
السبيل
يوافق اليوم الأحد، الذكرى الـ49 ليوم الأرض الذي جاء بعد هبة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948، ضد سياسات الاقتلاع والتهويد التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي.
ويُحيي الفلسطينيون في الداخل المحتل والضفة الغربية المحتلة، والشتات هذه الذكرى، من خلال سلسلة فعاليات وأنشطة، في حين يأتي هذا اليوم على قطاع غزة في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي عليها.
وتعود أحداث يوم الأرض الخالد إلى 30 آذار/ مارس عام 1976، عندما هب فلسطينيو الداخل، ضد استيلاء الاحتلال على نحو 21 ألف دونم من أراضي القرى الفلسطينية بمنطقة الجليل، ومنها عرابة، سخنين، دير حنا، عرب السواعد، وغيرها، لصالح إقامة المزيد من المستوطنات، في إطار خطة “تهويد الجليل”.
وصاحب ذلك اليوم إعلان الفلسطينيين الإضراب العام، فحاول الاحتلال كسره بالقوة، ما أدى إلى اندلاع مواجهات، أسفرت عن استشهاد ستة فلسطينيين، وإصابة واعتقال المئات.
ومنذ ذلك الوقت، يعتبر يوم الأرض حدثًا محوريًا في الصراع على الأرض، ويومًا وطنيًا بارزًا في تاريخ النضال الفلسطيني وحياة شعبنا سواء داخل فلسطين أو خارجها، بحيث تشهد هذه المناسبة فعاليات وتحركات شعبية فلسطينية عديدة تؤكد وحدة شعبنا وتمسكه في أرضه.
وأفادت لجنة المتابعة العليا -الهيئة القيادية العليا لفلسطينيي 48- بأن الاحتلال صادر منهم نحو مليون ونصف المليون دونما منذ احتلاله حتى عام 1976، ولم يبق بحوزتهم سوى نحو نصف مليون دونم، عدا ملايين الدونمات من أملاك اللاجئين وأراضي المشاع العامة.
ويشير باحثون إلى أن مصادرات الأراضي بهدف التهويد بلغت ذروتها في مطلع 1976 بذرائع مختلفة منها “القانون” و”خدمة الصالح العام”، أو في تفعيل ما يعرف بـ “قوانين الطوارئ” الانتدابية.
وأُعلن الإضراب الشامل، ردًا مباشرًا على مصادرة أراضي (المل) التي تبلغ مساحتها 60 ألف دونم، وكانت تستخدم في 1942-1944 كمنطقة تدريبات عسكرية للجيش البريطاني أثناء الحرب العالمية الثانية، مقابل دفع بدل استئجار لأصحاب الأرض.
وبعد عام 1948، أبقى الاحتلال على الوضع الذي كان سائدًا في عهد الانتداب البريطاني، إذ كان يسمح للمواطنين بالوصول إلى أراضيهم لفلاحتها بتصاريح خاصة.
وفي عام 1956 أغلقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي المنطقة بهدف إقامة مخططات بناء مستوطنات يهودية ضمن مشروع تهويد الجليل، ومنع السكان من دخول المنطقة في تاريخ 13-2-1976.
وكان صدور وثيقة سرية (كيننغ) في الأول من مارس 1976 من متصرف لواء الشمال في وزارة داخلية الاحتلال الإسرائيلي (يسرائيل كيننغ)، سمّيت فيما بعد باسمه، والتي تستهدف إفراغ الجليل من أهله الفلسطينيين والاستيلاء على أراضيهم وتهويدها، واحدة من مسببات الاتجاه نحو الإضراب.
ودعت وثيقة (كيننغ) في طياتها إلى تقليل نسبة الفلسطينيين في منطقتي الجليل والنقب، وذلك بالاستيلاء على ما تبقى لديهم من أراض زراعية وبمحاصرتهم اقتصاديا واجتماعيا، وبتوجيه المهاجرين اليهود الجدد للاستيطان في منطقتي الجليل والنقب.
وركزت على تكثيف الاستيطان اليهودي في شمال الجليل، وإقامة حزب “عربي” يعتبر “أخًا” لحزب العمل الإسرائيلي ويركز على المساواة والسلام، ورفع التنسيق بين الجهات الحكومية في معالجة الأمور العربية.
وشددت الوثيقة على ضرورة التضييق الاقتصادي على العائلات الفلسطينية عبر ملاحقتها بالضرائب، وكذلك تخفيض نسبة الفلسطينيين في التحصيل العلمي وتشجيع التوجهات المهنية لدى التلاميذ، وتسهيل هجرة الشباب والطلاب العرب إلى الخارج ومنع عودتهم إليها.
وكان الرد الإسرائيلي عسكريًا شديدًا على هبة “يوم الأرض”، باعتبارها أول تحد، ولأول مرة بعد احتلال الأرض الفلسطينية عام 1948، حيث دخلت قوات معززة من جيش الاحتلال مدعومة بالدبابات والمجنزرات إلى القرى الفلسطينية وأعادت احتلالها.
وشهداء يوم الأرض هم: خديجة قاسم شواهنة، خير أحمد ياسين، رجا حسين أبو ريا، خضر عيد محمود خلايلة، محسن حسن سيد طه، ورأفت علي زهدي.
وشهد النقب في مطلع يناير/ كانون ثاني 2022 هبة شعبية ضد الهجمة الإسرائيلية التي يتعرض لها لتجريف وتحريش أراضيه، بهدف تمرير مخططات الاحتلال الاقتلاعية، وحسم قضية الأرض.
وعلى إثر الهبة، اندلعت مواجهات واحتجاجات مع قوات الاحتلال، أسفرت عن عشرات الإصابات ومئات المعتقلين من بينهم قاصرين وفتيات.
تصعيد استيطاني غير مسبوق
ويأتي يوم الأرض في ظل تصعيد إسرائيلي غير مسبوق في وتيرة الاستيطان في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، حيث أكد تقرير صادر عن المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي برئاسة نتنياهو، ووزرائه المتطرفين برئاسة سموتريتش وبن غفير صعدت من هجومها الاستيطاني غير المسبوق في الضفة الغربية المحتلة بما فيها شرقي القدس.
وبين التقرير الأسبوعي الصادر يوم السبت، أن حكومة الاحتلال تستولي على مساحات واسعة من الأراضي في المنطقتين (ج) و (ب)، وتحاصر الفلسطينيين في معازل.
وقال إن الاحتلال يحاصر المدن والقرى والبلدات والمخيمات بالسواتر الترابية والمكعبات الإسمنتية والبوابات الحديدية، ليس فقط على المداخل، بل وبين هذه البلدات والقرى ومجالها الحيوي في الريف الفلسطيني.
وأضاف أن وصول المزارعين الفلسطينيين إلى أراضيهم وحقولهم أصبح محفوفاً بالمخاطر، خاصة بعدما نشر المستوطنون بؤرهم الاستيطانية ومزارعهم الرعوية على نطاق واسع في محيط هذه البلدات والقرى، وبعد أن نشر الاحتلال، حسب معطيات الأمم المتحدة، أكثر من 849 حاجزاً عسكريا يتولى أمرها جيش من المستوطنين، في قوات الاحتياط بالجيش.
وبحسب التقرير فإن مساحة الأراضي الفلسطينية، التي يتحرك فيها المزارعون الفلسطينيون تقلصت على نحو كبير، أما المجال الحيوي للمستوطنات فقد توسع على شكل غير مسبوق، ليشمل الأراضي المشجرة بغابات الزيتون، والأراضي الرعوية، وينابيع المياه كذلك.
وقد أصدر الاحتلال خلال العام 2024، 35 أمراً بوضع اليد على حوالي 1,073 دونماً، وخمسة أوامر استملاك لحوالي 803 دونمات، و9 أوامر إعلان أراضي دولة لحوالي 24,597 دونماً، إضافة إلى 6 أوامر تعديل حدود محميات طبيعية.
كما استولى الاحتلال من خلالها على حوالي 20,000 دونم، وذلك ضمن السياسة الممنهجة والمستمرة للسيطرة على أراضي الفلسطينيين كافة، وحرمانهم من استغلال مواردهم الطبيعية، وضمن سياسة الضم التي تتبعها سلطات الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية.
ووفق الإحصاء الفلسطيني، فقد بلغ عـدد الفلسطينيين المقدر في نهاية عام 2021 حوالي 13.8 مليون، يعيش 5.3 مليون منهم فـي فلسطين، وحوالي 1.6 مليون فلسطيني في أراضي 1948.
ويستغل الاحتلال أكثر من 85% من المساحة الكلية للأراضي في فلسطين التاريخية، رغم أن اليهود في عهد الاحتلال البريطاني استغلوا فقط 1,682 كم2 شكلت 6.2% فقط من أرض فلسطين التاريخية.
0 تعليق