تغيير مفاجئ طرأ على الولايات المتحدة خلال الأيام القليلة الماضية بشأن تعاملها مع إسرائيل، وهو ما قد يكون سببه نتائج القمة العربية الطارئة، التي اعتبرت تاريخية والتي أكد بيانها رفض الدول العربية بشكل قوي وصارم أي مساس بحقوق الشعب الفلسطيني.
على ما يبدو أن هذه القمة ألقت بنتائجها على الولايات المتحدة، التي ربما أدركت أن اتباع إسرائيل بكل اندفاع قد يضر بمصالحها، لذلك بدأت واشنطن بالتحرك منفردة عن إسرائيل، وتحديداً ما يتعلق بإنقاذ أمريكيين محتجزين لدى حركة «حماس»، منذ أحداث السابع من أكتوبر، والتي فشلت إسرائيل بتزمتها في إنقاذهم إلى الآن.
والغريب هنا ليس ابتعاد أمريكا عن إسرائيل بشأن قضية المحتجزين، وإنما تفاوض واشنطن المباشر مع حركة تصنفها إرهابية منذ منتصف التسعينيات، وأعني هنا حركة «حماس»، وهذا تحول كبير في المشهد لدى الولايات المتحدة التي تزعم دائماً أنها لا تتفاوض مع من تعتبرهم إرهابيين، ولكن في الدوحة اختلف الوضع، حيث التقى آدم بولر مبعوث الرئيس الأمريكي، مسؤولين من «حماس» في الدوحة مؤخراً، بحسب الموقع الأمريكي الإخباري «اكسوس».
هذا التغيير الكبير الذي طرأ على الإدارة الأمريكية، يؤكد أن واشنطن تتعرض لضغط من عوائل المحتجزين لدى «حماس»، وأن إسرائيل لم تخدم واشنطن بشأن المحتجزين الأمريكيين، لذلك «اعتمدت» الولايات المتحدة على نفسها، وذهب مندوبها إلى الدوحة للتفاوض مباشرة مع «حماس» حول المحتجزين الأمريكيين لديها، من دون العودة إلى الإدارة الإسرائيلية أو التنسيق معها.
ولعل الولايات المتحدة بدأت تشعر أن الإدارة الإسرائيلية تضعها في مواقف مفاجئة، لا تعلم عنها شيئاً، أو لم تنسق معها بشأنها، مثل «مقترح ويتكوف»، وهو ما ادعته إسرائيل أنها خطة أمريكية جديدة مقدمة من مبعوث واشنطن للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس»، وهي خطة مختلفة عن تلك التي تم الاتفاق بشأنها في يناير، وهذا المقترح لم تؤكد على صحته واشنطن، بحسب ما نشرته (أسوشيتد برس).
لذلك فإن توجه الولايات المتحدة الحالي يقوم على الاعتماد على النفس، والتفاوض المباشر مع من تصفهم بالإرهابيين، دون التنسيق مع إسرائيل، وهو ما يؤكد أن إدارة الرئيس ترامب ضاقت ذرعاً من إسرائيل، التي قد تظن أنها فشلت في موضوع المحتجزين، بدليل أن واشنطن كسرت قواعدها وتدخلت مباشرة للتفاوض مع «حماس»، للحفاظ على أرواح عدد من مواطنيها المحتجزين، وبالرغم من أن نتائج المفاوضات لا تزال ضبابية بعد، ولكن يمكن استفادة «حماس» من هذا التفاوض، للضغط على إسرائيل لتمديد وقف إطلاق النار، خاصة وأن عودة الحرب مجدداً فيه تهديد مباشر لسلامة المحتجزين الأمريكيين، وهذا ما لا تريده واشنطن.
0 تعليق