خلال رمضان، دُعيت للعديد من الولائم بعد صلاة التراويح -والتي نسميها باللهجة الدارجة «الغبقات»- من قِبل مؤسسات حكومية وخاصة مما سمح لي أن ألتقي بأناس رائعين سُعدت بالتواجد معهم. وأحد أبرز الغبقات كانت لمركز الملك حمد للتعايش والتسامح التي أُقيمت في منتجع رافلز العرين الفاخر في وسط الصحراء وشهدت حضوراً مميّزاً للسفراء وأفراد البعثات الدبلوماسية والعديد من ممثلي الأديان والطوائف المُقيمة في البحرين.
وقد كان التجمّع الرمضاني المسائي فرصةً للاحتفاء بأحد أهم الإنجازات البحرينية على صعيد التسامح والتقارب بين الشعوب، وهو إقرار الأمم المتحدة مشروع القرار الذي تقدّمت به مملكة البحرين عبر مركز الملك حمد للتعايش والتسامح، بشأن اعتماد الثامن والعشرين من يناير من كل عام يوماً دولياً للتعايش السلمي والذي حظي بتأييد 162 دولة عضواً في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وهذا الإنجاز يدلّ على عمل دؤوب يقوم به المركز يعكس رؤية صاحب الجلالة الملك المعظم الهادفة لتكريس قيم السلام والتسامح ونبذ التعصب والكراهية.
الليلة الرمضانية التي شهدت تكريم مجموعة من السفراء الذين ساهمت دولهم في دعم مشروع القرار المقدّم من البحرين، كانت استثنائية بأجوائها الودية وتنوع الحاضرين ومتعة الأحاديث الجانبية مع الشخصيات الذين شاركوني الطاولة.
الغبقة الأخرى التي مازالت عالقة في الذهن كانت لشركة «بنفت» المشغّلة للتطبيق الإلكتروني الذي غيّر حياتنا للأحسن وأصبحنا لا نستغني عنه في تعاملاتنا المالية. الغبقة الأنيقة بحضورها وترتيباتها استضافتها قاعة التاج المجددة في فندق الشيراتون العريق الذي أعيد افتتاحه مؤخراً وظهر بحُلّة حديثة جذابة.
واكتشفت خلال وجودي في الغبقة أن أفراد «بنفت» تجمعهم روح العائلة الواحدة؛ فالتناغم بدا واضحاً بينهم وهو أمر يُحسب لإدارة الشركة وعلى رأسها الرئيس التنفيذي عبدالواحد جناحي، هذا الإداري البحريني المحنّك والناجح. كما سُعدت عندما علمت أن «بنفت» تسعى لتصدير تجربتها لدول المنطقة بعد النجاح الكبير الذي حققته محلياً، فهي بعد سنوات من الخبرة والريادة تستطيع أن تُسهم في تطوير نماذج مشابهة لتطبيقها وتقديم الاستشارات حولها للآخرين.
أما الغبقة التي أحرص سنوياً على حضورها كانت لمركز «دراسات» والتي أقيمت هذه المرة في فندق «سوفيتيل الزلاق» الراقي، فهذا التجمّع العلمي والإعلامي يُتيح لي الفرصة أن ألتقي بعقول مستنيرة وصاحبة ثقافة وعلم، مما يجعل الحديث والنقاش معها أمراً ذا متعة وفائدة، فمن جالس أهل الفضل انتفع بفضلهم. وقد توطّدت علاقتي منذ سنوات على الصعيد الشخصي والوظيفي بعدد من منتسبي «دراسات» بسبب حرصي على التواجد في هذه الليلة الرمضانية.
في رمضان هذا، اجتمعنا أنا ومجموعة مميزة من مدراء وأساتذة «دراسات» على طاولة واحدة خلال الغبقة وقضينا الجزء الأكبر من الليلة في مناقشة أحداث الساعة والمستجدات وتبادلنا وجهات النظر حولها، مما جعل الوقت يمرّ سريعاً دون أن نشعر به.
ولا أنسى أيضاً غبقة جمعية الصحفيين التي نُظّمت في فندق الريجنسي وجمعتني بزملاء المهنة في أجواء جميلة جدّدنا فيها العلاقات ووطّدناها، وكذلك غبقة أبناء «فريج الفاضل» التي أُقيمت في فندق الخليج والتي جمعتني بالأهل والجيران والأصدقاء من أبناء المنامة العريقة في لقاء عائلي لا يضاهى.
رمضان الخير بالنسبة لي لا يقتصر على العبادة فقط، فهو فرصة سنوية ثمينة لتجديد اللقاء مع الأعزاء من الزملاء والمميّزين من أبناء البحرين والكفاءات من مختلف التخصّصات، فالإنسان يأنس بالناس الطيبة والناجحة. والشكر الجزيل لكل المؤسسات التي جمعتنا على وليمة رمضانية هذا العام، وعسى أن يحيينا الله ونلتقي بإذنه تعالى مجدداً ونحن بصحة وعافية.
0 تعليق