
ومع بدء العرض الفعلي للمسلسلات، تشتد المنافسة بين الإنتاجات المختلفة، حيث يسعى كل عمل إلى تحقيق أعلى نسب مشاهدة وجذب اهتمام الجمهور، من خلال الأداء القوي، والسيناريوهات المحكمة التي تقدم حبكات درامية مشوقة.
 توجيه اهتمامات المشاهدين
ومع وجود هذا التنافس، تلعب منصات التواصل الاجتماعي دورًا بارزًا في توجيه اهتمامات المشاهدين، حيث تسهم في إبراز الأعمال الأكثر رواجًا وتحفيز النقاش حول تفاصيلها لتحقيق اعلى نسب مشاهدة.
وفقًا للتقرير السنوي الصادر عن منصة DataReportal: بلغ عدد مستخدمي الإنترنت في الأردن 10.7 مليون شخص في بداية عام 2025، ما يعكس نسبة انتشار بلغت 92.5 % من إجمالي عدد السكان الذي بلغ 11.6 مليون نسمة في كانون الثاني 2025.
بالنسبة لمنصة إنستغرام، بلغ عدد مستخدميها 4.05 مليون شخص، أي بنسبة 35 % من السكان، مع تسجيل نمو ملحوظ بزيادة 350 ألف مستخدم خلال عام 2024، بنسبة ارتفاع بلغت 9.5 %.
أما بالنسبة لتطبيق تيك توك، فقد شهد انخفاضًا في عدد مستخدميه بمقدار 376 ألف مستخدم، بنسبة تراجع بلغت 14.1 %، ليصل عدد المستخدمين إلى 2.3 مليون في بداية 2025، ما يعادل 31.2 % من البالغين في الأردن.
 التحكم في شعبية العمل
وفي هذا السياق، يتحدث الخبير والمدرب الإعلامي بشير مريش عن دور السوشال ميديا في تعزيز التفاعل مع الدراما الرمضانية، حيث يرى أن وسائل التواصل الاجتماعي قد غيّرت بشكل جذري الطريقة التي يتفاعل بها الجمهور مع المسلسلات.
يوضح مريش أنه اليوم لم يعد المشاهد متلقيًا سلبيا، بل أصبح جزءًا من النقاش العام حول المحتوى الدرامي، ومن خلال فيسبوك، تويتر، وإنستغرام، يتمكن الجمهور من تبادل الآراء الفورية، توقع الأحداث القادمة، وحتى التأثير على الرأي العام بشأن العمل الفني.
هذا التفاعل المستمر، وفق مريش، يخلق حالة من الحماس قد ترفع شعبية المسلسل أو تؤدي إلى انهياره بسبب النقد اللاذع، حيث أن التريندات والهاشتاغات تلعب دورا أساسيا في توجيه اهتمام الجمهور نحو عمل معين. ويذهب إلى أنه "إذا أصبح مسلسل معين على قائمة التريند، فإن الفضول سيدفع عددا أكبر من المشاهدين لمتابعته حتى لو لم يكن ضمن اهتماماتهم. وهذا ما نشهده كل عام خلال شهر رمضان".
 الفرق بين الأكثر تداولًا والأكثر مشاهدة
أما عن التأثير على نسبة المشاهدة، فيوضح مريش لـ "الغد" أن التريند قد لا يكون دائما انعكاسا لنسب المشاهدة الحقيقية، مبينا أن هناك فرقا بين أن يكون المسلسل الأكثر تداولًا وبين أن يكون الأكثر مشاهدة. أحيانا، يصبح عمل ما تريندا بسبب مشهد مثير للجدل أو لقطة ساخرة يتم استخدامها، لكن ذلك لا يعني بالضرورة أن الناس يتابعون الحلقات بشكل منتظم.
في المقابل، عندما يكون التفاعل إيجابيا ومبنيا على قصة قوية وأداء مميز، فإن ذلك يترجم إلى زيادة فعلية في نسب المشاهدة. الى ذلك، فإن بعض المسلسلات تعتمد على المؤثرين والمشاهير لدفعها إلى الواجهة من خلال الحديث عنها أو مشاركتها، لكن التفاعل المصطنع لا يدوم طويلاً إذا لم يكن العمل جذابًا بالفعل. ولا تتوقف تأثيرات السوشال ميديا عند الترويج للمسلسلات، بل تمتد إلى نقاشات جماهيرية قد تؤثر على استمرار العمل، فعندما يكون هناك تفاعل إيجابي كبير على وسائل التواصل، فإنه يثير فضول المشاهدين ويحفزهم على متابعة المسلسل، بحسب مريش.
على سبيل المثال، إذا انتشرت مقاطع مشوقة أو مشاهد مؤثرة، فذلك قد يدفع المشاهدين الجدد إلى متابعة الحلقات السابقة للحاق بالموجة. لكن يحذر مريش من أن التفاعل ليس دائمًا في صالح العمل، ففي بعض الحالات، تتحول وسائل التواصل إلى سلاح ذي حدين، حيث يمكن أن يؤدي النقد السلبي إلى تراجع شعبية العمل. في بعض الأحيان، يكون النقد مبنيا على نقاط ضعف حقيقية مثل ضعف الحبكة أو الأداء التمثيلي، لكن في أحيان أخرى، قد تتسبب موجة من السخرية أو الانتقادات في تشويه صورة المسلسل حتى لو كان جيدا.
هل يستطيع الجمهور تغيير مسار العمل بعد عرض حلقاته الأولى؟
يجيب بشير مريش بأن ردود الفعل الجماهيرية أصبحت تلعب دورا رئيسا في تحديد مسار المسلسل بعد عرضه، وبعض صناع الدراما يتابعون آراء الجمهور على وسائل التواصل بدقة، وقد يقومون بإجراء تعديلات على السيناريو أو حتى على طريقة إخراج بعض المشاهد بناء على ردود الفعل. في بعض الحالات، إذا لاحظ المنتجون أن هناك شخصية محبوبة بشكل استثنائي، قد يتم توسيع دورها في الحلقات القادمة.
لكن في المقابل، إذا واجه مسلسل نقدا لاذعًا منذ البداية، فقد يكون من الصعب إنقاذه حتى لو تم تحسينه لاحقًا. في رمضان 2024، شهدنا حالات لمسلسلات فقدت جمهورها بسرعة بعد أولى حلقاتها بسبب الانتقادات الحادة، ولم تستطع استعادة شعبيتها لاحقا.
التغيير في إستراتيجيات الترويج
وحول كيفية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في التسويق للأعمال الدرامية، يؤكد المريش أن الحملات الرقمية أصبحت جزءًا أساسيًا من إستراتيجيات الترويج، ولم يعد الإعلان التقليدي كافيًا. اليوم، تعتمد شركات الإنتاج على وسائل التواصل الاجتماعي لإنشاء حملات تفاعلية تشمل التحديات، المقاطع القصيرة، والهاشتاغات الخاصة بالمسلسل.  ويضيف المريش أن "الميمز" والتحديات أصبحت أدوات فعالة في الترويج للمسلسلات، فعندما يتحول مشهد من المسلسل إلى ميم كوميدي أو يتم استغلاله في تحد على تيك توك، فإن ذلك يخلق زخما هائلا يزيد من انتشاره، حتى لو لم يكن المسلسل هو الأفضل من الناحية الفنية.
من هم الأكثر تأثيرًا في تشكيل التريندات في الأردن؟
بحسب دراسة حديثة عن المشهد الرقمي في الأردن، فإن الفئات الأكثر تأثيرًا في تحديد التريندات كما يقول مريش، تشمل المؤثرين على تيك توك وإنستغرام الذين يروجون للمسلسلات من خلال مقاطع قصيرة ومراجعات تفاعلية.
أيضا، الإعلاميون والصحفيون الذين ينقلون آراءهم عبر تويتر وفيسبوك ويخلقون نقاشات حول المسلسلات.
كذلك، صانعو المحتوى الساخر الذين يستخدمون الكوميديا لعرض المراجعات، مما يؤثر بشكل كبير على كيفية استقبال الجمهور للمسلسل.
في النهاية، يبدو واضحا أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت اللاعب الأساسي في صناعة الدراما الرمضانية، حيث لم يعد النجاح مرتبطًا فقط بعوامل الإنتاج التقليدية، بل أصبح يتأثر بردود الفعل الرقمية والتريندات المتسارعة.
فهل يبقى التفاعل الجماهيري عاملًا إيجابيًا دائما، أم أن السوشال ميديا قد تكون سيفا قاطعا يقضي على مستقبل بعض الأعمال؟ الأيام القادمة وحدها ستكشف المزيد عن هذا التأثير المتزايد.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق