دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قد يخشى بعض الأشخاص الانخراط بمحادثة صغيرة غير مهمة، أو يعتقدون أنها لا تستحق وقتهم، فيما هذا النوع من الأحاديث البسيطة قد يسعد آخرين. ففي معظم الحالات، خصوصًا مع الغرباء أو المعارف، لا يمكن تجنّب الحديث القصير حين يحاول الطرفان إيجاد أرضية مشتركة.
يقول مات أبراهامز، المحاضر في السلوك التنظيمي بكلية الدراسات العليا لإدارة الأعمال في جامعة ستانفورد: "إنه التواصل الذي نستخدمه ونتعرف بواسطته على الآخرين، هو البوابة المؤدية لإجراء حديث أعمق وأكثر ثراءً".
بالنسبة للأشخاص الذين ليس لديهم الكثير من الخبرة في المحادثات الصغيرة، قد يبدو التحدي شاقًا. لكن ثمة طرقًا للتحسّن في هذا النوع من التواصل، ذلك أن أبراهامز يرى أنّ الأمر يستحق المحاولة، لأنّ تبادل أطراف الحديث قد يؤثر بشكل إيجابي على الرفاهية العامة للشخص.
إليك ما يريد الخبراء أن يعرفه الناس عن فوائد المحادثات الصغيرة.
فوائد المحادثة الصغيرة
الأشخاص الذين يواجهون احتمال إجراء محادثات قصيرة قد يضعون الكثير من الضغط على أنفسهم لأداء جيد عند مقابلة شخص ما للمرة الأولى. وقال أبراهامز، الذي يستضيف البودكاست "Think Fast, Talk Smart" لمشاركة النصائح حول التواصل الاستراتيجي، إنهم قد يشعرون بالقلق أيضًا بشأن الفعل الشاق المتمثّل بالتحدث بشكل عفوي، الأمر الذي يتطلب التفكير على الفور، والاستجابة السريعة لمواصلة المحادثة.
فلماذا يجب أن تفعل ذلك؟ أظهرت الأبحاث أن المحادثات البسيطة مع أشخاص لا تعرفهم جيدًا قد تنعكس إيجابًا على الصحة والرفاهية، مثل:
تحسين مزاجك، وتقليل مشاعر العزلة لديك.وبرأي الدكتورة جيليان ساندستروم، الأستاذة المساعدة بعلم نفس اللطف في جامعة ساسكس بالمملكة المتحدة، التي بحثت في آثار الحد الأدنى من التفاعلات الاجتماعية، فإنّ "(الحديث القصير) أمر، نعتقد نحن علماء النفس أنه أساسي نوعًا ما، مثل الطعام والماء. فنحن نحتاج إلى الشعور بأننا ننتمي، وأننا مهمون لأشخاص آخرين".
وكان الجراح العام الأمريكي دكتور فيفيك مورثي أعلن في العام 2023، أنّ الوحدة وباء في الولايات المتحدة. وتؤثر الوحدة اليومية على 1 من كل 5 بالغين بأمريكا، وهو أعلى مستوى منذ عامين، وفق بيانات مؤسسة غالوب الصادرة في أكتوبر/ تشرين الأول.
ولفتت ساندستروم إلى أنه من خلال إجراء محادثة بسيطة مع أحد المعارف أو الغرباء، يمكن للناس أن يشعروا بأنهم أكثر ارتباطًا ببعضهم، ولديهم إحساس أقوى بالمجتمع. فقد أظهرت أبحاثها أنّ من لديهم تفاعلات يومية غير رسمية أكثر، مثل التحدث إلى جار، أو باريستا في مقهى، يعتريهم شعور أقوى بالانتماء.
كيف تصبح خبيرا بالمحادثات الصغيرة؟
في بعض السيناريوهات، مثل عمل مرتقب أو حدث قائم على التواصل، يمكن للأشخاص الاستعداد مسبقًا للمحادثات العفوية المتوقّعة بحسب الدكتورة سونيتا ساه، عالمة النفس التنظيمية، وأستاذة الإدارة والمنظمات في جامعة كورنيل بإيثاكا، نيويورك. فمن خلال إجراء بحث مسبق حول الأشخاص المتوقع حضورهم في حدث ما في الإمكان التخطيط للأسئلة التي ستطرحها، ما يساعد على تخفيف التوتر.
في اللحظات الأكثر عفوية، هناك حيل لإجراء محادثة جيدة، أسهلها بحسب ساه إبداء ملاحظة حول محيطك المشترك، لذا يتحدّث الناس غالبًا عن الطقس، أو يطرحون أسئلة عامة على الأشخاص لمعرفة المزيد عنهم.
وبحسب ابراهامز، في هذا النوع من المحادثة "يتعلّق الأمر بأن تكون مهتمًا، وليس مثيرًا للاهتمام، وهذا التحول في العقلية مهم".
في بعض الأحيان، يمكن أن يخفف التباطؤ والتروي قبل الرد من التشوش، وإعطاء المزيد من الوضوح والبنية للإجابة.
وأضاف أبراهامز: "سيشعر الناس في المحادثات القصيرة وغيرها من مواقف التحدث العفوية، أنّه يتعيّن عليهم الرد على الفور، لكن في الإمكان الرد بالتالي: ’أعطني ثانية للتفكير في ذلك‘. أو يمكنك طرح سؤال توضيحي يمنحك الوقت للتفكير".
بالنسبة لساندستروم، الحديث البسيط على غرار أي شيء آخر، يتحسّن مع الممارسة. إذا أمضى شخص ما وقتًا طويلاً من دون تواصل اجتماعي في أماكن غير رسمية، قد تبدو المحادثات الصغيرة أكثر رعبًا ممّا هي عليه في الواقع.
وفي بحثها، وجدت ساندستروم أنه كلما زاد عدد الأشخاص الذين يشاركون في محادثات قصيرة، كلما أصبحوا أكثر ثقة في مهاراتهم الاجتماعية، وأقل قلقًا بشأن الرفض.
وأشارت إلى أنه في نهاية المطاف، يفترض أن تكون الأحاديث القصيرة مرحة وممتعة، وتتضمّن القليل من الفكاهة، فهي تبني العلاقة والثقة ومستوى معين من الود.
وخلصت إلى أنه "في عصرنا هذا، حيث يمكن للجميع العودة إلى هواتفهم أو قضاء أيام من دون التحدث إلى شخص ما، أعتقد أن الحديث البسيط يساعد على التخلص من جانب الوحدة".
0 تعليق