"رهائن" و"سجناء": التغطية المنحازة تستمر

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
‏‏‏جيمس نورث* - (موندويس) 4/3/2025
تستمر تغطية صحيفة "نيويورك تايمز" أحادية الجانب لآخر الأخبار القادمة من إسرائيل وفلسطين كما هي، من دون تغيير.‏
*   *   *
* ما تزال تقارير صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية‏ عن إطلاق سراح الأشخاص المحتجزين في الأسر منحازة بوضوح. الإسرائيليون الذين يتم إطلاق سراحهم من قطاع غزة يُسمون "رهائن"، وتترافق ‏‏التفاصيل الإنسانية ب‏‏تغطية تفصيلية. أما الفلسطينيون فـ"سجناء"، على الرغم من أن العديد منهم -المئات على الأرجح- تم احتجازهم أيضًا من دون محاكمة أو احترام أي من الإجراءات القانونية الواجبة، بينما تضم تقارير "نيويورك تايمز" أقل قدر من التفاصيل الشخصية والإنسانية عنهم‏‏. ‏
‏* غطت صحيفة ‏‏"نيويورك تايمز"‏‏ دفن ثلاثة أفراد من عائلة بيباس الإسرائيلية في 26 شباط (فبراير) بالتفصيل، ب‏مقال طويل‏‏ بالإضافة إلى تقرير مصور. وقد خصصت مراسلة الصحيفة،‏‏ إيزابيل كيرشنر، بضع فقرات للحديث عن الانتقادات التي وجهها مؤيدو عائلة بيباس إلى حكومة نتنياهو، لكنها بالكاد لامست سطح غضبهم. وما تزال أعداد كبيرة من الإسرائيليين تقول إن نتنياهو يؤخر في الحقيقة عملية تبادل الأسرى من أجل خدمة مصالحه السياسية والشخصية. وقد اتهم رجل واحد على الأقل -ما تزال جثة ابنه محتجزة في غزة- ‏‏الزعيم الإسرائيلي‏‏ بـ"القتل" نتيجة لذلك.‏
‏* ما يزال الدكتور حسام أبو صفية، المسؤول الشجاع عن مستشفى كمال عدوان في شمال غزة، محتجزًا لدى إسرائيل، وهناك تقارير مثيرة للاشمئزاز عن تعرضه للتعذيب. ولم تذكر "‏‏التايمز"‏‏ اسمه حتى مرة واحدة منذ 7 كانون الثاني (يناير)، على الرغم من أن منظمات ووكالات حقوق الإنسان أطلقت حملة عالمية للإفراج عنه.‏
‏كان تقرير "‏‏التايمز" المنشور‏‏ في 26 شباط (فبراير) حول تبادل الأسرى كاشفًا. وإليكم جملة رئيسية ظهرت في الفقرة 13، بعد أن وصف التقرير الإسرائيليين المفرج عنهم مرارًا -وبشكل منطوٍ على التمييز- بأنهم "رهائن"، بينما تم تصنيف الفلسطينيين على أنهم "سجناء":
‏"وكان بعض السجناء الفلسطينيين المدرجة أسماؤهم في القائمة قد أدينوا بشن هجمات مميتة ضد إسرائيليين. واعتُقل آخرون -بمن فيهم قُصّر- من دون توجيه أي تهم رسمية إليهم بعد أن اجتاحت القوات الإسرائيلية غزة خلال غزو بري".‏
‏لا بد أن يكون محررو ‏‏"التايمز" قد أخذوا إجازة في ذلك اليوم. كم هو عدد "السجناء" الذين أدينوا بتهمة شن "هجمات مميتة"؟ وكم عدد "الآخرين -بمن فيهم القصر" الذين تم اعتقالهم من دون توجيه أي تهم رسمية إليهم؟ (لماذا لا يُطلق على هؤلاء القُصَّر الفلسطينيين أيضًا وصف "رهائن"؟)‏.
دعونا نعد إلى عائلة بيباس. على الأقل لم تحاول إيزابيل كيرشنر إخفاء عدد الإسرائيليين الذين يشعرون بالغضب تجاه الحكومة. وقال تقريرها إن الإسرائيليين الذين حضروا الجنازات قالوا إن "الجيش فشل في إنقاذهم وفشلت الحكومة في إعادتهم، هم والعديد من الرهائن الآخرين، إلى منازلهم في الوقت المناسب".‏
‏في الحقيقة، هذا جهد مذهل للتقليل من شأن الحقيقة. لقد اتهم الكثير من الإسرائيليين منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2023 بنيامين نتنياهو بأنه يرفض عمدًا التوصل إلى اتفاق كان من شأنه أن يعيد الرهائن الإسرائيليين، لأنه، 1) كان من شأن مثل ذلك الاتفاق أن يمزق ائتلافه الحاكم اليميني المتطرف الهش، والذي، 2) كان سيعني إجراء انتخابات جديدة، وكان سيخسر، وهو ما كان سيعني بعد ذلك، 3) أن تكون محاكماته الجنائية بتهمة الفساد قد استؤنفت، والتي 4) كان من الممكن أن تنتهي به إلى السجن. ‏
أما السبب في أن ‏‏صحيفة "نيويورك تايمز"‏‏ كانت شديدة الحساسية طوال الوقت بشأن الإبلاغ عن هذا الواقع القبيح، فهو لغز محيّر. ثمة عشرات الآلاف من الإسرائيليين الذين يؤكدونه، بصوت عال وبشكل متكرر.‏
‏دعونا نعُد الآن إلى الدكتور حسام أبو صفية. ‏‏سبق وأن أشار هذا الموقع‏‏ إلى أنه على الرغم من أن شجاعته التي تجلت في السير عبر أنقاض شمال غزة في اتجاه دبابة إسرائيلية في كانون الأول (ديسمبر) قد خُلدت الآن كصورة أيقونية، وأن اعتقاله أثار قلقًا وغضبًا عالميين، إلا أن ‏‏صحيفة "نيويورك تايمز"‏‏ بالكاد غطت الحدث، (ولم تُعد نشر تلك الصورة). وقلنا أيضًا إن الصحيفة كان يجب أن تكلف محرريها بإعداد ملف تعريفي بالطبيب الذي يتمتع بسمعة دولية.‏
مرّ شهر آخر ولم تظهر حتى كلمة واحدة عن الدكتور أبو صفية في "‏‏التايمز"‏‏. ثمة بدلاً من ذلك تقارير مخيفة نُشرت في أماكن أخرى. وقالت محاميته‏‏ ‏‏لقناة "الجزيرة"‏‏ إنه "يتعرض لأشكال مختلفة من التعذيب المكثف والمعاملة اللاإنسانية في سجن عسكري إسرائيلي".‏
‏دعونا نأمل أن يتم إطلاق سراح الدكتور أبو صفية قريبًا. وسوف تواجه ‏"‏التايمز"‏‏ عند ذلك معضلة: هل كان "سجينا" أم "رهينة"؟‏

*جيمس نورث James North: صحفي مخضرم ومحرر عام في موقع "موندويس" Mondoweiss، يتمتع بخبرة تزيد عن خمسة عقود في التغطية الصحفية من أفريقيا وأميركا اللاتينية وآسيا. يركز على القضايا العالمية المهمشة، خاصة الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وينتقد انحياز وسائل الإعلام. مؤلف كتاب "الحرية تنهض" Freedom Rising حول نضال جنوب أفريقيا ضد الفصل العنصري، في انعكاس لانخراطه العميق في قضايا العدالة الاجتماعية. يقيم في نيويورك ويواصل تقديم التحليلات النقدية والتعليقات عبر كتاباته ومنصات التواصل الاجتماعي.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: In the ‘NYTimes,’ Israeli captives are ‘hostages.’ But Palestinians are ‘prisoners.’ The biased coverage continuesاضافة اعلان

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق