د. محمد بن سعيد المحاربي
ما من شك في أن أي عمل بشري يعتريه العيب والنقصان، لأن الكمال لله وحده، وهناك فرق بين النقصان المتعمد وغير المتعمد، وقد أثبتت إجادة، بما لا يدع مجالاً للشك، أنها تعمل وفق محاباة ومحسوبية تتقاطع فيها المصالح بين موظفي الدوائر الحكومية، وذلك بحسب تقييم المسؤول المباشر وعلاقته الخاصة بالموظف الذي في نظره مستحق، وعلى مرأى ومسمع من الإدارة الأعلى منه.
ولعل هذا فيه إجحاف كبير ببقية الموظفين، على اعتبار أن لكل دائرة فرصتين تنافسيتين، وهذا يعني أن فرصة الحصول على امتياز تم حصرها على هذين الموظفين، وهما في الحقيقة قد حُسم اسماهما قبل نهاية دورة التقييم. وهذا، في أسوأ الاحتمالات، له ردود أفعال سلبية تؤثر على مستوى الإنتاجية، حيث يغذي في النفوس مشاعر الإحباط وعدم المبالاة في إنجاز الأعمال وإتقانها، مما يخلق بيئة غير مستقرة وغير فاعلة على المدى البعيد، مما قد يؤدي إلى تقليل الروح المعنوية لدى الموظفين وإجهاض المواهب والأفكار الجيدة.
وهو الأمر الذي سيشكل تبعات مستقبلية خطيرة إن لم يتم تداركه، حيث إنه سينمي غرائز الأحقاد والحسد بين الأفراد في المؤسسات، وضعف العمل الجماعي والمنافسة الشريفة، كما أن ليس في صالح العمل شيء، ونحن ندرك يقينا أن المكافآت والحوافز لها مردود إيجابي على النفسيات العامة في المؤسسات، بل إنها تدفع إلى زيادة الأداء والإنتاجية. لذا يبرز هنا تساؤل حول ما الضرر في إعطاء كل ذي حق حقه، ما دام أن الموظف أو العامل في المؤسسة المعنية قد حقق الأهداف والأعمال التي تفوق التوقعات في الخطط المرسومة للمؤسسة.
وهناك حقيقة يجب طرحها بكل شفافية ضمن منظومة إجادة: «هدف تطويري» يُعد هدفًا صعبًا لدى الموظف، وهو ضمن تقييم منظومة إجادة، ولا يتسع المجال لذكر مساوئ هذه المنظومة وما تسببه من مآسٍ وعنت للكوادر البشرية التي تتطلع إلى مراقي التقدم والنجاح، وتطمح إلى الأمام بما تمتلكه من إرادة وعزيمة لا تلين لتحقيق أهدافها على المستويين الخاص والعام، وذلك ليكون لها دور فاعل وقيادي بما يتوافق مع «رؤية عُمان 2040»، بعيدًا عن الإقصاء والتهميش، من أجل خلق بيئة عمل جاذبة مع شفافية التقييم في مؤسساتنا.
وإذا كان لا بد مستقبلًا من إدخال «منظومة إجادة» في ترقيات الموظفين بهذه الآلية، فهل سيعول عليها في الترقيات في هذه الحالة؟
0 تعليق