يختار مليكنا محبة الله مكسباً وربحاً، يختار أن يحبه الله في أعظم أيامه، في رمضان، وفي ليلة هي خير من ألف شهر، في ليلة القدر فيعفو عن مجموعة من المحكومين، عملاً منه بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سألته السيدة عائشة رضي الله عنها، قالت: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، بِمَ أَدْعُو؟ قَالَ: قُولِي: «اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي».
عفوت عفواً كريماً يا أبا سلمان.. «ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو» فأنفقت حتى فاض كيلك، وراهنت على الحب «فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم»، فلم أرَ ولم أسمع عن حاكم يحب «العفو» ولصيق بقيمة إنسانية عظيمة كـ»العفو عند المقدرة» كجلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه منذ توليه الحكم إلى يومنا هذا، عفو يليه عفو، يلحقه عفو ثم عفو، مرات لا تحصى، لم تثنِه ملامة، ولم يردده كثير من حالات العود عند بعض ممن عفا عنهم، والإنكار والخذلان عند البعض الآخر، مُصرّ على أن الحسنة والقيمة الإنسانية العالية التي هي «العفو» لابد وأن تؤتي ثمرها يوماً ما وإن طال الزمن، وتلك سمة صعبة المنال لا يقدر عليها كثير من البشر، خاصة من يملك القدرة والقوة ولا يحتاج لمن يعفو عنهم، إنما هي ثقة وإيمان بأن الخير لابد وأن ينتصر وأن الفهم السليم لابد وأن يتحقق وأن الحب الذي يملكه لهذا الشعب لابد وأن يصل لقلوب وعقول ضلت طريقها عن مصلحتها ومصلحة وطنها في يوم ما.
قدرة عجيبة على الإصرار على طريق العفو أياً كانت الضغوط التي تعاكسه، يحتاج صاحبها إلى قلب كبير وقوة احتمال وسعة صدر ونظرة أوسع منها وإيمان وقناعة بأن الله لا يحب أمراً إلا وفيه خير لعباده، ولهذا قال رسوله الكريم «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللهُ عَبْداً بِعَفْوٍ إِلَّا عِزّاً، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ».
عزك يا أبا سلمان من عزنا، وقلبك الكبير اتسع لكلنا، وعفوك هو قدرتك التي تصعب على كثير منا، ومنك نتعلّم.
0 تعليق