ابنتي مصابة بـ"وجه القمر" 

صحيفة مكة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
قد يستغرب البعض من عنوان المرض، بينما البعض الآخر قد تمتلكه الدهشة من وجود مرض يدعى "وجه القمر"، وما بين الاستغراب والدهشة أوضح للقراء الأعزاء أن المرض ليس له أي علاقة بملامح الوجه نهائيا، ولكنه سمي بذلك لأن وجه المصاب به ينتفخ ويتورم ويبدو مستديرا كاستدارة القمر بشكل كبير.

يقول أحد الآباء الأعزاء في رسالته التي بعث بها: ملامح ابنتي يا دكتور تغيرت كثيرا ووجها أصبح سمينا وبعد التشخيص أفاد الطبيب بأنها مصابة بمتلازمة كوشينغ وهذا السبب في استدارة وجهها، وقد بدأنا في العلاج ولله الحمد، ولكنني أتساءل: لماذا أصبح الوجه مستديرا مع تركز الدهون في منطقة الوجه؟

وحتى تكون الرؤية واضحة لدى القراء الأعزاء أوضح أن الإصابة بمتلازمة كوشينغ تحدث عندما تكون مستويات هرمون "الكورتيزول" مرتفعة للغاية لفترة طويلة في الجسم، وهذا الارتفاع في الهرمون قد ينشأ لأسباب داخلية، أو قد تكون أسبابه خارجية، وقد تتسبب متلازمة كوشينغ بظهور العديد من الأعراض الجسدية والذهنية، وأبرزها ما يسمى بالوجه القمري، ومن هنا جاءت تسمية مرض وجه القمر كتسمية مصاحبة لمتلازمة كوشنج.

وهناك عدة أسباب لمرض "وجه القمر" منها الإصابة ببعض أنواع الأورام ، مثل أورام الغدة النخامية التي تحفز الجسم على إنتاج كميات مفرطة من الهرمون المسؤول عن تحفيز الغدد الكظرية لتقوم بإنتاج الكورتيزول، وهناك الأورام الكظرية القشرية وهي أورام تنشأ على الغدة الكظرية، وقد تحفز فرط إنتاج الكورتيزول، وأيضا من المسببات أورام قد تنشأ في مواقع أخرى من الجسم، ومن الممكن أن تقوم من موقعها بإنتاج الهرمون الموجه للغدة الكظرية، مما قد يسبب فرط إنتاج الكورتيزول، وبجانب الأورام هناك أدوية قد تسبب مرض وجه القمر نتيجة الاستخدام الطويل جدا لها.

وأهم الأعراض المصاحبة لمتلازمة كوشينغ زيادة الوزن في جذع الجسم ونحافة الذراعين والساقين، وزيادة سمنة الوجه  وهو ما أشرت إليه في بداية المقال عن إطلاق تسمية "وجه القمر" وأحيانا يطلق أيضا اسم الوجه البدري، ومن الأعراض تكوُّن كتلة دهنية بين الكتفين، ظهور علامات تمدد بلون وردي أو بنفسجي على البطن أو الوركين أو الفخذين أو الثديين أو الإبطين، رقة الجلد وضعفه لدرجة إصابته بالكدمات بسهولة، بطء التئام الجروح، البثور، وهناك بعض الأعراض النسائية الأخرى منها نمو شعر كثيف وداكن في الوجه والجسم، عدم انتظام الدورة الشهرية أو توقفها، ومع كل الأعراض السابقة قد تؤدي المضاعفات إلى هشاشة العظام، ارتفاع ضغط الدم، داء السكري من النوع الثاني، عدوى متكررة، فقدان كتلة العضلات.

ويعتمد العلاج على سبب الإصابة بالمتلازمة، حيث تشمل خيارات العلاج الحد من استخدام أدوية المدى الطويل بتخفيض الجرعات وفقا لقرار الطبيب المعالج، وذلك إذا كانت الإصابة بالمتلازمة عن استخدام الدواء لفترة طويلة، وهناك العملية الجراحية؛ إذا كانت الإصابة ناتجة عن الأورام، وقد يكون العلاج الإشعاعي ملائما للمصابين غير المناسبين لإجراء العمليات الجراحية، كما يتم وصف بعض الأدوية للسيطرة على إنتاج الكورتيزول في الجسم.

ولا توجد طرق محددة للوقاية من الإصابة بمتلازمة كوشينغ، ولكن الوعي بالأعراض المرتبطة بها يعد العنصر الأساسي لتشخيص المتلازمة، ومعالجتها في مراحلها المبكرة، لذا ينصح في حال ظهور أي أعراض قد تبدو على الفرد بسرعة مراجعة الطبيب حتى يتم التشخيص وإجراء الفحوصات والتحاليل اللازمة وتحديد العلاج دون تأخير.

وهناك بعض الإرشادات للمصابين بمتلازمة كوشينغ وهي الاهتمام بالصحة العامة، وذلك باتباع نمط غذائي صحي، ممارسة النشاط البدني لتقوية العظام، مع تجنب الرياضات التي تؤدي إلى السقوط للحيلولة دون كسر العظام، تجنب التوتر والقلق، الحرص على أخذ الأدوية التي وصفها الطبيب بانتظام، مراجعة الطبيب في حال تفاقم الأعراض.

قبل أن أنهي المقال أوضح أن هرمون "الكورتيزول" يتم إنتاجه في الغدد الكظرية، وهي غدد تتواجد فوق الكليتين، وعندما تكون مستويات الكورتيزول طبيعية فإنه يساعد على تحسين رد فعل الجسم تجاه التوتر، ودعم وظائف جهاز المناعة، بالإضافة إلى تحويل المواد الآتية إلى طاقة (الدهون، والكربوهيدرات، والبروتينات)، دعم وظائف جهاز الدوران، والحفاظ على مستويات طبيعية لضغط الدم، تنظيم مستويات سكر الدم، تخفيف حدة الالتهاب في الجسم. 

الخلاصة: متلازمة كوشينج أو وجه القمر هو اضطراب هرموني، يحدث عندما ترتفع مستويات هرمون الكورتيزول في الجسم، وذلك عن طريق استخدام بعض الأدوية لأمد طويل أو عندما ترتفع مستويات الكورتيزول تلقائيا، الأمر الذى يصاحبه بعض التغيرات مثل استدارة الوجه، وظهور علامات تمدد الوردية على البشرة، أو ارتفاع ضغط الدم وفقدان العظام، وفي بعض الأحيان الإصابة بمرض السكري من النوع 2، ويتطلب تشخيص المرض بإجراء فحوصات طبية، لتحديد العلاج الذى يعمل على خفض ارتفاع مستوى الكورتيزول في الجسم، أو اللجوء لإجراء عملية جراحية، عند يكون السبب ورما الذي قد يوجد في الغدد الكظرية أو الرئتين أو البنكرياس، وقد يتم اللجوء إلى العلاج الإشعاعي وفق مرئيات الطبيب المعالج.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق