نصر العاشر من رمضان.. حرب المعلومات ساهمت في تحقيق عنصر المفاجأة في العبور

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لعبت حرب العاشر من رمضان، الموافق للسادس من أكتوبر 1973 دورًا محوريًا في إعادة تشكيل موازين القوى في الشرق الأوسط، ولم يكن الانتصار فيها قائمًا فقط على القوة العسكرية، بل اعتمد أيضًا على استراتيجيات متقنة في حرب المعلومات والخداع والشائعات. فقد أدركت الأطراف المتحاربة مبكرًا أهمية التأثير النفسي والمعنوي على الجنود والسكان، مما دفعها إلى استخدام التضليل الإعلامي، والخداع الاستراتيجي، والشائعات كأدوات لتعزيز موقفها وكسب المعركة على الصعيدين العسكري والسياسي.

اعتمدت مصر على استراتيجية خداع متكاملة تهدف إلى إرباك العدو وزرع شعور زائف بالأمان، ما ساهم فى تحقيق عنصر المفاجأة عند شن الهجوم. في المقابل، لجأت إسرائيل إلى وسائل الحرب النفسية والدعاية الإعلامية المكثفة للتأثير على الرأي العام الدولي ورفع معنويات قواتها في مواجهة الهجوم العربي. ومن خلال هذه الأساليب، أصبحت حرب أكتوبر مثالًا بارزًا على دور المعلومات في تحديد نتائج النزاعات المسلحة وتوجيه مجريات الصراع.

90.jpg

الاستراتيجية المصرية فى الحرب النفسية

 

اعتمدت القيادة المصرية قبل وأثناء الحرب على خطة خداع استراتيجي محكمة، تضمنت نشر معلومات مضللة عن الأوضاع العسكرية والسياسية، بهدف إيهام العدو بأن مصر ليست مستعدة للحرب. وقد نجحت هذه الخطة في تضليل إسرائيل وإعطائها انطباعًا خاطئًا حول النوايا المصرية، مما ساعد فى تحقيق عنصر المفاجأة عند بدء العمليات القتالية. وقد شملت هذه الاستراتيجية عدة تكتيكات أساسية:

خداع التحركات العسكرية: عمدت القوات المسلحة المصرية إلى تقليل تدريباتها العلنية فى فترة ما قبل الحرب، حيث قامت بتخفيض مستوى الأنشطة العسكرية العلنية بشكل ملحوظ، كما تم الإيعاز بإجراء مناورات روتينية لا تثير الشكوك لدى العدو. بالإضافة إلى ذلك، لجأت القيادة إلى تسريح بعض جنود الاحتياط في فترة وجيزة قبل اندلاع الحرب، وذلك لإعطاء إسرائيل انطباعًا بأن الجيش المصري غير مستعد لخوض أي معارك كبرى في المستقبل القريب.

كان لهذا الإجراء تأثير كبير على الجانب الإسرائيلي، حيث أدى إلى تقليل مستوى التأهب والاستعداد العسكري في صفوف قواته. ونتيجة لذلك، لم تقم إسرائيل بتعبئة قواتها بشكل كامل، ما منح القوات المصرية أفضلية كبيرة خلال الساعات الأولى من الهجوم، حيث فاجأت القوات المصرية الجيش الإسرائيلي الذى لم يكن مستعدًا لصد هجوم واسع النطاق.

إشاعة العجز الاقتصادي: روجت القيادة المصرية لفكرة أن الاقتصاد المصري يمر بأزمة خانقة، وأن الحكومة تواجه صعوبات مالية تجعلها غير قادرة على تمويل أي عمليات عسكرية واسعة. وقد تم دعم هذه الشائعة بتقارير صحفية رسمية وتصريحات لمسئولين حكوميين تحدثوا عن أولويات التنمية الاقتصادية وضرورة التركيز على تحسين الوضع الداخلي.

ساعدت هذه الشائعات في ترسيخ قناعة لدى إسرائيل بأن مصر غير قادرة على خوض حرب جديدة، وهو ما أدى إلى تقليل احتمالات الاستعداد المسبق لديها. كما أن هذه الإشاعات وصلت إلى الدول الغربية، التى لم تتوقع أن تمتلك مصر القدرة على شن هجوم واسع النطاق، مما حدَّ من الدعم اللوجستى والعسكرى الذى قد تحصل عليه إسرائيل فى الأيام الأولى للحرب.

استخدام وسائل الإعلام: لعبت الصحافة والإذاعة المصرية دورًا مهمًا في توجيه الرأي العام، ليس فقط داخل مصر ولكن أيضًا على المستوى الدولي. فقد تم بث أخبار وتقارير تتحدث عن لقاءات دبلوماسية مكثفة، وإشارات حول رغبة مصر في تسوية سلمية مع إسرائيل، مما عزز الاعتقاد بأن القاهرة لا تفكر في اللجوء إلى الخيار العسكري.

أثرت هذه الحملة الإعلامية على القرار الإسرائيلي، حيث اعتمدت تل أبيب على المعلومات الواردة من وسائل الإعلام المصرية واعتقدت أن القاهرة لا تنوى القيام بأي عمليات عسكرية في المستقبل القريب. وقد أدى ذلك إلى انخفاض مستوى التأهب الإسرائيلي وإبعاد احتمال شن حرب من قائمة السيناريوهات المحتملة.

إيهام العدو بضعف القدرة الجوية: عملت القيادة المصرية على إيهام إسرائيل بأن القوات الجوية المصرية غير قادرة على تنفيذ عمليات هجومية فعالة. لتحقيق ذلك، تم تقليل طلعات الطيران الحربى العلنية، وتم أيضًا تقليص التدريبات الجوية العلنية، مما دفع المخابرات الإسرائيلية إلى الاستنتاج بأن سلاح الجو المصري ليس مستعدًا للمشاركة فى أى عمليات قتالية واسعة النطاق.

انعكست هذه الاستراتيجية بشكل مباشر على رد فعل إسرائيل عند بدء الحرب، حيث لم تكن تتوقع أن تشارك القوات الجوية المصرية بفاعلية فى الهجوم. ولكن عند بدء العمليات، أظهرت القوات الجوية المصرية قدرات عالية فى ضرب الأهداف العسكرية الحيوية، مما أربك الجانب الإسرائيلي وأفقده السيطرة فى الأيام الأولى من القتال.

91.jpeg

استخدام إسرائيل للحرب النفسية

 

فى المقابل، استخدمت إسرائيل تكتيكات متعددة للحرب النفسية بهدف التأثير على معنويات الجيوش العربية، لكنها فشلت فى تحقيق أهدافها، ومن الأساليب التى اتبعتها إسرائيل:

التهويل من قوة الجيش الإسرائيلي: سعت إسرائيل إلى نشر صورة مفادها أن جيشها لا يُقهر، وذلك من خلال وسائل الإعلام الغربية، التى أكدت تفوق الجيش الإسرائيلى فى جميع المعارك السابقة. استغلت إسرائيل نجاحاتها فى حروب ١٩٤٨ و١٩٥٦ و١٩٦٧ لإقناع العالم، وكذلك الدول العربية، بأن أى مواجهة جديدة ستكون نتيجتها محسومة لصالحها. وقد أثر هذا الترويج على بعض القيادات العربية، حيث أدى إلى تأخير بعض الخطط الهجومية خوفًا من رد فعل الجيش الإسرائيلي، إلا أن المفاجأة المصرية فى أكتوبر ١٩٧٣ بددت هذه الصورة الذهنية وأثبتت أن الجيش الإسرائيلى يمكن أن يُهزم.

إشاعة التفوق التكنولوجي: روجت إسرائيل لفكرة أن تقنياتها الحربية تفوق بكثير ما تمتلكه الدول العربية، سواء من حيث نوعية الأسلحة أو أنظمة الدفاع. وتم تسليط الضوء على تفوق سلاح الجو الإسرائيلى وقدرته على تدمير المطارات والقواعد العسكرية فى أى هجوم مفاجئ. هذا الترويج أثّر على بعض التحليلات العسكرية العربية فى البداية، لكن بعد بدء المعركة، أثبت الجيش المصرى قدرته على تحييد جزء كبير من التفوق التكنولوجى الإسرائيلي، من خلال استخدام أساليب تكتيكية جديدة مثل الكمائن المضادة للدبابات وصواريخ الدفاع الجوى المحمولة على الكتف.

تشويه الحقائق بعد الحرب: بعد اندلاع العمليات العسكرية، لجأت إسرائيل إلى تضليل الرأى العام العالمى عبر التقليل من حجم خسائرها العسكرية، وتصوير هجوم أكتوبر على أنه مجرد نجاح محدود للقوات العربية. كما استخدمت قنواتها الدبلوماسية ووسائل إعلامها لإظهار المعركة على أنها صراع وجودى فرض عليها، وليس محاولة لاستعادة الأراضى العربية المحتلة. هذا الأسلوب نجح فى كسب تعاطف الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، التى زادت دعمها العسكرى لإسرائيل خلال الأيام الأخيرة من الحرب.

التلاعب بالإعلام الغربي: استخدمت إسرائيل نفوذها الإعلامى فى الولايات المتحدة وأوروبا لتصوير مصر وسوريا كمعتديتين، بينما تم تصوير إسرائيل على أنها الدولة التى تدافع عن نفسها ضد هجوم غير مبرر. واستفادت تل أبيب من علاقاتها الوثيقة مع وسائل الإعلام العالمية لتوجيه الرواية الرسمية للحرب بما يخدم مصالحها. وقد انعكس هذا التلاعب فى تأخير بعض القرارات الدولية الداعمة للعرب، وإعطاء إسرائيل الوقت اللازم لاستعادة جزء من المبادرة العسكرية فى نهاية الحرب.

 

تأثير الشائعات على مسار الحرب

 

لعبت الشائعات دورًا بارزًا فى تحديد مسار الحرب والتأثير على الروح المعنوية لكل من الجنود والمدنيين فى الجانبين المصري والسوري من جهة، والإسرائيلي من جهة أخرى. فقد استُخدمت المعلومات المضللة والدعاية النفسية كأداة لتعزيز الثقة أو بثّ الذعر، مما انعكس على الأداء العسكري والسياسي خلال الحرب.

فى مصر وسوريا، كانت إذاعة الأنباء الإيجابية أداة مهمة لدعم الروح القتالية للجنود، إذ تم تداول أخبار عن النجاحات الكبيرة على الجبهات، مثل عبور القوات المصرية قناة السويس وتحطيم خط بارليف، وكذلك التقدم السورى السريع فى الجولان. هذه المعلومات عززت الثقة فى القدرة العسكرية العربية، وشجعت الجنود على مواصلة القتال بروح معنوية عالية.

أما فى إسرائيل، فقد كان وقع الشائعات سلبيًا فى الأيام الأولى من الحرب. حيث انتشرت أخبار عن خسائر فادحة فى صفوف الجيش الإسرائيلي، وانهيار الدفاعات فى سيناء والجولان، ما أدى إلى صدمة كبيرة فى المجتمع الإسرائيلي. أدت هذه الأخبار إلى حالة من القلق داخل إسرائيل، حيث بدأ الإسرائيليون فى فقدان الثقة بقدرة الجيش على الدفاع عن الدولة، مما أدى إلى انتشار مشاعر الذعر وعدم اليقين.

على مستوى القيادة العسكرية، أثرت الشائعات بشكل كبير على عمليات اتخاذ القرار. فبينما عززت الأخبار الإيجابية من ثقة القادة المصريين والسوريين فى نجاح خططهم، أدت المعلومات المضللة عن قوة إسرائيل إلى اتخاذ قرارات حذرة فى بعض المراحل. وفى الجانب الإسرائيلي، دفعت الشائعات عن انهيار الجبهات القيادات العسكرية إلى طلب تعزيزات ضخمة واستدعاء الاحتياط بشكل سريع، فى محاولة لاستعادة السيطرة.

دوليًا، استُخدمت الشائعات والدعاية الإعلامية لكسب التأييد الدولي. فقد سعت الدول العربية إلى تصوير الحرب على أنها معركة لتحرير الأراضى المحتلة، بينما حاولت إسرائيل تصوير الموقف على أنه هجوم غير مبرر ضدها. لعبت وسائل الإعلام الغربية دورًا كبيرًا فى الترويج للروايات المختلفة، حيث استخدمت إسرائيل نفوذها الإعلامى للتقليل من حجم خسائرها وإظهار قدرتها على قلب موازين الحرب.

فى خضم الحرب، تسببت الشائعات فى تضليل بعض الدول الكبرى حول حقيقة الأوضاع الميدانية، ما أدى إلى تأخر بعض القرارات السياسية والعسكرية، خاصة من جانب الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي. فقد تأثرت بعض الدول بالتقارير الإعلامية التى بالغت فى وصف الانتصارات أو الهزائم، مما جعل ردود الفعل الدولية متأخرة أو غير متناسبة مع مجريات الحرب الحقيقية.

فى النهاية، لعبت الشائعات والمعلومات المضللة دورًا مزدوجًا فى حرب أكتوبر ١٩٧٣، حيث أسهمت فى رفع المعنويات لدى الطرف العربى، وزرع الشك والخوف فى الطرف الآخر، ما جعلها أداة مؤثرة فى مجريات الحرب ونتائجها على المستويين العسكرى والسياسي.

92.jpg

أثبتت حرب العاشر من رمضان فى أكتوبر ١٩٧٣ أن المعارك لا تُحسم فقط فى ميادين القتال، بل تلعب المعلومات وحرب الشائعات دورًا رئيسيًا فى توجيه سير الأحداث والتأثير على نتائجها.

وتواصل إسرائيل حتى يومنا هذا استخدام الدعاية الإعلامية وحرب الشائعات كأداة رئيسية فى سياساتها تجاه الدول العربية، خاصة فى فلسطين وسوريا. ففى فلسطين، تعتمد إسرائيل على نشر معلومات مضللة حول الأوضاع الأمنية والاقتصادية فى الضفة الغربية وقطاع غزة، بهدف تبرير سياساتها الاستيطانية والعدوانية والتطهير العرقى أمام المجتمع الدولي. كما تستخدم الدعاية لتصوير الفلسطينيين كطرف معتدٍ، فى حين تُقدم نفسها كضحية تدافع عن نفسها.

أما فى سوريا، فقد استخدمت إسرائيل الحرب النفسية والشائعات لزعزعة الاستقرار فى المناطق الحدودية، خاصة فى الجولان المحتل. وتُظهر هذه الأمثلة كيف أن حرب المعلومات والشائعات لم تكن مجرد أداة مؤقتة فى حرب أكتوبر، بل أصبحت سلاحًا دائمًا فى يد إسرائيل لتحقيق أهدافها السياسية والعسكرية. فى ظل التطورات التكنولوجية الحديثة، تزداد خطورة هذا النوع من الحروب، مما يجعل الوعى الإعلامى والتحليل الدقيق للمعلومات ضرورة لمواجهة الحملات التضليلية والحفاظ على الحقوق العربية فى النزاعات المستمرة.

فى كتابه «حرب يوم الغفران»، كتب الجنرال إيلى زعيرا، رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية عام ١٩٧٣: «كل موضوعات الإعلام المصرى كانت حملة خداع من جانب الرئيس أنور السادات، أو شخص ما بجواره، وأن ذلك يعتبر أكبر نجاح لمصر فى حرب يوم الغفران (أكتوبر)».. كانت هذه العبارة اعترافًا بنجاح الإعلام المصرى فى إخفاء القدرة على الحرب، وتحقيق المفاجأة الاستراتيجية فى الحرب.

كان صاحب الخطة الدكتور محمد عبدالقادر حاتم، وزير الإعلام أثناء حرب أكتوبر، كما أسند إليه الرئيس الراحل أنور السادات مسئولية إعداد الدولة للحرب، وتحمل خلال تلك الفترة مسئولية رئاسة الوزارة بالنيابة عن الرئيس.

وفى كتابه «دور الإعلام فى تحقيق المفاجأة الاستراتيجية»، كتب الدكتور حاتم: «عندما كلفنى الرئيس الراحل أنور السادات قبل حرب أكتوبر ١٩٧٣ بأن أكون مسئولًا عن الحكومة، وأن أنوب عنه فى رئاسة مجلس الوزراء، انعكس ذلك على قرارى الأول فى مجلس الوزراء. وهو عدم الإدلاء بأى تصريح مباشر أو تلميح عن الأداء أو الاستعداد للحرب وانطبق ذلك على العسكريين والسياسيين أيضًا.. وعلى هذا الأساس جرى الإعداد والتخطيط الذى حقق النصر، وكان إعلام أكتوبر سندًا وعونًا فى نجاح الجهد الدبلوماسى والأداء العسكرى فى تحقيق النصر النهائي».

ويشرح د. حاتم بداية إعداد الخطة فيكتب: كنت قدمت للرئيس السادات دراسة عن المفاجأة الإستراتيجية. وكان من بين ما قدمته دراسة تاريخية منذ عام ١٩٣٩ حتى عام ١٩٧٠، وجدولًا يبين الحروب التى قامت على أساس المفاجأة الإستراتيجية وكلها نجحت حيث أن خطة الأمن الإسرائيلى بنيت على عقيدة الهجوم، ولم تتدرب إسرائيل على وسائل الدفاع.. لذلك إذا اتبعت مصر وسائل وأساليب الإعلام لخداع وتضليل إسرائيل بحيث تأخذ مصر زمام المبادأة متبعة مبدأ المفاجأة الإستراتيجية المبنية على السرية التامة بين رئيس الجمهورية وشخص واحد فقط لينفذها.. سيكون النجاح حليف مصر بعون الله. وكانت خطة مصر لتنفيذ المفاجأة هى وضع هدف استراتيجى له شروط سرية للغاية لتحقيقه: ويقصد بالهدف الاستراتيجى هنا قرار الحرب وسرية تحقيقه لا تنبع من وجود أو عدم وجود نية الحرب ولكن السرية تكون فى الإعداد لهذه الحرب من ناحية وإقناع إسرائيل بعدم قدرتنا على الحرب من ناحية ثانية.

أما الأمر الثانى فهو  التحكم المركزى والسرية التامة والسيطرة على المعلومات الصادرة عن مصر وذلك من خلال المركزية المطلقة بحيث لا يذاع أو ينشر أى خبر أو تصريح أو مقال أو معلومة ما إلا بموافقة الرقابة عليها: والرقابة هنا فى يد شخص واحد هو المسئول عن تنفيذ خطة المفاجأة الإستراتيجية.. وكذلك استخدام أساليب الخداع والتمويه الإعلامي، فعلى سبيل المثال كنا نركز على معلومات بعينها ونضخمها.. وفى المقابل نهون من معلومات أخرى.

ويشير فى كتابه إلى أساليب الحرب النفسية، فيكتب: كانت وسيلتنا فى ذلك الإذاعة العبرية التى أنشأناها وجعلناها تبث من القاهرة وتستهدف الشعب الإسرائيلى خاصة شريحة الشباب منه.. وكانت الرسالة الإعلامية للإذاعة العبرية تقول إن الحرب إثم كبير حرمته الأديان المختلفة، وأن اليهودية والمسيحية والإسلام أديان سماوية موحدة ترفض الحرب والقتل والدم.

ويضيف د. حاتم فى شهادته الموثقة: لم يكن غائبًا عن التخطيط والإعداد للحرب، قيود وحدود ظروف العصر وضوابط التوازن وسياسة الوفاق بين القوتين العظميين، واللتين فرضتا الاسترخاء العسكري. لذلك، كان التزام السرية وعنصر المفاجأة أحد الأسس الرئيسية للتخطيط.. ولم يعرف توقيت بدء الحرب أو ما يعرف بساعة الصفر إلا عدد محدود من القيادات العليا العسكرية.

ويشرح عبدالقادر حاتم ركائز الخطة الإعلامية قبل المعركة على الإيحاء أن مصر تتجه نحو العمل السياسي.. وعندما زار كورت فالدهايم سكرتير عام الأمم المتحدة المنطقة، تم تسريب أخبار لأجهزة الإعلام العالمية بأن مصر أكدت لفالدهايم إيمانها بضرورة التسوية السلمية بالشرق الأوسط.. فى حين أن كل الخطوات والإجراءات التى تم اتخاذها كانت مدروسة بعناية لتحقيق الأهداف الموضوعة.. أما العناصر التى وضعتها فى إعداد الدولة للحرب دون التحدث عنها فأهمها عنصر المفاجأة، فقد سربنا أخبارًا بأننا سنقوم بحالة طوارئ ونشر الخبر فى لبنان وبعض أجهزة الإعلام العالمية.. وقام ديان بحشد قواته وتكلف ثلاثة ملايين دولار.. وبعد ذلك عرف بأننا لم نقم بحالة الطوارئ وأعدنا الخبر بعد شهر، فأعاد حشد قواته ولم نقم بحالة الطوارئ. وبعد ذلك، قال ديان فى تصريحاته وفى مجلس الوزراء الإسرائيلى أن "هذا كله للاستهلاك المحلى المصري"، ولما تم حشد القوات المسلحة فعلًا لم يحشد قواته إلا يوم ٤ أكتوبر بعد فوات الأوان.. إلى آخر ما كتبه الدكتور حاتم من تفاصيل مهمة تؤكد التفوق المصرى فى المعركة الإعلامية مما أدى إلى تحقيق النصر فى المعركة العسكرية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق