الميزانية الأصعب!

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

فيصل الشيخ


أتفق مع القائلين بأنها قد تكون «الميزانية الأصعب» في تاريخ البحرين.

لكنني أراها كذلك ليس من ناحية التمرير والنقاشات العلنية أو السرية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية؛ بل هي الأصعب من ناحية «التحدي» في الحفاظ على ديمومة مكتسبات المواطنين دون تنفيذ أي من «التوقعات المسبقة» أو «السيناريوهات المقترحة»، والتي كانت معنية برفع الدعم أو إعادة توجيهه فيما يتعلق بالكهرباء والمحروقات ورفع نسبة الضريبة المضافة.

لن نكشف سراً إن قلنا بأنه سادت حالة من القلق خلال الفترة الماضية في الشارع، وذلك خلال النقاشات والاجتماعات العديدة التي تمت بين السلطتين، وما زاد في رفع نسبة القلق هي تلك التسريبات التي كانت تُنشر بصيغة الأخبار ذات المصادر السرية، أو التي لم تفصح عن هويتها، والسبب أنها سواء أكانت «تسريبات» أو «مجسات للنبض»، جعلت الناس تضع ألف سيناريو وسيناريو لما سيحصل، وعليه فإن السلبية طغت وتوقعات الأمور المقلقة زادت، وهذا أمر طبيعي ومتوقع.

هنا دائماً نكرر نفس الرجاء والطلب، إذ في مثل هذه الأمور الهامة والحساسة لارتباطها بالمواطن بشكل مباشر، وتحديداً بمستوى معيشته وجيبه وما يدفعه من رسوم وغيرها، من المزعج والمقلق والمتعب نفسياً للناس ترك المجال مفتوحاً لتسريبات هنا وهناك، أو اجتهادات من أفراد لديهم صفات في المجتمع، بالأخص لو كانوا بعض النواب أنفسهم، والفئة الأخيرة نخصها بالذكر هنا لسبب وجيه، إذ ليس من المقبول أن تُكشف أمور لم تحسم بعد مع السلطة التنفيذية، أو نشر توقعات واحتمالات؛ لأنك «ستربك الناس»، ولربما ما يتم في الجلسات المغلقة للنقاشات أمور لم تحسم بعد، وقد تتغير أو يتم التراجع عنها في اللحظات الأخيرة. وأيضا نقطة هامة، أنت كنائب، يفترض أنك «صمام أمان» لمن انتخبك، ولا يجوز أن «تهلع أو تتحلطم» أنت وتبث هذه المشاعر لـ»ترعب الناس» بالتالي.

الآن، انتهت العملية، واكتملت النقاشات، ووصلت الأطراف إلى توافقات، نتائجها يفترض بأنها أزالت القلق عن الناس، وبددت كثيراً من المخاوف، خاصة مع الإعلان عن عودة زيادة المتقاعدين وبأثر رجعي، وعدم المساس بالدعم المعني بالكهرباء والماء والمحروقات، وعدم زيادة ضريبة القيمة المضافة. وكلها نتائج كانت خلافاً لما انتشر ونُشر في كثير من المنصات وتداوله الناس، ومثل لهم توجساً وقلقاً.نكتب ذلك بغية ألا يعيش المواطن هواجس قلق وتوتر، وألا يُختبر صبره وتحمله، فاليوم الالتزامات المعيشية باتت كثيرة وكبيرة وصعبة، وما يتطلع له الناس هو تحسين أوضاعهم والتسهيل أكثر عليهم وزيادة المكتسبات ولا شيء آخر. المواطن غايته «التيسير»، ولأن العمل الحكومي والتشريعي يفترض لأجل هذا المواطن، فإن أبعد ما يجب الوصول إليه هو «التعسير».

عموماً، ما حصل من نتائج مسألة تشكر عليها جهود السلطتين التنفيذية والتشريعية، وتشكر عليها جهود وزارة المالية، ووزيرها وطاقمه الذين يتعاملون اليوم مع ملف صعب جداً، إذ عليهم مسؤولية التوفيق والتوازن بين مكتسبات المواطن واستقرار وضعه وديمومة الخدمات وغيرها، وما بين الالتزامات المالية والتحديات والتضخم وغيرها من أمور تحكم المصروفات، وتؤثر على المداخيل.

وأخيراً هي ملاحظة نراها هامة جداً، إذ يحتاج الناس دائماً لمعلومات أكثر وتفاصيل أدق، وأوضح لأي توجه جديد أو استراتيجية أو آلية، وذلك حتى لا تترك الأمور للتأويل والافتراض والاجتهاد، وكلها أمور قد لا تعكس الحقيقة التامة. وعليه فقد وصلتنا تساؤلات عديد من الناس، وكذلك انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مثلها بشأن «حساب المواطن»، إذ كيف سيتم تطبيقه؟! وكيف ستكون آلية الدعم؟! وما الذي سيتغير عن الوضع الحالي حينما يتم تطبيق هذه الآلية الجديدة؟! وهنا الشرح الوافي سيكون مطلوباً، وأعتقد أنه سيتم في القادم من الأيام.

ندعو الله أن يوفق جميع الجهود في هذا الوطن للتغلب على التحديات، وأن ينهض الاقتصاد بقوة، وأن نقلل من هذا الدين العام، بما يمكننا من ضمان الاستقرار المالي للوطن وتحسين معيشة المواطن وتحقيق المكتسبات التي يتطلع إليها ويتمناها.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق