التوتر في البحر الأحمر بين خطاب روبيو وعبد الملك

السبيل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

مارس 8, 2025 10:56 م

حازم عياد

حازم عياد

إسقاط طائرة مسيّرة من طراز MQ-9 تابعة للقوات الأمريكية الناشطة في البحر الأحمر لم يكن الحادثة الأولى من نوعها التي تنجح فيها حركة “أنصار الله” الحوثية في إسقاط طائرة من هذا الطراز، منذ أن دخل وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ في يناير/كانون الثاني من العام الحالي.

غير أن إسقاط المسيّرة الأمريكية هذه المرة تزامن مع إعلان وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو فرض عقوبات على حركة “أنصار الله” الحوثية، واتهامه في آنٍ واحد الحركة بـ”تجنّب استهداف السفن التي تحمل العلم الصيني أثناء استهداف السفن الأمريكية والحليفة”، في محاولة لتبرير العقوبات بربطها بالاستراتيجية الأمريكية الهادفة لمواجهة الصين ونفوذها العالمي المتعاظم.

موقف دفع حركة “أنصار الله” الحوثية إلى تصحيح مساره عبر التأكيد على الأسباب الكامنة وراء التوتر في البحر الأحمر، واتهامها بالإرهاب وفرض العقوبات عليها في الوقت ذاته، حيث تمثّلت هذه الأسباب بالحرب الدائرة في قطاع غزة. فقد أعلن يوم أمس زعيم حركة “أنصار الله” الحوثية، عبد الملك الحوثي، مهلة أربعة أيام لرفع الحصار عن قطاع غزة، والامتناع عن انتهاج سياسة التجويع بحق الفلسطينيين، مهدداً بالعودة إلى استهداف السفن التابعة للكيان الإسرائيلي والدول الحليفة له.

البحر الأحمر عاد إلى واجهة المشهد، وليس من الواضح الكيفية التي ستتعامل بها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع هذا التصعيد المرتقب، إذ تحوي ردود الفعل الأمريكية سيناريوهات متعددة، تتراوح بين الضغط على الكيان الإسرائيلي لإدخال المساعدات إلى القطاع، والاكتفاء بالعقوبات المفروضة على حركة “أنصار الله” في اليمن، وبين الاشتباك المباشر مع الحركة مجدداً في البحر الأحمر، وهو السيناريو الذي لا يفضّله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

في المحصلة النهائية، فإن سيناريو الاشتباك يبدو أقرب للواقع من سيناريو الاستجابة السريعة لإدارة ترامب بالضغط على الكيان الإسرائيلي وإدخال المساعدات، ما سيتسبب بإحراج كبير للإدارة الأمريكية، التي تحاول الضغط على الحوثيين للتفاوض عبر العقوبات، ليجد ترامب نفسه عالقاً في ملفات متشابكة ومعقدة لا يمكن الفصل بينها.

فالمسارعة في الانتقال إلى مفاوضات المرحلة الثانية في قطاع غزة وفتح قنوات اتصال مباشرة مع حركة “أنصار الله” الحوثية تبدوان مترابطتين عضوياً، وهي مسألة لم يختبرها ترامب في رئاسته الأولى عندما نقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس المحتلة في العام 2018، بقرار أصدره في ديسمبر/ كانون الأول من العام 2017.

ختاماً.. التوتر في البحر الأحمر أكد الحضور السياسي والأمني لحركة “أنصار الله” الحوثية مجدداً، من خلال توظيف عناصر القوة والضعف على نحو مثير للاهتمام، إذ أنها لاعب سياسي متفاعل مع بيئته، في حين أن المراوغة الإسرائيلية والامتناع عن تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، والتلكؤ في الانتقال إلى مفاوضات المرحلة الثانية، كان سبباً في رفع منسوب التوتر في المنطقة، على نحو هدّد استراتيجية الولايات المتحدة وإدارتها الجديدة. فأمن المنطقة مترابط، ويصعب الفصل بين أجزائه وزواياه، وهو أمر لا يستطيع دونالد ترامب تجاهله هذه المرة كما حدث في مايو/ أيار من العام 2018.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق