الحوثي.. ذراع إيران تقترب من نهايتها

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عهدية أحمد السيد


في تصريح لافت يعكس تحولاً في قواعد الاشتباك، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الضربات التي نفذتها القوات الأمريكية مؤخراً «قضت على أسوأ عناصر الحوثيين»، مضيفاً أن الجماعة أصبحت «تحت ضغط شديد». لم يكن هذا التصريح مجرد توصيف للوضع العسكري، بل رسالة سياسية مباشرة مفادها أن واشنطن لم تعد تنظر إلى الحوثيين كجماعة متمردة في اليمن، بل كذراع عسكري مباشر لنظام ولاية الفقيه في إيران.

جاء هذا التصريح في وقت حساس، وسط تصعيد الحوثيين لهجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، بذريعة دعم القضية الفلسطينية. غير أن هذه العمليات تمثل جزءاً من منظومة أوسع لإيران، التي تعتمد على أذرعها المسلحة في المنطقة لفرض نفوذها، وتوجيه رسائل ضغط للغرب في ظل تعثر المفاوضات النووية.

وصف ترامب الحوثيين بأنهم «ذراع أخرى من إيران»، إلى جانب ميليشيات كحزب الله، مشيراً إلى أنهم «يصنعون صواريخهم بأنفسهم ويتلقون دعماً مباشراً من طهران». هذا التصريح يعكس فهماً أمريكياً جديداً بأن التهديد لا يصدر عن ميليشيا محلية معزولة، بل من شبكة منظمة تدار ضمن استراتيجية إيرانية شاملة.

وفي خضم هذا التصعيد، وجه ترامب إنذاراً صريحاً لإيران، محذراً من أن أي هجوم ينفذه الحوثيون سيُعد هجوماً إيرانياً مباشراً. وأضاف أن طهران ستكون مضطرة للتفاوض، أو مواجهة «عواقب صعبة». وقد أُرسلت هذه الرسالة رسمياً إلى المرشد الإيراني علي خامنئي، الذي جدد رفضه للعرض الأمريكي، مؤكداً عدم الثقة في نوايا واشنطن.

الداخل الأمريكي نفسه لم يخلُ من التوتر، فقد أثار تسريب تفاصيل عن خطط الهجوم على الحوثيين جدلاً واسعاً، وواجه ترامب انتقادات من معارضيه الذين اعتبروا ذلك مؤشراً على خلل في إدارة الملف الأمني، ما دفع بعض النواب الديمقراطيين للمطالبة باستقالة كبار المسؤولين.

وتُعد تصفية عدد من قيادات الحوثيين البارزين خلال الضربات الأمريكية الأخيرة ضربة قاصمة للجماعة. وبحسب مصادر استخباراتية، فإن من بين المستهدفين شخصيات كانت تلعب أدواراً مركزية في إدارة العمليات الخارجية، والتنسيق مع الحرس الثوري الإيراني. هذا الاستهداف النوعي لا يضعف القدرات الميدانية للحوثيين فحسب، بل يهز ثقة مقاتليهم ويُربك بنيتهم التنظيمية، خاصة في ظل غياب قيادات قادرة على ملء الفراغ سريعاً.

من جهة أخرى، يرى مراقبون أن تصعيد العمليات الحوثية ليس فقط رد فعل ميداني، بل يأتي ضمن محاولات إيران لاختبار حدود الرد الأمريكي في ظل تغيّرات إقليمية متسارعة. فالحوثي يمثل ورقة ضغط متقدمة تستخدمها طهران للمساومة في الملفات الكبرى، وعلى رأسها البرنامج النووي والعقوبات الاقتصادية. ومع ذلك، فإن تغير نبرة واشنطن يوحي بأن صبرها على هذا الابتزاز بدأ ينفد.في المجمل، لم تعد جماعة الحوثي مجرد لاعب يمني، بل أصبحت تمثل ذراعاً إيرانية ممتدة في خاصرة الخليج العربي. ومع اتساع دائرة الاستهداف السياسي والعسكري ضدها، فإنها تواجه اليوم لحظة حاسمة. الرسالة الأمريكية باتت واضحة: زمن الحروب بالوكالة يقترب من نهايته، ومن يصر على البقاء فيها سيدفع الثمن.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق