loading ad...
عمان- تعد الحرف والصناعات اليدوية التقليدية جزءا أساسيا من التراث الثقافي للشعوب، إذ تروي قصصا عن تاريخها، عاداتها وتقاليدها. وتعكس هذه الحرف والأنشطة اليدوية حياة الأجداد وبساطتهم، وقدرتها على التكيف مع بيئتها ومحيطها، وتخزين الحكمة الشعبية التي نقلتها الأجيال.اضافة اعلان
وعليه، يقدم الباحث هاني علي الهندي، في كتابه "الحرف والصناعات الشعبية في عمان (1920-1956)"، الصادر عن الآن ناشرون وموزعون، بدعم من وزارة الثقافة، رؤية معمقة حول كيفية تطور هذه الحرف في عمان على مدار عقود عدة، وكيف أن هذه الصناعات تشكل جزءا من هوية المدينة.
وقد استند الهندي، في دراسته، على المصادر التاريخية والمراجع المتاحة، رغم قلتها، لإبراز التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها عمان. فقد كانت عمان في بداية القرن العشرين قرية صغيرة، ومع مرور الزمن، ونتيجة للهجرات المتعددة، توسعت لتصبح مركزا حضريا مزدهرا، يشهد ازدهارا في مجالات متعددة من الحياة الاقتصادية، بدءا من التجارة وصولا إلى الحرف اليدوية التي باتت تمثل جزءا لا يتجزأ من الثقافة العمانية.
يقول المؤلف، إن الكتاب يحتوي على تقسيمات منهجية؛ حيث قسم الكتاب إلى بابين. الباب الأول يختص بالصناعات التقليدية الشعبية ويضم ستة فصول. تناول الفصل الأول الصناعات والحرف الحجرية والطينية والرملية، بينما اشتمل الفصل الثاني على الصناعات والحرف الجلدية. أما الفصل الثالث، فحمل عنوان "الصناعات والحرف الخشبية"، في حين تطرق الفصل الرابع إلى الصناعات والحرف المعدنية. والفصل الخامس عرض الصناعات والحرف الغذائية، ليكون الفصل السادس شاملاً للصناعات والحرف النسيجية.
أما الباب الثاني، فقد خصصه للحرف الشعبية، مشتملاً على ثلاثة فصول. الفصل الأول تناول الحرف التي تُمارس داخل الدكاكين، بينما خصص الفصل الثاني للحرف التي يظهر أربابها في الشوارع والحارات. أما الفصل الثالث، فكان مخصصا للبائعين المتجولين في الشوارع والحارات والأحياء.
في تمهيده للكتاب، يقول المؤلف هاني الهندي، إن الحرف والصناعات الشعبية ارتبطت بحاجة السكان لتغطية احتياجاتهم اليومية. وقد زاولها الأجداد وورثها الأحفاد، فهي تحفظ تراثنا الشعبي، وتحمي تاريخنا، وتجسد هويتنا. ولأننا نعيش في واقع متغير، فإن بعض هذه الحرف ما تزال تقاوم تقلبات العولمة والتطور المستمر، بينما يتعرض بعضها الآخر للزوال لأسباب طبيعية أو بسبب قلة الحرفيين الذين استمروا في ممارستها. كما أن هناك بعض الحرف التي حكم عليها الزمن بالزوال.
ويضيف المؤلف أن هذا الكتاب يقدم للقارئ الأردني والعربي تاريخ هذه الحرف والصناعات عبر العصور القديمة، مرورا بجزء من تاريخ عمان الحديث، بما يخدم هدفه، في الإشارة إلى الحرف والصناعات الشعبية التي ظهرت فيها خلال الفترة الزمنية من العام 1920 إلى 1956، معتمدا على بعض المصادر والمراجع رغم قلتها. ويشير إلى أن تاريخ بلادنا يحتوي على جوانب كثيرة لم تهتم بها الدراسات والأبحاث.
وقبل الخوض في التفاصيل، لا بد من معرفة الفرق بين الصناعة والحرفة، مبينا أن هناك خيطا رفيعا يفصل بين الصنعة والحرفة، ما جعل بعض الباحثين يعتبرونهما مترادفتين. والحقيقة التي توصلت إليها هي أن الحرفة تحتاج إلى براعة ومهارة يدوية، وهذه البراعة تقود إلى الصنعة إذا دخلت عليها الآلة. على سبيل المثال، في أشغال الحدادة، كان النقش يتم يدويا حتى دخلت الآلة عليها، فصارت صنعة. وكذلك الحال مع أعمال النجارة وغيرها.
أما الحرفة، فهي عمل يقوم به الإنسان من دون تدخل الآلة، مثل: العربجي، بائع الكاز، الإسكافي، وغيرهم. إذن، الحرفي والصناعي كلاهما يسعى إلى توفير قوت عيشه بطريقته الخاصة وحسب ما أتيح له. وقد فرق القاسمي بين الصناعة والحرفة، فقال: "إن الإنسان إذا سعى إلى تحصيل ما يعيش به، جعل له سببا من الأسباب، فإن كان السبب عمل يده فهو صنعة، وإلا فهو حرفة".
ويقول الهندي إنه حرص قبل الحديث عن كل حرفة على أن يقدم لها بأسلوب الحكاية أو القصة لإمتاع القارئ قبل أن يقدم النص البحثي. وقد استثنى بعض الحرف والصناعات الشعبية، مثل محال البقالة التي انتشرت في شوارع عمان منذ تأسيس الإمارة، وصناعة الطرابيش، والفراك، وصناعة الأحذية، والتطريز، ومصانع الثلج، ومصانع الشمع في شارع المصدار (شارع الأمير حسن حاليا) وغيرها.
ويتابع "اكتفيت بالحرف والصناعات التي شهدتها عمان في فترة تشكلها وتوسعها، خاصة في فترة الأربعينيات من القرن الماضي، مع ذكر بعض أسماء المحال وأماكنها وبعض العاملين فيها، على سبيل المثال لا الحصر، لأن المجال لا يتسع لذكرها جميعا".
ويضيف الهندي، أن هذه المحال والحرف استوعبتها شوارع عمان التي ظهرت مع بداية تشكل عمان واتساعها، وسجلت تاريخها. من أهم هذه الشوارع:
شارع الملك طلال: من أقدم شوارع عمان، وكان يسمى شارع المهاجرين نسبة إلى المهاجرين الشركس، حيث يبدأ من ساحة المسجد الحسيني وينتهي عند رأس العين.
شارع الهاشمي: يمتد من ساحة المسجد باتجاه المحطة حتى مكان جسر رغدان، سمي بهذا الاسم نسبة إلى الأمير عبد الله الذي كان يمشي به متوجها إلى المسجد.
شارع فيصل: سمي بهذا الاسم نسبة إلى الملك فيصل الأول، ولاتساع عرضه أطلق عليه أيضا "ساحة فيصل"، حيث كانت تقام فيه الاحتفالات الوطنية. وكان يعرف سابقا باسم شارع البلدية.
شارع الأمير محمد: كان يسمى شارع وادي السير لأنه يؤدي إلى وادي السير، أو شارع البريد.
شارع الملك حسين: يبدأ من محل مطاعم جبري صعودا إلى دوار الداخلية (ميدان جمال عبد الناصر حاليا)، وكان يسمى شارع السلط لأنه الطريق الذي يؤدي إلى السلط.
شارع الملك عبد الله الأول: هو الشارع الذي يصل إلى منطقة المحطة قبل سقف السيل.
وفي المدخل للكتاب، يقول الهندي "إن الحرف والصناعات اليدوية التقليدية تعد جزءا مهما وأصيلا من ثقافة الشعوب وتاريخها، حيث تمتزج فيها العادات والتقاليد والطقوس والقيم، مما يعكس صورا حية للحياة الشعبية ببساطتها وعفويتها ودقتها، وهي مرتبطة ارتباطا وثيقا بطبيعة المنطقة والمكان الذي نشأت فيه. ومهما اختلفت أشكال هذه الصناعات أو الحرف -سواء كانت صناعات جلدية أو خشبية أو معدنية أو حجرية- فإنها مستوحاة من البيئة الطبيعية ومرتبطة بطبيعة حياة سكانها الذين قاموا بتصنيعها حسب حاجتهم إليها، فحافظ عليها كبار السن وعلموها لأبنائهم وأحفادهم".
ويوضح المؤلف أن الحرف تنمو وتتطور بناء على حجم السكان ونمط معيشتهم. فقد ذكرت "سالنامة ولاية سوريا" سنة 1898 أن عدد الدكاكين في قضاء عجلون بلغ 157، وهو عدد مقبول بالنظر إلى حجم سكان القضاء. وتشير "سالنامة عام 1871" إلى وجود أربعين دكانا في السلط، ما يعني أن السلط في تلك الفترة قد بلغت حدا من التطور. مقارنة بذلك، تشير الرحالة روبنسون في العام 1893 إلى أن عمان كانت تضم شارعين؛ أحدهما للدكاكين والآخر سوق يحتوي على فرن لخبز الأرغفة لعامة الناس. وهذا يدل على أن الصناعات والحرف اليدوية في عمان كانت قد ظهرت متأخرة، وكانت تعتمد في البداية على البضائع القادمة من دمشق بواسطة القطار، أو من القدس ونابلس بواسطة عربات الشركس.
ويرى الهندي أن عمان ظلت قرية صغيرة تمتاز بخصوبة أراضيها وسهولها الخضراء، بينما كانت تنتشر حولها مضارب البدو الذين يعتمدون على سيل عمان موردا لهم ولحلالهم. فقد أشارت سجلات محكمة عمان الشرعية في العام 1902 إلى العشائر التي تواجدت حول عمان، وهي: الحنيطي، الذين كانوا يسكنون قرى أبو علندا، والقويسمة، والنهارية، وتلعة مرشد، وأم الحيران، والمغبة، وتلعة العميري.
وعشيرة الحديد، التي كانت تسكن في مناطق الحدادة، وقصر السهل، وطريق عيشة، والقويسمة، وأم الحيران، والوسية، والعباسية، وأم زعيريرة، والعدوانية. كما كانت عشيرة الدعجة تمتد مضاربها من الرصيفة إلى طبربور شمال عمان، وصولا إلى أم قصير والبنيات جنوب عمان، ومرج الحمام جنوب غربي عمان. أما عشائر بني عباد فقد سكنوا في عراق الأمير، ووادي السير، والبصة، والكرسي، ودابوق في العام 1911. وكذلك، سكنت عشائر العدوان في السهل غربي عمان وحول قرية حسبان وواديه.
ويشير المؤلف إلى أن عمان استعادت أمجاد تاريخها القديم من خلال الهجرات الشركسية التي استقرت قرب سيل عمان والمدرج الروماني؛ حيث عملوا في الزراعة وتربية الماشية، وبنوا مساجدهم وبيوتهم، وهو ما أعاد الحياة إلى قرية عمان. كما استطاعت عمان جذب القادمين من فلسطين وسورية والعراق الذين اعتمدوا على التجارة في معيشتهم، فاستقروا فيها إقامة دائمة. إضافة إلى ذلك، وفد إليها عدد كبير من سكان المناطق الأردنية، مثل السلط وجرش وإربد، خاصة وأن عمان أصبحت مركزا اقتصاديا رئيسيا.
وعليه، يقدم الباحث هاني علي الهندي، في كتابه "الحرف والصناعات الشعبية في عمان (1920-1956)"، الصادر عن الآن ناشرون وموزعون، بدعم من وزارة الثقافة، رؤية معمقة حول كيفية تطور هذه الحرف في عمان على مدار عقود عدة، وكيف أن هذه الصناعات تشكل جزءا من هوية المدينة.
وقد استند الهندي، في دراسته، على المصادر التاريخية والمراجع المتاحة، رغم قلتها، لإبراز التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها عمان. فقد كانت عمان في بداية القرن العشرين قرية صغيرة، ومع مرور الزمن، ونتيجة للهجرات المتعددة، توسعت لتصبح مركزا حضريا مزدهرا، يشهد ازدهارا في مجالات متعددة من الحياة الاقتصادية، بدءا من التجارة وصولا إلى الحرف اليدوية التي باتت تمثل جزءا لا يتجزأ من الثقافة العمانية.
يقول المؤلف، إن الكتاب يحتوي على تقسيمات منهجية؛ حيث قسم الكتاب إلى بابين. الباب الأول يختص بالصناعات التقليدية الشعبية ويضم ستة فصول. تناول الفصل الأول الصناعات والحرف الحجرية والطينية والرملية، بينما اشتمل الفصل الثاني على الصناعات والحرف الجلدية. أما الفصل الثالث، فحمل عنوان "الصناعات والحرف الخشبية"، في حين تطرق الفصل الرابع إلى الصناعات والحرف المعدنية. والفصل الخامس عرض الصناعات والحرف الغذائية، ليكون الفصل السادس شاملاً للصناعات والحرف النسيجية.
أما الباب الثاني، فقد خصصه للحرف الشعبية، مشتملاً على ثلاثة فصول. الفصل الأول تناول الحرف التي تُمارس داخل الدكاكين، بينما خصص الفصل الثاني للحرف التي يظهر أربابها في الشوارع والحارات. أما الفصل الثالث، فكان مخصصا للبائعين المتجولين في الشوارع والحارات والأحياء.
في تمهيده للكتاب، يقول المؤلف هاني الهندي، إن الحرف والصناعات الشعبية ارتبطت بحاجة السكان لتغطية احتياجاتهم اليومية. وقد زاولها الأجداد وورثها الأحفاد، فهي تحفظ تراثنا الشعبي، وتحمي تاريخنا، وتجسد هويتنا. ولأننا نعيش في واقع متغير، فإن بعض هذه الحرف ما تزال تقاوم تقلبات العولمة والتطور المستمر، بينما يتعرض بعضها الآخر للزوال لأسباب طبيعية أو بسبب قلة الحرفيين الذين استمروا في ممارستها. كما أن هناك بعض الحرف التي حكم عليها الزمن بالزوال.
ويضيف المؤلف أن هذا الكتاب يقدم للقارئ الأردني والعربي تاريخ هذه الحرف والصناعات عبر العصور القديمة، مرورا بجزء من تاريخ عمان الحديث، بما يخدم هدفه، في الإشارة إلى الحرف والصناعات الشعبية التي ظهرت فيها خلال الفترة الزمنية من العام 1920 إلى 1956، معتمدا على بعض المصادر والمراجع رغم قلتها. ويشير إلى أن تاريخ بلادنا يحتوي على جوانب كثيرة لم تهتم بها الدراسات والأبحاث.
وقبل الخوض في التفاصيل، لا بد من معرفة الفرق بين الصناعة والحرفة، مبينا أن هناك خيطا رفيعا يفصل بين الصنعة والحرفة، ما جعل بعض الباحثين يعتبرونهما مترادفتين. والحقيقة التي توصلت إليها هي أن الحرفة تحتاج إلى براعة ومهارة يدوية، وهذه البراعة تقود إلى الصنعة إذا دخلت عليها الآلة. على سبيل المثال، في أشغال الحدادة، كان النقش يتم يدويا حتى دخلت الآلة عليها، فصارت صنعة. وكذلك الحال مع أعمال النجارة وغيرها.
أما الحرفة، فهي عمل يقوم به الإنسان من دون تدخل الآلة، مثل: العربجي، بائع الكاز، الإسكافي، وغيرهم. إذن، الحرفي والصناعي كلاهما يسعى إلى توفير قوت عيشه بطريقته الخاصة وحسب ما أتيح له. وقد فرق القاسمي بين الصناعة والحرفة، فقال: "إن الإنسان إذا سعى إلى تحصيل ما يعيش به، جعل له سببا من الأسباب، فإن كان السبب عمل يده فهو صنعة، وإلا فهو حرفة".
ويقول الهندي إنه حرص قبل الحديث عن كل حرفة على أن يقدم لها بأسلوب الحكاية أو القصة لإمتاع القارئ قبل أن يقدم النص البحثي. وقد استثنى بعض الحرف والصناعات الشعبية، مثل محال البقالة التي انتشرت في شوارع عمان منذ تأسيس الإمارة، وصناعة الطرابيش، والفراك، وصناعة الأحذية، والتطريز، ومصانع الثلج، ومصانع الشمع في شارع المصدار (شارع الأمير حسن حاليا) وغيرها.
ويتابع "اكتفيت بالحرف والصناعات التي شهدتها عمان في فترة تشكلها وتوسعها، خاصة في فترة الأربعينيات من القرن الماضي، مع ذكر بعض أسماء المحال وأماكنها وبعض العاملين فيها، على سبيل المثال لا الحصر، لأن المجال لا يتسع لذكرها جميعا".
ويضيف الهندي، أن هذه المحال والحرف استوعبتها شوارع عمان التي ظهرت مع بداية تشكل عمان واتساعها، وسجلت تاريخها. من أهم هذه الشوارع:
شارع الملك طلال: من أقدم شوارع عمان، وكان يسمى شارع المهاجرين نسبة إلى المهاجرين الشركس، حيث يبدأ من ساحة المسجد الحسيني وينتهي عند رأس العين.
شارع الهاشمي: يمتد من ساحة المسجد باتجاه المحطة حتى مكان جسر رغدان، سمي بهذا الاسم نسبة إلى الأمير عبد الله الذي كان يمشي به متوجها إلى المسجد.
شارع فيصل: سمي بهذا الاسم نسبة إلى الملك فيصل الأول، ولاتساع عرضه أطلق عليه أيضا "ساحة فيصل"، حيث كانت تقام فيه الاحتفالات الوطنية. وكان يعرف سابقا باسم شارع البلدية.
شارع الأمير محمد: كان يسمى شارع وادي السير لأنه يؤدي إلى وادي السير، أو شارع البريد.
شارع الملك حسين: يبدأ من محل مطاعم جبري صعودا إلى دوار الداخلية (ميدان جمال عبد الناصر حاليا)، وكان يسمى شارع السلط لأنه الطريق الذي يؤدي إلى السلط.
شارع الملك عبد الله الأول: هو الشارع الذي يصل إلى منطقة المحطة قبل سقف السيل.
وفي المدخل للكتاب، يقول الهندي "إن الحرف والصناعات اليدوية التقليدية تعد جزءا مهما وأصيلا من ثقافة الشعوب وتاريخها، حيث تمتزج فيها العادات والتقاليد والطقوس والقيم، مما يعكس صورا حية للحياة الشعبية ببساطتها وعفويتها ودقتها، وهي مرتبطة ارتباطا وثيقا بطبيعة المنطقة والمكان الذي نشأت فيه. ومهما اختلفت أشكال هذه الصناعات أو الحرف -سواء كانت صناعات جلدية أو خشبية أو معدنية أو حجرية- فإنها مستوحاة من البيئة الطبيعية ومرتبطة بطبيعة حياة سكانها الذين قاموا بتصنيعها حسب حاجتهم إليها، فحافظ عليها كبار السن وعلموها لأبنائهم وأحفادهم".
ويوضح المؤلف أن الحرف تنمو وتتطور بناء على حجم السكان ونمط معيشتهم. فقد ذكرت "سالنامة ولاية سوريا" سنة 1898 أن عدد الدكاكين في قضاء عجلون بلغ 157، وهو عدد مقبول بالنظر إلى حجم سكان القضاء. وتشير "سالنامة عام 1871" إلى وجود أربعين دكانا في السلط، ما يعني أن السلط في تلك الفترة قد بلغت حدا من التطور. مقارنة بذلك، تشير الرحالة روبنسون في العام 1893 إلى أن عمان كانت تضم شارعين؛ أحدهما للدكاكين والآخر سوق يحتوي على فرن لخبز الأرغفة لعامة الناس. وهذا يدل على أن الصناعات والحرف اليدوية في عمان كانت قد ظهرت متأخرة، وكانت تعتمد في البداية على البضائع القادمة من دمشق بواسطة القطار، أو من القدس ونابلس بواسطة عربات الشركس.
ويرى الهندي أن عمان ظلت قرية صغيرة تمتاز بخصوبة أراضيها وسهولها الخضراء، بينما كانت تنتشر حولها مضارب البدو الذين يعتمدون على سيل عمان موردا لهم ولحلالهم. فقد أشارت سجلات محكمة عمان الشرعية في العام 1902 إلى العشائر التي تواجدت حول عمان، وهي: الحنيطي، الذين كانوا يسكنون قرى أبو علندا، والقويسمة، والنهارية، وتلعة مرشد، وأم الحيران، والمغبة، وتلعة العميري.
وعشيرة الحديد، التي كانت تسكن في مناطق الحدادة، وقصر السهل، وطريق عيشة، والقويسمة، وأم الحيران، والوسية، والعباسية، وأم زعيريرة، والعدوانية. كما كانت عشيرة الدعجة تمتد مضاربها من الرصيفة إلى طبربور شمال عمان، وصولا إلى أم قصير والبنيات جنوب عمان، ومرج الحمام جنوب غربي عمان. أما عشائر بني عباد فقد سكنوا في عراق الأمير، ووادي السير، والبصة، والكرسي، ودابوق في العام 1911. وكذلك، سكنت عشائر العدوان في السهل غربي عمان وحول قرية حسبان وواديه.
ويشير المؤلف إلى أن عمان استعادت أمجاد تاريخها القديم من خلال الهجرات الشركسية التي استقرت قرب سيل عمان والمدرج الروماني؛ حيث عملوا في الزراعة وتربية الماشية، وبنوا مساجدهم وبيوتهم، وهو ما أعاد الحياة إلى قرية عمان. كما استطاعت عمان جذب القادمين من فلسطين وسورية والعراق الذين اعتمدوا على التجارة في معيشتهم، فاستقروا فيها إقامة دائمة. إضافة إلى ذلك، وفد إليها عدد كبير من سكان المناطق الأردنية، مثل السلط وجرش وإربد، خاصة وأن عمان أصبحت مركزا اقتصاديا رئيسيا.
0 تعليق