نفق بحري ضخم مرتقب سيُغير خريطة الطرق والسكك الحديدية في أوروبا - الأول نيوز

cnn 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تتشكل معجزة هندسية هائلة عبارة عن قطعة خرسانية عملاقة على شواطئ بحر البلطيق، حيث ستُحدث عند الانتهاء منها تغييرًا جذريًا في خرائط الطرق والسكك الحديدية في أوروبا.

ربما لم يُثر نفق فيهمارنبيلت إعجاب الجمهور بالقدر ذاته الذي أثاره نفق القناة التي تربط بريطانيا بفرنسا قبل أكثر من 30 عامًا، لكن هذا الهيكل لا يقل إثارةً للإعجاب، إن لم يكن أكثر.

يربط نفق فيهمارنبيلت الدنمارك بألمانيا، وسيحمل طرقًا سريعة ذات مسارين تحت الماء في الاتجاهين، بالإضافة إلى خطّين للسكك الحديدية الكهربائية.

وسيكون عبارة عن طريق سريع متعدد الأنابيب يغوص تحت أمواج أحد أكثر ممرات الشحن ازدحامًا في العالم.

يبلغ طوله 18 كيلومترًا (11.2 ميلًا)، وهو ليس قريبًا من طول نفق القناة البالغ طوله 50 كيلومترًا (31 ميلًا)، ولكنه أكبر بكثير من نواحٍ أخرى. في الواقع، حيث سيشكل أطول نفق طرق وسكك حديدية وأطول نفق مغمور في العالم.

نفق فيهمارنبيلت
حفريات كبيرة: يجري تنفيذ مشروع هندسي ضخم على شواطئ بحر البلطيق لبناء نفق يربط جنوب الدنمارك بألمانيا.Credit: Femern A/S

كنفق "مغمور"، عوض حفره في كتلة أرضية صلبة إسوة بنفق القناة، سيُصنع نفق فيهمارنبيلت باستخدام أقسام خرسانية مسبقة الصنع تُلقى بخندق محفور في قاع البحر، وتُربط ببعضها البعض.

في فبراير/ شباط 2025، غادرت أولى أقسام النفق الخرسانية الجاهزة، المسماة "العناصر"، المصنع في رودبيهافن، على الجانب الدنماركي من النفق، مُكملةً بذلك الجزء الأول من رحلة رائدة من البر إلى البحر، والمقرر اكتمالها في عام 2029.

يُعدّ هذا المشروع الذي تقدّر كلفته بـ7.4 مليار يورو (7.7 مليار دولار أمريكي)، ضخمًا بكل معنى الكلمة.

يتميّز كل قسم من النفق بضخامته. ويبلغ طول هذه الهياكل الخرسانية 217 مترًا (712 قدمًا)، وعرضها 42 مترًا، وعمقها تسعة أمتار، ويصل وزنها إلى 73 ألف طن،  أي ما يعادل وزن عشرة أبراج إيفل.

في المجموع، ستمتد 79 من هذه العناصر "القياسية" و10 عناصر "خاصة" أقصر يبلغ طولها 39 مترًا (تحتوي على التركيبات الكهربائية للنفق) من رودبيهافن في جزيرة لولاند إلى بوتغاردن في جزيرة فيمارن الألمانية، ما يصنع النفق الكامل حتى عمق 40 مترًا تحت بحر البلطيق.

اقتراح ملموس 

نفق فيهمارنبيلت

أما المصنع المُصمم خصيصًا لهذا الغرض فيُعد أكبر منشأة لبناء الأنفاق في العالم، ويغطي مع ميناء العمل مساحة 220 هكتارًا، أي ما يعادل مساحة أكثر من 300 ملعب كرة قدم.

تعمل حاليًا ثلاث قاعات بناء واسعة تضم ستة خطوط إنتاج (خمسة للعناصر القياسية، وواحد للعناصر الخاصة) على مدار الساعة، لإنتاج عنصر واحد بطول 217 مترًا كل تسعة أسابيع.

يتكوّن كل عنصر خرساني، يُصب حول أقفاص كثيفة لحديد التسليح، من تسعة أجزاء بطول 24 مترًا. وبمجرد تصلب العنصر، يُدفع أمامًا إلى الحوض العلوي، وهو منطقة تجميع كبيرة أمام المصنع، حيث يخضع لفحوصات الجودة والتجهيز.

قالت دينيس جوخيم، المتحدثة باسم شركة فيميرن إيه/ إس، وهي الشركة الدنماركية المملوكة للدولة والمسؤولة عن المشروع، لـCNN: "نحاول تركيب أكبر قدر ممكن من المعدات التي ستكون مطلوبة لاحقًا في النفق المُكتمل".

نفق فيهمارنبيلت
قطعة قطعة: يتم بناء نفق فيهمارنبيلت باستخدام أقسام خرسانية، تعرف باسم العناصر، يتم إسقاطها في قاع البحر ثم ربطها معًا.Credit: Femern A/S

هذا يوفّر الوقت لاحقًا، ويخفّف من التحدّيات اللوجستية للعمل في النفق المغمور. بالإضافة إلى ذلك، تم تركيب معدّات مراقبة تتيح لنا فحص الجزء الداخلي للعنصر في أي وقت أثناء النقل والغمر.

تم تركيب خزانات الموازنة لضمان الثبات، كما تم تثبيت حواجز فولاذية على طرفي كل قسم لجعلها مانعة لتسرب الماء. أما إحكام إغلاق العناصر بهذه الطريقة فيُمكّنها من الطفو، رغم حمولتها الضخمة.

تم الانتهاء من أول عملية طفو بنجاح في أوائل فبراير/ شباط، عندما تم عزل الحوض العلوي عن المصنع وغُمر ببطء بقرابة مليار لتر من مياه البحر. بعد الطفو، تم سحب العنصر إلى الحوض السفلي استعدادًا لرحلته الأخيرة إلى خندق النفق.

نفق فيهمارنبيلت
خط إنتاج عملاق: يتم إنشاء العناصر في أكبر منشأة لتصنيع الأنفاق في العالم، بالقرب من المدخل الدنماركي لنفق فيهمارنبيلت.Credit: Femern A/S

لم يُحدد بعد موعد غمر العنصر الأول، لكن الأعمال التحضيرية جارية على قدم وساق، بحسب جوخيم، التي أضافت أن "هذه عملية معقدة للغاية، وتعتمد بشكل كبير على الطقس. نختبر حاليًا السفن شديدة التعقيد التي بُنيت خصيصًا لمشروعنا".

الرفع ثم الغمر ثم الطفو

نفق فيهمارنبيلت
يتم استخدام عوامات خاصة لنقل عناصر النفق إلى الموقع الصحيح وغمرها.Credit: Femern A/S

هنا يأتي دور "آيفي 1" و"آيفي 2"، وهما منصتان غاطستان مهمتهما ضمان إنزال كل عنصر بأمان في مكانه المحدّد.

ستُثبَّت المنصتين على طرفي العنصر قبل أن يسحبهما أسطول صغير من قاطرات النقل إلى موقعهما فوق خندق مُبطَّن بالحصى بعمق 12 مترًا وعرض 100 متر، أُنجز العام الماضي.

سيتم الإشراف على عملية الغمر من غرفة تحكم على متن المنصة. وستُستخدَم رافعات مزودة بأسلاك فولاذية يبلغ مجموع طولها أكثر من 200 كيلومتر لإنزال العنصر، بينما تمتلئ خزانات الصابورة بالماء، ما يُساعد على نزول آمن وثابت إلى قاع البحر.

نفق فيهمارنبيلت
لم يُحدَّد بعد موعد إنزال الجزء الأول من النفق، وفقًا للمسؤولين. ومن المقرر اكتماله في عام ٢٠٢٩.Credit: Femern A/S

تُوجِّه كاميراتٌ تحت الماء ومعداتُ تحديد المواقع المُصمَّمة خصيصًا لهذا الغرض، العنصرَ إلى مكانه بدقةٍ تصل إلى 12 مليمترًا. تضمن حشواتٌ مطاطيةٌ عملاقةٌ وأختامٌ ثانويةٌ مُصمَّمةٌ لتدوم 120 عامًا إحكامَ النفق ضدَّ تسرب المياه.

عند بدء عملية الغمر الأولى في وقتٍ لاحقٍ من هذا العام، تُقدِّر جوخيم أنَّها ستستغرق حوالي 40 ساعةً لإتمامها، مع احتساب وقت النقل من ميناء العمل. يخضع طاقمُ الرصيف، المُكوَّن من 22 فردًا، لتدريبٍ مُكثَّف.

ولفتت جوخيم إلى أنه "لن يكون هناك اختبارٌ تجريبيٌّ للغمر الفعلي. يجب أن ينجح من المرة الأولى. لن نتنازل عن الجودة والسلامة. ولهذا السبب، نُخصِّص الوقت اللازم لضمان استعدادنا التام".

رؤية النفق

نفق فيهمارنبيلت
تقدر كلفة نفق فيهمارنبيلت بنحو 7.4 مليار يورو (7.7 مليار دولار).Credit: Femern A/S

يتقدم العمل ببناء بوابتي النفق في رودبيهافن وبوتغاردن. يبعد الموقعان خطوات عن الموانئ التي سيحلان محلها، ما يُقلص مدة الرحلة من 45 دقيقة بالعبّارة إلى 10 دقائق بالسيارة و7 دقائق بالقطار.

يستغرق المسافر الذي يرغب بركوب القطار من هامبورغ إلى كوبنهاغن حاليًا حوالي خمس ساعات، لكن سيتم تقليص هذه المدة إلى النصف عند افتتاح النفق.

وصرح مادس شراينر، مدير التسويق الدولي لدى VisitDenmark: "سيُحدث نفق فيهمالرنبلت نقلة نوعية بقطاع السياحة في الدنمارك والمنطقة الاسكندنافية ككل".

وأضاف أنّ "هذا الربط الجديد يُتيح فرصًا رائعة لوجهات شرق الدنمارك، حيث سيستكشف المزيد من المسافرين ما بعد كوبنهاغن".

وخلص إلى أن النفق يُمثل تحديًا للدنمارك لتجديد وتوسيع مرافقها بغية استيعاب التدفق المتوقع للمسافرين الجدد.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق