فلقد كانت هناك مجموعة عظيمة من الإبادات الجماعية في مناطق مختلفة من القوى الغربية، منها ما قامت به ألمانيا بحق شعب ناميبيا، وكذلك ما حصل بحق الأرمن، والمجازر البريطانية بحق الهنود البنغال التي أدّت إلى مقتل ثلاثة ملايين شخص. وإلقاء قنبلتين نوويتين على سكان مدينتي هيروشيما وناجازاكي في اليابان. لم تكن الإبادات الجماعية والمجازر الجمعية بحق الآخرين هي حصرياً من صنع الأنظمة الفاشية النازية الألمانية؛ لأن ما حصل للسود في أفريقيا على أيدي الغرب، كذلك ما حصل للسكان الأصليين في أمريكا الشمالية على أيدي المستعمر الأبيض وهو أيضاً نفس المصير الذي لقيه السكان الأصليون للقارة الأسترالية. ولا يمكن إغفال ما حصل للشعب المكسيكي أو الشعب الصيني الذي تعرض لمجازر ممنهجة بحرب منظمة شنتها عليه بريطانيا عن طريق الأفيون، وطبعاً لا يمكن نسيان المجازر بحق الشعب الفيتنامي.
ولأن المحرقة النازية الألمانية بحق اليهود كانت أول إبادة جماعية من الرجل الأبيض بحق الرجل الأبيض كان هذا سبباً عميقاً للإحساس بالذنب الذي صاحب المجتمعات الغربية، ولذلك يبدو الغرب اليوم جامداً وفي حالة إنكار تام لما تقوم به إسرائيل من مجازر بحق الفلسطينيين في غزة على عكس سكان جنوب العالم الذين يستطيعون معرفة معنى الإبادة الجماعية لأنهم عانوا منها تاريخياً، وبالتالي قاموا فوراً بالتظاهر بالاعتراض وعبّروا عن موقفهم بصريح العبارة.
الإبادة الجماعية الحاصلة في غزة والتي تبث على الهواء على مدار الساعة ويتم تكريس استمرار أهدافها بوسائل شتى ومختلفة مثل القتل والتجويع وإيقاف العلاج ومنع الدواء وسائر أوجه العيش الآدمي الكريم هي شهادة إدانة بحق المجتمع الدولي محرقة جديدة بهدف واحد ونفسه ولكن هذه المرة بأدوات مختلفة.
إن ما يحصل من إنكار في الأوساط الغربية تجاه مجازر إسرائيلية بحق الفلسطينيين لهو يؤكد ما قيل من قبل على لسان المؤلف الأمريكي نورمان ج.فنكلستين عن حرص مؤسسات يهودية نافذة على إبقاء محرقة واحده فقط أمام العالم وهي المحرقة النازية بحق اليهود الهولوكوست، وهي المسألة التي سماها صناعة الهولوكوست في كتاب يحمل نفس العنوان. في هذا الكتاب يكشف البروفيسور نورمان ج.فنكلستين حقائق طمست في أكثر الدراسات المتعلقة بالهولوكوست (أو المحرقة اليهودية) إن لم يكن جميعها. فالحديث عن الهولوكوست لم يبدأ في الولايات المتحدة إلا بعد حرب 1967 من أجل حرف النقد عن سياسة «إسرائيل» التوسعية. ويكشف الكاتب زيف عددٍ كبيرٍ من شهادات «الناجين من الهولوكوست». كما يفضح الخداع الذي تمارسه المنظمات اليهودية الأميركية بحق الدول الأوروبية وبحق «الورثة الشرعيين» للحسابات اليهودية الهاجعة في البنوك الأوروبية، من أجل ابتزاز أكبر قدر من المال لدعم خزائن تلك المنظمات ولدعم إسرائيل وتسهيل الهجرة إليها.
الإبادة الجماعية الحاصلة في غزة بحق الفلسطينيين مستمرة مع الإنكار بحقها من قبل المجتمع الدولي.
أخبار ذات صلة
0 تعليق