
مرة أخرى نذوق غدر وعربدة الكيان بطعم شديد المرارة وبجريمة لا يمكن لبشر أسوياء أن يرتكبوها.
هناك في الحروب ما يسمى نظرية “الصدمة والترويع” وهي تستهدف بشكل مفاجئ مراكز قيادة وسيطرة العدو ومخازن أسلحته بمئات الغارات مرة واحدة، أي أنها تستهدف الجهد العسكري للعدو سواء الإنساني أو السلاح، لكن ما قام به العدو هو حالة غدر واستغلال عملية تفاوض يرعاها وسطاء، ليقوم بجريمة وحشية وقتل موظفين حكوميين مدنيين لا علاقة لهم بالجهد العسكري.
مرة أخرى تقع المنطقة أسيرة حركة غدر وعربدة صهيونية، وهذه الممارسة لن تتوقف ما لم تجد رادعا لها.
على العرب إن هم حقاً جادون في وضع حد لغدر وعربدة هذا الكيان تغيير مقاربتهم ونظرتهم له؛ فهو كيان لا يستحق أن تمد له يد، أو تقام معه علاقة.
على العرب أن يكفوا عن مناشدة المجتمع الدولي بالتدخل للجم هذا الكيان، بل عليهم أن يبحثوا هم عن حل عملي لإيقافه عند حده، وهم قادرون على ذلك إن توفرت الإرادة الجادة.
على العرب أن يعلنوا بصراحة أن أوليتهم هي تحقيق الأمن والاستقرار للفلسطينيين، وتحقيق أهدافهم المشروعة بتقرير المصير وإقامة دولتهم على أرضهم، وأن ذلك ليس مرتبطا بتحقيق الأمن والاستقرار للكيان.
ما دام أن العرب ينطلقون من مبدأ واجب تحقيق الأمن للكيان، وأن ذلك هو شرط تحقيق المطالب الفلسطينية، فإننا سنظل ندور في هذه الحلقة المفرغة من العدوان والغدر والعربدة والصلف.
على العرب أن يكفوا عن لعب دور الوسطاء الذين يريدون الوصول لحلول وسط عبر تقديم الطرفين تنازلات والالتقاء في نقطة وسط؛ فالحق الفلسطيني والدم الفلسطيني والأرض الفلسطينية لا تحتمل هذه المقاربات التجارية، وعلى العرب أن يكونوا قولاً وفعلاً سنداً وظهيرا للفلسطينيين.
حركة حماس التي تخوض المفاوضات مع العدو دون سند، بحاجة إلى تحالف عربي جريء يقف خلف مطالبها المحقة؛ وهي: إيقاف الحرب، والانسحاب من القطاع، ورفع الحصار، وإعادة الإعمار. ولنكف عن الانسياق وراء الموقف الصهيوني الذي يصر على أن حماس والمقاومة هي المشكلة؛ فالكيان لا يريد الفلسطينيين جملة وتفصيلا، لكنه يفضل أن يكون ذلك بالتقسيط؛ حماس أولا.
على العرب أن يعلموا أن كبح جماح هذا الوحش ليس لصالح الفلسطينيين فحسب، بل هو لصالحهم، فهذا الوحش لا يرضى إلا أن يكون هو سيد المنطقة، وسيدوس على أي طرف يمكن أن يتحداه في ذلك. ولذلك فالوقوف في وجهه الآن واعتبار الفلسطينيين هم خط الدفاع الأول عن الأمة العربية، هو واجب، عدا ذلك سنظل نردد المثل العربي “أكلت يوم أكل الثور الأبيض”.
0 تعليق