محظور علينا الخروج إلى مغامرة في سورية

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بقلم: ايال زيسر  9/3/2025

في قطاع غزة يسود وقف نار، وفي ظله رممت حماس قوتها وعادت لتحكم بيد عليا القطاع وسكانه.
أما في لبنان وإن كان الجيش الإسرائيلي يبقي على تواجد على طول خط الحدود، تواجد رمزي تبدو صورته جميلة في وسائل الإعلام، لكن عمليا عاد تنظيم حزب الله ليبرمم قدراته وقوته، بحكم اتفاق الهدنة الذي وقعنا عليه قبل ثلاثة أشهر.اضافة اعلان
لكن لمن يسأل إلى أن تتجه اليوم طاقة دولة إسرائيل، يعطى الجواب – ليس كي تضمن تصفية حماس في غزة أو كي تهزم حزب الله، لا وكلا.
 الطاقة تتجه إلى الدفع قدما بمغامرة في سورية- مغامرة سخيفة، عديمة المنطق السياسي والعسكري، ستلحق فقط الضرر بنا في المستقبل.
في بداية كانون الأول (سبتمبر) حُسم الأمر في دمشق حين انهار نظام بشار الأسد، شيطاننا المعروف والمحبب. فقد حرص الأسد على الحفاظ على الهدوء على طول الحدود معنا، لكنه سمح لإيران أن تتموضع في بلاده وساعدها على أن تجعل حزب الله تهديدا مهما علينا.
مكانه استولى عليه أحمد الشرع، الذي عرفناه كأبي محمد الجولاني، زعيم "جبهة تحرير الشام"، جسم تعود جذوره إلى القاعدة وإلى داعش، منذئذ لا يمر يوم دون أن يبعث الشرع لنا برسائل تهدئة. بل وحتى مصالحة. متحدثون بلسانه تنبأوا بإمكانية إقامة سلام معنا، فيما أنه هو نفسه يعود ليشرح بأن سورية هي دولة مدمرة وبالتالي فإن وجهتها ليست للحرب وكل ما يطلبه هو علاقات جيرة طيبة مع الدول المحيطة بها. العدو بل وحتى الشيطان بالنسبة للشرع هو إيران وحزب الله اللذان لن يغفر لهما في سورية دورهما في ذبح مئات آلاف السوريين في خدمة الأسد.
هل يمكن الثقة بالشرع وتصديق كلامه؟ ليس مؤكدا على الإطلاق. ينبغي التعامل معه وفقا لقاعدة "احترمه وشك فيه"، متابعة افعاله وليس فقط تصريحاته، وعدم السماح بتثبيت كيان إرهاب في شمالنا، إذا ما اختار الشرع بالفعل طريق المواجهة، الامر الذي لا يبدو معقولا في هذه اللحظة. في نفس الوقت، ليس لإسرائيل أي مصلحة لجعل نفسها عدوا لسورية الجديدة طالما كانت هذه لا تبث عداء وعدوانا تجاهنا.
غير أنه في الأشهر الثلاثة الأخيرة ارتكبت إسرائيل كل خطأ ممكن في سورية.  أولا، احتلال أراضٍ في داخل سورية دون أي حاجة أمنية، بل بمجرد أنه ممكن ولان صورة الأمر تبدو جميلة. ثانيا، إعلان فارغ من المضمون عن إقامة منطقة مجردة من السلاح من جنوبي دمشق، الأمر الذي هو على أي حال غير عملي. وأخيرا، الإعلان بأننا سنأتي لنجدة الدروز الذين لا يريدون نجدتنا على الإطلاق.
الدروز في سورية مثل إخوانهم في لبنان وفي إسرائيل، يرون أنفسهم جزءا لا يتجزأ من الدولة التي يعيشون فيها. اليوم هم يكافحون في سبيل مكانتهم في سورية حيال الشرع ورجال الذين لاحقوهم بل وقتلوا منهم في الماضي. ولكن الدروز رأوا وما يزالون يرون أنفسهم كسوريين، وغني عن البيان انه لا يطرأ على بالهم أن يطلبوا مساعدة مباشرة من إسرائيل. فبعد كل شيء، هم يعرفون بشكل افضل منا بأن عندنا السياسة تتغير مثل مؤشر اتجاه الريح، لكن مستقبلهم هو أن يبقوا في المجال السوري، وهم لا يريدون ان يوصم هذا المستقبل بوصمة التعاون معنا. وهكذا نجحت إسرائيل في ان تفرض نفسها كمسألة مركزية على جدول الأعمال السوري بعد أن اعتبرنا كثيرون من السوريين حتى كعنصر إيجابي وعاطف، وبالتأكيد في ضوء الضربات التي اوقعناها على حزب الله. أما الآن فيعود الجميع لان يروا فيها، في سورية وفي أوساط أصدقائنا في الخليج أزعر كل رغبته هو استعراض القوة، التوسع والاستيلاء على أراض ليست له.
بأيدينا أنفسنا نحن ندفع سورية إلى أذرع تركيا، ومن لا يريد الشرع سيتلقى اردوغان.
عن إسرائيل ندافع من أراضي إسرائيل. لو كنا فعلنا هذا في 7 تشرين الأول (أكتوبر)، ما كانت لتقع الكارثة. عن إسرائيل ندافع بتشخيص القدرات العسكرية للعدو وإبادتها. لو كنا فعلنا هذا قبل الأوان في لبنان، لوفرنا على أنفسنا مشاكل كثيرة.
عن إسرائيل لا ندافع بتصريحات عليلة وبخطوات علاقات عامة – لا تخدم أمننا القومي بل فقط تمس به.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق