جائزة نوبل في الاقتصاد لعام 2024

مصدرك 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يوم الاثنين 14 أكتوبر/تشرين الأول 2924، منحت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم جائزة نوبل التذكارية في الاقتصاد، لكل من الاقتصادي البريطاني الأمريكي سايمون جونسون، والاقتصادي والباحث السياسي البريطاني الأمريكي الآخر جيمس ألن روبنسون، والاقتصادي التركي الأمريكي من أصل أرمني دارون أسيموغلو، لإجرائهم دراسات مقارنة حول مستويات الرخاء لدى مختلف الدول ومجتمعاتها، وكيفية تشكيل المؤسسات وتأثيرها في الرخاء، أو كما قال رئيس لجنة الجائزة جاكوب سفينسون، في إعلانه أسماء الفائزين بالجائزة وتبرير قرار اللجنة: «إن تقليص الفوارق الشاسعة في الدخل بين البلدان هو أحد أعظم التحديات في عصرنا.
وقد أظهر الفائزون بالجائزة أهمية المؤسسات المجتمعية لتحقيق ذلك».
نلفت بدايةً، إلى أن ألفريد نوبل لم يُنشئ جائزة خاصة بالاقتصاد، وإنما هو أوصى في وصيته سنة 1895 بتخصيص 5 جوائز لأولئك الذين يقدّمون إنجازات عظيمة الفائدة للبشرية، هي: جائزة الكيمياء، وجائزة الفيزياء، وجائزة الطب، وجائزة الأدب، وجائزة السلام. أما جائزة الاقتصاد فقد أنشأها البنك المركزي السويدي في وقت متأخر (عام 1968). وسبب استحداثها، مرده تقديم إطار تنظيري مغاير لمسار تطبيقات الرأسمالية الاجتماعية، أو نموذج المقاربة الرأسمالية الشمالية (Nordic way)، أو الطريقة السويدية (Swedish way) التي انتهجتها السويد طوال حقبة حكم الحزب الديمقراطي الاجتماعي السويدي من 1932 إلى 1976، وتبعتها الدانمارك والنرويج. فظهر بذلك نموذج خليط من الرأسمالية والاشتراكية. فهو رأسمالي، لكنه أميل للمساواة والعدالة الاجتماعية، ونصير للمبادرة الرأسمالية الحرة، لكنه في نفس الوقت يدعم بقوة دولة الرعاية الاجتماعية، ومع النقابات القوية ومصالح الشركات الكبرى في ذات الوقت.
لذلك، فإنه في السنة الأولى بعد إنشاء الجائزة، وكان ذلك في عام 1969، تقرر منحها للنرويجي ركنر أنطن كتل فرش، ليس باعتباره اقتصادياً بقدر ما هو عالِم في الإحصاء الرياضي ساهم بالاشتراك مع الاقتصادي الهولندي يان تينبرجن، في «تطوير وتطبيق نماذج ديناميكية لتحليل العمليات الاقتصادية»، إضافة إلى ابتداعه بعض المصطلحات الأساسية في علم الاقتصاد، مثل «الاقتصاد القياسي» (Econometrics)، و«الاقتصاد الكلي» (Macroeconomics). أي أنهما أسّسا لتركيز علم الاقتصاد على كيفية تعظيم العائد على رأس المال، مقابل خفض تكلفة عملية تحصيله، وتحويل علم الاقتصاد بعيداً عن دالّته الاجتماعية. يومها، جاء في خطاب حفل توزيع الجائزة: «منذ أواخر العشرينيات، كان فريش وتينبرجن يعملان على نفس الخطوط الأساسية. وكان هدفهما إضفاء الصرامة الرياضية على النظرية الاقتصادية، وتقديمها في شكل يسمح بالقياس الكمي التجريبي والاختبار الإحصائي للفرضيات. وكان أحد الأهداف الأساسية هو الابتعاد عن النوع الغامض الأدبي من الاقتصاد».
كان البنك المركزي السويدي (Sveriges Riksbank)، جزءاً من الحكومة السويدية، التي كانت تطبق يومها النموذج الاجتماعي للرأسمالية. بما يعني أن ما أطلق عليها «المقاربة السويدية»، تجعل المصرفيين مساءلين أمام السلطة التشريعية، ومسؤولين عن القضايا الاجتماعية والمالية. المصرفيون لا يطيقون بطبيعة الحال مثل هذه الالتزامات.
لذلك كان البنك المركزي السويدي، في ستينيات القرن العشرين، يحاول التملص من المساءلة التشريعية، ولكي يتمكّن من تحقيق هذه الغاية، تعيّن عليه أن يزعم بأن «مصداقيته العلمية ليست مبنية على أساس الدعم السياسي». لهذا الغرض بادر البنك في عام 1968 لإنشاء جائزة نوبل في الاقتصاد بهدف أساسي هو تمجيد «خبراء الاقتصاد الجُدُد». فكان أن ذهبت الجائزة لأول مرة في عام 1969، إلى يان تينبرجن وركنر فريش الذي أفتى يومها بأن «الاقتصاد ينبغي أن يتبع نفس المسار النظري والتجريبي الذي اتبعته العلوم الأخرى، وخاصة الفيزياء».
أما تينبرجن، فقد كان رائداً في تحويل الاقتصاد إلى علم قائم على الرياضيات. بل إن الفائز التالي بالجائزة، وهو بول صامويلسون، كان مهووساً بجعل الاقتصاد «علماً صعباً»، حتى إنه استلهم بعض أهم أعماله من الديناميكا الحرارية.
إنما في الواقع، الاقتصاد ليس فيزياء. فالكون المادي موجود معنا أو بدوننا. وهو موجود لكي نكتشفه. والاقتصادات مختلفة. فهي من اختراع البشر. وهي نتاج للتكنولوجيات والسياسة والأنظمة الاجتماعية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق