دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- لا يمكن تجنّب المواقف العصيبة في الحياة اليومية، مثل التحدث أمام حشد من الناس، أو الاستعداد لموعد أول في العمل أو الحياة الشخصية، أو التحضرّ لحالة طوارئ. إذ تبدأ يداك بالارتعاش، وتتسارع نبضات قلبك، وتجتاح عقلك الأفكار السلبية.
هذه كلّها سيناريوهات مألوفة جدًا لسارة لورينزيني، وهي ممرضة استجابة سريعة منذ 10 سنوات، ومؤسسة أكاديمية الاستجابة السريعة، وهو برنامج يعلّم الممرضات كيفية التدريب على أي حالة طوارئ والتعامل معها.
تتذكر لورينزيني التي تعمل أيضًا كمضيفة لبودكاست تعليم التمريض Rapid Response RN، أنها كانت ممرضة جديدة في قسم الطوارئ، ورغم أنها كانت تعرف كل ما يجب عليها فعله في حالات الطوارئ، لكن عندما وصل ذلك المريض من خدمات الطوارئ الطبية.. وجدت نفسها تواجه صعوبة بالتقاط أنفاسها، حيث قالت: "إذا لم تتمكن من جعل جسدك يستجيب للقيام بما عليك فعله، فلن تتمكن من مساعدة المريض".
من الشائع أن تنشط استجابة الجسم الطبيعية "القتال أم الهروب"، وقد يكون من الصعب التصرّف بالطريقة التي ترغب بها تحت الضغط.
لكن يمكنك تدريب العقل والجسد بحيث تكون مستعدًا بشكل أفضل عندما تصادف موقفًا مرهقًا آخر.
إليكم كيفية الحفاظ على هدوئكم مهما حدث، وفقًا لنصائح لورينزيني وخبراء آخرين.
ماذا تفعل قبل وقوع الأزمة؟
تُظهِر تجربة لورينزيني كيف يمكن للاستعداد المسبق أن يساعد في المواقف عالية الضغط، مثل إكمال برنامج التمريض، أو التدرب على إلقاء خطاب أمام المرآة، أو الدراسة لاختبار.
أوضحت الدكتورة إينا خزان، وهي المحاضرة في الطب النفسي بكلية الطب في جامعة هارفارد، وطبيبة نفسية سريرية متخصصة في علم النفس الصحي والتميز في الأداء، أنّ هناك طرقًا لبناء ما يُسمى بمرونة الجهاز العصبي، والقدرة للحفاظ على استجابة الجسم للإجهاد في توازن صحي، قبل مواجهة مثل هذه المواقف العصيبة.
وتتمثّل إحدى هذه التقنيات التي تنصح بها غالبًا، بممارسة تقلب معدل ضربات القلب، أو HRV، وهي الطريقة التي يرتفع بها معدل ضربات قلب الشخص وينخفض ويتغير باستمرار.
يدّل ارتفاع معدل ضربات القلب على أنّ جهازك العصبي يتمتع بصحة جيدة، وأنّ قلبك يمكنه التكيف بشكل أفضل مع التحديات والضغوطات اليومية.
أشارت خزان إلى أنه من خلال العمل على التنفس بتردّد الرنين، وهو تنفس بطيء من الحجاب الحاجز يتراوح عادة بين ثلاثة وسبعة أنفاس في الدقيقة، ويتزامن مع معدل ضربات القلب، سيزداد معدل ضربات القلب، ما يدرّب القلب على التعافي من مسبّبات التوتر بشكل أسرع.
وأضافت أنّ الأشخاص الذين لديهم معدل ضربات قلب أعلى، من الأسهل بالنسبة لهم اتخاذ القرارات، والتركيز، والاستجابة في المواقف الصعبة.
وقالت جولي أوهيرنيك، وهي المستشارة المهنية المرخصة والممرضة المسجلة في باركر، كولورادو، إنه من خلال التحقق طوال اليوم من مسبّبات التوتر الأصغر، يمكن للشخص أن يكون أكثر انسجامًا مع الطريقة التي يستجيب بها جسمه تحت الضغط العالي.
وأضافت أنّ الاحتفاظ بملاحظة جسدية أو عقلية لمدى التوتر الذي تشعر به على مقياس يتراوح من 1 إلى 10 طوال اليوم قد يساعدك على تحديد ليس فقط مسببات التوتر لديك، إنّما الأعراض الطبيعية للتوتر التي تحدث. ويمكن لذلك أن يساعدك على الاستجابة بشكل أفضل في تلك المواقف عالية التوتر.
أوضحت خازان أن الاحتياجات الأساسية مثل تناول نظام غذائي صحي، والحصول على قسط كافٍ من النوم في الليل أمر بالغ الأهمية، أيضًا لتحسين استجابتك لمسببات التوتر العالية.
كيف تحافظ على هدوئك في حالات الطوارئ؟
أشارت لورينزيني إلى أنه عندما يبدأ الشخص في الشعور بأحاسيس التوتر، قد يشعر أنه لا يستطيع فعل الأمر، وينتابه الذعر. لكن عندما تدرك أن هذه التفاعلات، مثل التغير في التنفس أو ضربات القلب، طبيعية، فإنه يمكن استخدام هذا الوعي لصالحك.
وأردفت خازان أن تذكير نفسك بأخذ أنفاس أبطأ أمر مهم أيضًا، حيث توصي بالاستنشاق بشكل طبيعي من خلال الأنف لمدة أربع ثوانٍ والزفير، كما لو كنت تنفخ برفق على شمعة، ما يُساعد على إعادة التوازن للنظام.
أوضحت خازان أنّ "الهدف ليس الاسترخاء، بل ممارسة التنظيم الذاتي، حتى تتمكّن من مساعدة الجسم في الوصول إلى المستوى الأمثل من التنشيط".
من جهتها، قالت أوهيرنيك التي تعمل أيضًا كمستجيبة للصحة العقلية في حالات الكوارث لدى الصليب الأحمر الأمريكي ومستشارًة في الاستعداد للطوارئ لمهنيي الصحة العقلية، إن استخدام حواسك، مثل ملاحظة الشعور بقدميك على الأرض، أو النظر حولك لتقييم الموقف وردود فعل الآخرين، ما يمكن أن يساعدك في التوقف والتفكير قبل الرد.
وأشارت أوهيرنيك إلى أنه من المهم التذكر بأن التوتر أمر لا مفر منه، خصوصًا في حالات الطوارئ، لافتة إلى أنّ "القليل من التوتر مفيد لنا. فهو يحافظ على جهوزية أنظمتنا العصبية للاستجابة عندما نحتاج إلى ذلك، والعودة إلى حالة من الهدوء عندما تكون الأمور على ما يرام".
0 تعليق