دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- لطالما حَلِمت جانيس ديرويستر، المنحدرة من ولاية تكساس بأمريكا، بالعيش في فرنسا، غير أنّ ظروف حياتها حالت دون تحقيق رغبتها.

وفي إحدى أيام عام 2021، بينما كانت ديرويستر، التي ترمّلت منذ 2012، مستلقية على سريرها في ولاية جورجيا، حيث كانت تقيم آنذاك، تردّد بذهنها كلمات أغنية "هل هذا كل ما في الأمر؟" للمغنية بيغي لي الصادرة في العام 1969، والتي حققت نجاحا كبيرًا حينها. 

وقالت الأمريكية لـCNN: "كرهتُ تلك الأغنية عندما صدرت، لكنها فجأةً خطرت في بالي. وفكرتُ: هل هذا كل شيء؟ أعمل، ثم أعود إلى المنزل متعبة. ثم أستيقظ. هل هذا كل شيء"؟

قرار "متسرع"

أدركت ديرويستر أنّها تريد المزيد من الحياة، فقرّرت على الفور الانتقال إلى فونتينبلو، البلدة الفرنسية التي تعلّقت بها حين زارتها في العام 2018. وبعد أقل من عام، في السبعين من عمرها، أقدمت على ذلك بالفعل.

ولفتت إلى أنّها "متهوّرة جدًا، لذا كان هذا القرار بمثابة حجر أساس". 

والآن، بعد استقرارها في فونتينبلو، جنوب شرق العاصمة باريس، تشعر ديرويستر بأنّها "أخذت أفضل قرار بحياتها".

أوضحت الأمريكية أنّها لم تكن تعيسة بالضرورة في جورجيا، بل كانت تستمتع بالعيش بمزرعة خيول في الريف، لكنّ شعورًا عميقًا غمرها بأنّ "هناك أكثر " في هذه الحياة.

تخيّلت ديرويستر في البداية أنّها ستعيش في شقة ذات درج حلزوني، لكنّها سرعان ما أدركت أن هذا لن يكون ممكنًا لأنها خضعت لعملية جراحية بركبتها، وجعلها ذلك في حاجةٍ لمصعد.

واستقرت في النهاية بشقة أبسط.

ثم باعت ديرويستر سيارتها وتخلّصت من أكبر قدر ممكن من أغراضها، ووضعت بعضها في مخزن لأجل ابنتها، جينيفر.

صباح الخير يا فرنسا

تقدمت ديرويستر بطلب للحصول على تأشيرة زيارة تسمح لها بالبقاء في فرنسا لمدة تتراوح بين ثلاثة أشهر و12 شهرًا. 

وفي فبراير/ شباط من 2022، غادرت الولايات المتحدة، مصطحبة معها كلبها المسن "باستر"، وقطتها "كيتي".

تعترف ديرويستر بأنّها عانت خلال أيامها الأولى بفرنسا، وبدأت تتساءل عمّا إذا كانت قد ارتكبت خطأً فادحًا.

وبدأ مزاجها يتحسن بعدما نامت جيدًا وذهبت لشراء بعض الأثاث. ولكن الأمر استغرق بعض الوقت حتى شعرت بالاستقرار.

وفي الأشهر الأولى في فرنسا، اعترفت ديرويستر بأنّ أمورًا بسيطة كالذهاب إلى متجر البقالة كانت مُرهقة للغاية لها.

مع مرور الوقت، بدأت تشعر براحة أكبر، وبنت شبكة قوية من الأصدقاء في فرنسا. وبناءً على نصيحة إحدى صديقاتها، أطلقت قناة على عبر "يوتيوب" بعنوان "جانيس في فرنسا" توثّق فيها مغامراتها في هذا البلد الأوروبي.

وحصدت الامريكية الآن نحو 30 ألف متابع.

وأكّدت ديرويستر: "أستمتع بها كثيرًا (القناة).. فهي تمنحني هدفًا".

إيجاد هدف

ديرويستر، الحاصلة على درجة الماجستير في الإرشاد، تُدير أيضًا مجموعة تُركز على مواضيع مثل الشيخوخة، والانفصال عن العائلة، والحزن.

وشرحت أنّها تدرك "معنى ألا تجد من تتحدث إليه"، موضحةً أنها تقضي وقتًا طويلاً في العمل مع كنيستها، كما أنّها استضافت من يعيشون بمفردهم في حفلات عيد الميلاد التي أقامتها في منزلها خلال موسم الأعياد.

وأكّدت الأمريكية: "علينا أن نُرد الجميل. أحاول أن أُرد الجميل في مجتمعي.. يجب أن يكون لدينا هدف في الحياة.. ومنحني يوتيوب هذا الهدف".

وتشير ديرويستر إلى أن قرب فونتينبلو من باريس، التي تبعد حوالي ساعة بالقطار، كان عاملًا رئيسيًا في قرارها بالانتقال إلى هناك.

وهي تسافر بانتظام إلى العاصمة الفرنسية "لاحتساء فنجان قهوة" مع أصدقائها.

التركيز على العائلة

بحسب ديرويستر، أفضل ما يميز العيش في فرنسا هو التركيز الكبير على العائلة.

وأوضحت: "الولايات المتحدة الأمريكية تركز على المال.. أمّا فرنسا، فتركز على العائلة، وقضاء وقت ممتع مع العائلة، والعطل معًا".

ومع ذلك، لم يخل التكيف مع الحياة هناك من تحديات.

وبالنسبة لديرويستر، تُعتبر البيروقراطية الفرنسية، التي تُكثر الشكوى منها، من أبرز التحديات.

وتُشير إلى أن "البيروقراطية صعبة. فلا يُمكنني ببساطة الاتصال بهم"، وأضافت أنّها لا تزال تنتظر الحصول على تأشيرة الإقامة الطويلة. 

كما ذكرت أنّه إذا اتصلتِ بسمسار عقارات في الولايات المتحدة، "فسيعاود الاتصال بكِ في غضون ساعة ونصف إلى ساعتين تقريبًا"، لكن الوضع مختلف تمامًا في فرنسا.

وقالت: "هنا قد يستغرق الأمر يومين أو ثلاثة، لأنك لست من أولوياتهم.. عائلاتهم هي الأولوية".