دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يسعى المشرّعون والنشطاء في المملكة المتحدة لإنهاء عرض بقايا البشر في المتاحف، وبيع أجزاء من الجثث البشرية في دور المزادات.
وأصدرت مجموعة الأحزاب البرلمانية المعنية بالتعويضات الأفريقية، التي تتكون من أعضاء البرلمان والنشطاء وأفراد المجتمع، تقريرًا يدعو إلى حظر بيع وعرض بقايا الأجداد، ضمنًا المومياوات المصرية.
راهنا، القانون الذي ينظم تخزين واستخدام بقايا البشر في المملكة المتحدة يتطلب فقط الموافقة على الحصول على الأنسجة البشرية وحيازتها من الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 100 عام.
كما أن قانون الأنسجة البشرية للعام 2004، يمنع الأشخاص من شراء وبيع وحيازة أجزاء الجسم للزراعة فقط.
وأشار التقرير، الذي يحمل عنوان "Laying Ancestors to Rest" (دفن الأجداد)، إلى الأذى الذي تسببه المؤسسات البريطانية للمجتمعات المنتشرة التي تحتفظ ببقايا الأجداد، العديد منها أخذت خلال فترة الاستعمار.

وجاء في التقرير: "لقد تم المتاجرة بالمومياء المحنطة تاريخيًا بين الطبقات العليا في بريطانيا وفرنسا باعتبارها سلعة فاخرة، كما كانت تستخدم كوسيلة ترفيه في 'حفلات فك المومياء' البريطانية في القرن التاسع عشر".
وأضاف التقرير أنه "في الآونة الأخيرة، تم تحويل الشخصيات المصرية المحنطة إلى "المومياء" الشعبية والمسكونة، الأمر الذي يقلّل من شأن التراث المصري أو يجعله مجرد غموض غريب بالنسبة للجمهور الغربي".
وقد قدّم التقرير 14 توصية، بينها، أنه يجب أن يصبح بيع بقايا البشر أمرًا غير قانوني؛ وتعديل قانون الأنسجة البشرية للعام 2004، حتى يشمل بقايا الأشخاص الذين توفوا منذ أكثر من 100 عام؛ وأن تمثّل مجالس أمناء المتاحف الوطنية جاليات للشتات في المجتمع؛ وعلى المموًّلين تخصيص موارد لرسم خرائط للائحة بقايا الأجداد في المؤسسات الثقافية بالمملكة المتحدة.
وقد نُشرت إرشادات للمتحاف والمؤسسات الأخرى حول كيفية العناية ببقايا البشر من قبل الحكومة البريطانية في عام 2005.
وبموجب هذه الإرشادات، يمكن للمتاحف أن تقرر، على أساس كل حالة على حدة، ما إذا كانت ستعيد البقايا البشرية أم لا، إذا طُلب منها ذلك.
وخلال مناقشة حول القضية في مجلس اللوردات، المجلس الأعلى للبرلمان، أقرت فيونا تويكروس، وهي وزيرة مساعدة في وزارة الثقافة والإعلام والرياضة، بأن الإرشادات قديمة و"العالم قد تغير بشكل كبير" منذ ذلك الحين.
وأضافت أن قواعد البيانات والمجموعات غير المكتملة تجعل من الصعب معرفة أماكن حفظ بقايا البشر، لكنها قالت إن التوصيات التي طرحت في التقرير "ستؤثر في اعتبار الحكومة" لهذه لقضايا.
'تجارة مروعة'
وفي المناقشة، وصف بول بواتينغ، عضو البرلمان عن حزب العمال الحاكم، تجارة أجزاء الجسم البشري بأنها "عمل بغيض".
وقال بواتينغ: "يجب أن تتوقف هذه التجارة المروعة، ويجب أن يتوقف استمرار الاحتفاظ ببقايا الشعوب الأصلية وتحويلها إلى مجرد أشياء في مجموعاتنا العامة، ضد إرادة أحفادهم والمجتمعات الأصلية المعنية".
وكان بواتينغ بين سياسيين عدة أشادوا بـ"الممارسات الجيدة" لمتحف "بيت ريفرز" في مدينة أكسفورد، الذي أزال 120 قطعة أثرية، ضمنًا مومياء طفل مصري، ورؤوس تذكارية ناغا، ورؤوس مصغرة، من العرض في العام 2020، كجزء من "عملية إزالة الاستعمار"، لأن العناصر "تكرر الصور النمطية العرقية".
وأوضحت البروفيسورة لورا فان بروكهوفن، مديرة متحف بيت ريفرز، في بيان لـCNN الجمعة، أن المتحف "يدعم بشكل كبير" الدعوات إلى "حظر بيع بقايا البشر وعرض بقايا البشر في المتاحف العامة".
وأضافت أن نهج متحفها "يعيد إضفاء الطابع الإنساني على متاحفنا ومجموعاتنا بطرق غير مسبوقة، ما يتيح فرصًا لشراكات حقيقية تعمل على تحقيق التعافي العالمي وبناء السلام".
وخلال النقاش البرلماني، انتقد بواتينغ متحف بريطانيا في لندن لرفضه تسليم رؤوس عدة موشومة محفوظة تعود لشعب الماوري، بالإضافة إلى جمجمتين تعودان لفردين محددي الهوية من جزر مضيق توريس.
وأضاف أنّ المتحف كان "يبدو دومًا في موقف دفاعي ومتراجع" ويحتاج إلى "إصلاح طال انتظاره".
وأشارت تويكروس إلى أن الوزراء يجتمعون بانتظام مع المتحف، وأكدت أنها ستضمن إثارة هذه القضية

ويحتفظ المتحف البريطاني بأكثر من 6,000 من البقايا البشرية، وفقًا لموقعه الإلكتروني، والذي يذكر أن ذلك "يعزز فهمنا للماضي" ويدفع عجلة البحث العلمي.
وصرح متحدث باسم المتحف في بيان لـCNN الجمعة: "المتحف يدرك التزاماته الأخلاقية ويتبع عن كثب الإرشادات التي وضعتها وزارة الثقافة والإعلام والرياضة، بالإضافة إلى قانون الأنسجة البشرية لعام 2004، ما يضمن أن يتم التعامل مع البقايا البشرية الموجودة في رعايته وعرضها باحترام وكرامة دومًا".
وما برح الجدل حول عرض وبيع بقايا البشر قائمًا على مستوى العالم.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول، اضطرت دار "سوان" للمزادات في مقاطعة أوكسفوردشاير بإنجلترا، إلى سحب أكثر من 20 قطعة تحتوي على بقايا بشرية، ضمنًا رؤوس مقلصة وجماجم أسلاف، من البيع بعد موجة غضب في المملكة المتحدة والهند.
وفي العام 2023، اعتذر رئيس مؤسسة "سميثسونيان" في الولايات المتحدة عن جمع مجموعة تضم عشرات الآلاف من أجزاء الأجساد، والتي أخذت معظمها من أشخاص من ذوي الأصول الإفريقية والسكان الأصليين من دون موافقتهم خلال النصف الأول من القرن العشرين.
وفي العام ذاته، أوقف متحف هانتريان بلندن عرض هيكل عظمي لرجل من القرن الثامن عشر يُعرف باسم "العملاق الأيرلندي"، والذي يبلغ طوله 2.31 متر، وأراد دفنه في البحر لمنع علماء التشريح من الاستيلاء على جسده.
0 تعليق