نداف ايال 14/3/2025
بتسلئيل سموتريتش لم يكذب عندما روى هذا الأسبوع بان خطة "الهجرة الطوعية" من قطاع غزة هي مسألة نعنى بها في حكومة إسرائيل، بفاعلية. "هذه حملة لوجستية ضخمة"، أعلن وزير المالية في الكنيست، "اذا أخرجنا عشرة آلاف شخص اليوم فهذا يستغرق نصف سنة. إذا أخرجنا خمس آلاف في اليوم، فهذه سنة". مشوق أن نعرف اذا كان سموتريتش يفهم كم يهوديا ابتلع ريقه حين سمعه يحسب حساباته الدقيقة. وهذا ليس بسبب مشاعر تجاه الغزيين.اضافة اعلان
شاعرنا القومي حاييم نحمان بيالك كتب كثيرا عن "كشف وتغطية اللغة". اللغة العامة لسموتريتش غطت بـ "هجرة"، لكنها كشفت الكثير بكلمة "نخرج". فكلمة "نخرج" لا تسمع مثل "هجرة"، بل ترحيل قسري. العملية تنتقل من يد الفلسطيني الغزي، الذي زعما يغادر طوعا إلى أماكن مثل سومليلاند.
تحدث سموتريتش عن وسائل تعد لإخراج الفلسطينيين من قطاع غزة. وعلى حد تعبيره: في البر، في الجو وفي البحر. حرص على أن يقول إن هذا أكثر تعقيدا من "الباصات" – لأنه هناك حاجة لفحص كل شيء، بما في ذلك "التأهيل المهني" الذي ستكون حاجة لمنحها للفلسطينيين في الدول المختلفة التي تجرى معها اتصالات سرية. وقال سموتريتش أيضا إن "الميزانية لن تكون عائقا" في هذا الحدث. كمسؤول عن الصندوق العام، هذا قول مميز.
فكرت في قصة سمعتها من غلاف غزة: الأطفال من الكيبوتسات وباقي البلدات، الذين عادوا من الأسر. إما ان يكون أبناء عائلاتهم القريبين قتلوا، أو أنهم كانوا في الغرف الأمنية ساعات طويلة، فيما كانت المذبحة تدور حولهم. الدولة وافقت على إعطائهم من تساعدهم، لكنها تمولهن فقط بنحو 40 شيكل في الساعة. وعمليا، هذا يكلف 60. الدولة تتيح 4 ساعات أسبوعية كهذه. توصية المعالجين النفسيين المرافقين كانت 8 ساعات. لم أسمع أبدا وزير المالية يقول عن إعادة تأهيل هؤلاء الأطفال إن "الميزانية لن تكون عائقا".
عن الخطة التي تعد لاحتلال غزة كتبتُ عدة مرات في هذه الصفحات. فقد طلب من الجيش الإسرائيلي أن يعد حملة واسعة في غزة، حسب التخطيط الاولي – هذا سيتضمن إخلاء السكان إلى منطقة محددة. إلى هناك توفر الماء، الغذاء والمساعدة الطبية. هذه المرة، يفترض بالجيش الإسرائيلي أن يعمل على مستوى فرق عسكرية واسع وقوي ومتداخل. لن يتبقى سكان في وسط وشمال غزة او في رفح وخان يونس – هم سيخلون كي يكون ممكنا تطهير المنطقة من (مقاومي) حماس. لسكان الجيوب الإنسانية ستعرض إمكانية الهجرة. ككهاني دبلوماسي، النصر في نظر سموتريتش واضح تماما. إذا كانت هذه هي الخطة – فهذه هي الظروف التي ستدفع الفلسطينيين إلى المغادرة.
محافل قانونية في إسرائيل وفي العالم عنيت مؤخرا بهذا السيناريو. الاستنتاج المتبلور: اذا كانت هذه الخطة لا توجد هنا هجرة "طوعية". إذا كانوا يخلون الناس من بيوتهم في الحرب، يدفعونهم إلى منطقة مكتظة على نحو مخيف ويوقفون سفنا على الشاطيء او "باصات" على حد تعبير سموتريتش (حسب ما فهمت إلى مطار رامون، لكن من يدري)، فالحديث يدور عن شكل قسري. مثل هذه الهجرة لا يمكنها أن تعتبر حرة إلا اذا لم يكن تهديد. لم يكن استخدام للقوة. وأساسا: للخارجين يضمن دوما بأنهم يمكنهم أن يعودوا إلى بيوتهم. القسرية غير المباشرة – مثل هدم البيوت، الحرمان من الغذاء، خلق شروط غير مناسبة للمعيشة – تعتبر غير قانونية. الهيئات القضائية للتحقيق في جرائم الحرب في يوغسلافيا عنيت في هذا الموضوع بتوسع. هذا الأسبوع شدد الرئيس ترامب في البيت الأبيض على أنه لن يكون أي طرد للفلسطينيين من قطاع غزة. وهو يعرف لماذا.
في أي ظروف يمكن للهجرة من غزة أن تعد قانونية؟ فقط اذا كانت بإرادة حرة حقيقية – ويحمى حق الخارجين في العودة. وعليه، بشكل عبثي، فان بتسلئيل سموتريتش بالذات كان ينبغي أن يحث على وقف نار بعيد المدى في غزة. في مثل هذا الوضع، اذا سمحت إسرائيل لمن يريد ان يخرج بل وربما قدمت للمهاجرين المساعدة يحتمل أن يكون الامر قانونيا.
ومن جهة أخرى: كل شخص يعمل كجزء من منظومة طرد/هجرة قسرية – اذا ما نفذت هذه كاستمرار فوري لحملة عسكرية واسعة، فإن إخلاء السكان من بيوتهم، الحرمان من المساعدات الإنسانية في كل جزء آخر من غزة وما شابه – يمكن ان يكون معرضا قانونيا لاتهامات بجرائم حرب، على مدى سنوات طويلة. يحتمل الا يكون سموتريتش يكترث لهذه الاعتبارات والتافهة من وجهة نظره. لكن مقاتلي الجيش النظامي والاحتياط غير معنيين في أن يكونوا مطاردين في حياتهم في معظم دول العالم. كما أن الرغبة في العودة إلى القتال محدودة: في الأشهر الأخيرة هبط مستوى الامتثال لخدمة الاحتياط.
هذا الأسبوع رأيت كاريكاتيرا وحشيا، لعيران فلكوبسكي. "وعلى رأس الكتيبة يسير"، يقول الشعار. رسمت هناك دبابة. أمامها، يسير سموتريتش . وراءه، رئيس الأركان الجديد ايال زمير. من خلفهما، على مسافة آمنة يسير بنيامين نتنياهو.
الوحشية وجهت تجاه الفريق زمير. فهو لم يقضِ بعد سوى أسبوعين في المنصب ووصف منذ الآن كخادم نتنياهو/سموتريتش. الشكوك تنبع من هوية المعين كاتس، الذي يعتبر الحليف الصرف لنتنياهو. من عدم الترفيع الفضائحي للعميد دانييل هجاري. من تعيينات اللوائين ينيف عاشور ونائب رئيس الأركان تمير يداعي. الاخيران – لغير صالحهما – ذكرا إسميا كمن ينبغي أن يكونا في هيئة الأركان في المقابلة التي اجراها في حينه كاتس مع مقرب بنيامين نتنياهو، يعقوب بردوغو.
بالنسبة لرئيس الأركان الحكم ليس فقط وحشيا – هو أيضا مسبق ويحرمه من أيام رأفة مبررة. زمر هو ضابط ذو إنجازات. التأهب الذي يحاول ان يبثه للجيش مبارك. الاسناد الذي منحه لقائد سلاح الجو هام. فقد طلب من رئيس قسم العمليات ان يبقى في منصبه، وهذا يرتبط بتحديات الجيش الإسرائيلي في الأشهر القادمة. مشكوك أن يتقدم إلى خطوة إشكالية كالإطاحة برئيس "أمان" في هذه الأيام. اعطيني إئتمانا، صرخ ذات مرة ليفي اشكول لبن غوريون. تمير يستحق أيضا.
قريبا، يحتمل أن يقف رئيس الأركان امام خيارات صعبة. فوقه مستوى سياسي يطالب بتنفيذ أفعال تتعارض والفكرة التأسيسية للجيش الإسرائيلي، ويمكنها أن تعرض للخطر جنوده وجوهره كجيش الشعب. لا يدور الحديث فقط عن الطرد القسري بل أيضا عن حملة عسكرية يمكنها ان تعرض حياة المخطوفين للخطر. انظروا إلى الاستطلاعات المرفقة، التي أجريت بدعوة من معهد سياسية الشعب اليهودي؛ في تشرين أول (أكتوبر) 2023، كان 51 % من الإسرائيليين واثقين تماما بان إسرائيل ستنتصر في الحرب. في آذار (مارس) 2025 لا يدور الحديث فقط الا عن 9 % فقط. 7 من كل 10 إسرائيليين يعربون عن عدم الثقة برئيس الوزراء، وهذا هو أيضا مستوى الثقة بالحكومة. معظم الجمهور يفضل إعادة المخطوفين من قطاع غزة في المكان الأول لا كـهدف ثانٍ" او حتى "متزامن"، على حد قول قائد المنطقة الجنوبية عاشور.
يفهم نتنياهو هذه الأرقام اكثر بكثير من أي شخص آخر. وهو سيتأرجح حتى القرار، كعادته. من البداية حتى النهاية. كل شيء منوط بشخص واحد يقود الشرق الأوسط: ستيف ويتكوف. في هذه اللحظة يحاور من أجل تحرير المخطوفين دفعة إضافية. لا أن يرتب لسموتريتش الباصات. لكن البيت الأبيض مطلع على خطط الحرب في إسرائيل، ويريد الحاق الهزيمة بحماس؛ الفيتو بالتأكيد لن يأتي من هناك.
طاقم تشكل في سلاح الجو لأجل مواجهة الصواريخ التي تصدر عن غزة والتي تشوش على الإسرائيليين حياتهم اليومية اظهر بأن المعلومات الاستخبارية عن مواقع منصات اطلاق الصواريخ من حماس كانت مغلوطة تماما. وللدقة: أقل من 1 %. فببساطة لم يكن للجيش الإسرائيلي ذرة فكرة من اين حماس ستطلق الصواريخ وذلك بخلاف تام مع المعلومات الاستخبارية الناجحة التي جاءت من لبنان.
وتبين موضوع آخر: حسب الورقة التي أصدرها الطاقم فان الأغلبية الساحقة من منصات الاطلاق ليست لمرة واحدة بل متعددة المرات. والفرضية بان لا معنى لتوجيه مقدرات لاجل تدميرها (لانها "اطلق وانسى") تبينت كمفهوم لم يفحص بجدية. وعندما جاء الطاقم بهذه المعطيات، ثابتة ومؤكدة، ثارت عاصفة.
0 تعليق