العيونيون: إحياء الدولة العربيّة الموحدة في البحرين

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

د. خالد الحمداني

بدأ دور العيونيين في البحرين على إثر نجاح زعيم الأسرة عبدالله بن علي في جمع أبناء عشيرته من قبيلة عبد القيس والتي كانت تقطن واحة العيون شمال الأحساء. والتف حوله سائر سكان الواحة معلناً بذلك ظهور قوة قبلية محلية عرفت فيما بعد بالعيونيين. كان لدى عبدالله بن علي طموح كبير وممّا ساعده في ذلك وعيه بحقيقة الواقع السياسي والعسكري والاجتماعي لنواحي البحرين، لذا وضع خطة متكاملة لتأسيس دولته الناشئة محاولاً توظيف الظروف المحيطة وحسن استغلالها لصالحه، علاوةً على إدراكه لتخبّط القوى والكيانات المتنافسة في البحرين ومنها ضعف حركة القرامطة الهدّامة والتي فقدت نفوذها تماماً في البادية الشمالية للبحرين، وتراجعت إلى الأحساء على إثر تقدم القبائل العربية المتفقة مع الخلافة العباسية جنوب العراق وشمال البحرين.

تزامن ذلك مع ظهور قوى محلية أخرى في نواحي البحرين الأخرى ساهمت في إضعاف وطرد القرامطة من تلك النواحي ومنها ما قام به أبو البهلول العوام في أوال من إعلان قيام إمارة آل الزجاج وتحريرها من نفوذ القرامطة. وتبع ذلك ظهور قوى محلية أخرى في القطيف معلنةً طرد القرامطة منها وإعلان قيام إمارة آل عياش فيها.

أمام هذا الواقع في البحرين ومساعي الخلافة العباسية في بغداد والسلاجقة للتخلص من القرامطة وإعادة بسط نفوذ الخلافة العباسية في الأقاليم المجاورة للعراق ومنها البحرين والجزيرة العربية، سعى زعيم أسرة العيونيين إلى اقتناص الفرص من خلال اتخاذ القرار الجريء المناسب بالتحالف مع الخلافة العباسية والسلاجقة طالباً منهما الدعم والتأييد لمواجهة ما بقي من قوة القرامطة، وبالفعل دعمته الخلافة عسكرياً ومادياً ومعنوياً وكل ذلك مكّنه من توجيه الضربة القاضية لحركة القرامطة والقضاء عليها وإنهاء صفحة مظلمة عاثت في الأرض فساداً.

لينطلق إثر ذلك وينتقل بأسرته من مجرد زعامة قبلية في واحة العيون إلى دولة عربية في سائر البحرين مستفيداً من دعم واعتراف الخلافة العباسية والخبرات التي اكتسبها وقبول أهل البحرين له نتيجة تمكنه من طي صفحة القرامطة نهائياً، وكل ذلك مكّنه من التحرك لبسط نفوذه في نواحي البحرين، إذ تمكّن من إنهاء دور آل عياش في القطيف وأوال معلناً بذلك قيام الدولة العيونية في سائر نواحي إقليم البحرين.

مؤسساً بذلك دولة عربية موحدة امتد حكمها قرابة قرن ونصف من الزمن في مرحلة تاريخية عصيبة، إذ كان من أولويات مهامها توحيد نواحي البحرين تحت قيادة عربية محلية علاوة على إعادة تنظيم وترتيب أوضاع البحرين إدارياً واقتصادياً وإزالة وتجاوز الآثار والمخلفات السلبية الاجتماعية الاقتصادية والفكرية التي تركتها حركة القرامطة في مرحلتها المقيتة.

تداول على حكم الدولة العيونية عشرون أميراً شمل حكمهم كل نواحي إقليم البحرين بما فيها أوال، وبرز من بين الأمراء الفضل بن عبدالله والذي ركّز على تحقيق الأمن والسلام والاستقرار وإنعاش الحركة الاقتصادية، وتبعه الحفيد أبي سنان الذي سار في إدارة الدولة على نهج مؤسسها من خلال الحرص على وحدة البلاد وتنشيط حركتها التجارية والحفاظ على المنظومة الإدارية والفكرية والمجتمعية فيها.

سعت الدولة العيونية إلى إدارة البحرين من خلال الاستفادة من الإمكانيات المحلية مع ترسيخ وجودها وعلاقاتها في عمقها الاستراتيجي مع أقاليم الجزيرة العربية، وكل ذلك يمثل الامتداد الجغرافي والبشري والسياسي والاجتماعي والاقتصادي والفكري الكفيل بضمان وحدة البحرين وتحقيق التجانس والاستقرار السياسي والتنمية والنهضة الاقتصادية فيها.

* باحث في التاريخ وأكاديمي

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق