حمــوده يكتب: معالجة مسألة الرسوم الجمركية المتبادلة بين الأردن وأمريكا بنسبة 20%

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

م. فـارس حمــوده رئيس غرفة صناعة الزرقاء

في الثاني من نيسان 2025، أعلن رئيس الولايات المتحدة "يوم التحرير الأمريكي"، بالتزامن مع إعلانه عن إستثمارات  بقيمة 5 تريليونات دولار سيُضخ في الاقتصاد الأمريكي هذا العام. على مدى العقود الماضية، فقد قطاع الصناعة الأمريكي 6 ملايين وظيفة مباشرة منذ عام 1997، وأُغلق ما يقرب من 90 ألف مصنع منذ تطبيق إتفاقية  نافتا. ولمواجهة هذه التحديات، اعتمد الرئيس ترمب سياسة رسوم جمركية متبادلة، بفرض ضرائب إضافية على الواردات بنسبة أساسية قدرها 10% لجميـع  دول العالم .اضافة اعلان

وخلافًا لهياكل الرسوم الجمركية التقليدية التي تعتمد على رسوم جمركية صريحة، أو ضرائب القيمة المضافة، أو حواجز غير نقدية، فقد حُسبت رسوم ترمب الجمركية المتبادلة بناءً على العجز التجاري الأمريكي مع كل دولة. وتُضاف الرسوم الجمركية الجديدة إضافة إلى الضرائب والرسوم الجمركية الحالية. نتيجةً لذلك، شملت الرسوم الجمركية على الشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة: الصين (34%)، والاتحاد الأوروبي (20%)، واليابان (24%)، وفيتنام (46%)، وتايوان (32%)، وكوريا الجنوبية (25%)، والهند (26%). وتمثل هذه الأقاليم و الدول  السبعة وحدها 51% من واردات الولايات المتحدة، والتي بلغ مجموعها 4.11 تريليون دولار في عام 2024.

أما بالنسبة للأردن، فقد كان تأثير هذه الرسوم كبيرًا. ففي عام 2024، بلغ إجمالي صادرات الأردن إلى الولايات المتحدة 3.11 مليار دولار - أي ما يعادل 0.075% فقط من إجمالي واردات الولايات المتحدة. ومع ذلك، فقد تأثر الأردن برسوم جمركية متبادلة بنسبة 20%، مما يضعه ضمن أكثر عشرة اقتصادات تضررًا على مستوى العالم. والجدير بالذكر أن صادرات الأردن إلى الولايات المتحدة تمثل 25% من إجمالي صادراته وتساهم بشكل مباشر في 6% من اقتصاده. حيث تشمل الدول الأكثر تأثرًا بالرسوم الجمركية الأمريكية نسبةً إلى حصة الصادرات الى الولايات المتحدة  في ناتجها المحلي الإجمالي ، فيتنام (29%)، وكمبوديا (27%)، ونيكاراغوا (24%)، وغيانا (23%)، وتايوان (15%)، وتايلاند (12%)، وماليزيا (12%)، وكوريا الجنوبية (7%)، وسويسرا (7%)، والأردن (6%)، وفنزويلا (6%) .

تاريخيًا، تمتعت الأردن بإتفاقيـة المناطق الصناعية المؤهلة (QIZ) مع الولايات المتحدة منذ عام 1996، بعد معاهدة وادي عربة. ومع ذلك، كانت لهذه الإتفاقية بعض القيود ، وفي نهاية عام 2000  وقبل مغادرة الرئيس الأمريكي بيل كلينتون منصبه مباشرة، وقع الأردن إتفاقية  التجارة الحرة (FTA) مع الولايات المتحدة، والتي سمحت للأردن بتصدير البضائع معفاة من الضرائب ووفرت لصناعة الملابس إمكانية الوصول إلى السوق الأمريكية بدون كوتا . وقد أدت هذه الاتفاقية إلى زيادة في حجم التجارة بين البلدين، حيث ارتفعت من بضع مئات الملايين من الدولارات عام 2000 إلى 5 مليارات دولار بحلول عام 2024.

وقد حُسبت الرسوم الجمركية المتبادلة المفروضة على الأردن بقسمة العجز التجاري بين الولايات المتحدة والأردن على إجمالي قيمة الواردات من الأردن إلى الولايات المتحدة، ثم قسمة هذه النتيجة على 2. في عام 2024، بلغ العجز التجاري للأردن مع الولايات المتحدة 1.24 مليار دولار، واستوردت الولايات المتحدة 3.11 مليار دولار من الأردن. وبقسمة 1.24 مليار دولار على 3.11 مليار دولار، نحصل على نسبة 0.398، والتي عند قسمتها على 2، تُضاف رسوم جمركية بنسبة 20% على البضائع الأردنية.

لكن كيف تجاوزت صادرات الأردن صادرات الولايات المتحدة؟ قبل جائحة كوفيد-19، كان الميزان التجاري بين الولايات المتحدة والأردن متوازنًا نسبيًا، حتى أن الولايات المتحدة حققت فائضًا قدره 234 مليون دولار في عام 2017. ومع ذلك، تسبب الوباء في تحولات هيكلية كبيرة في الاقتصاد العالمي، وخاصة في الولايات المتحدة، التي شهدت تضخمًا مفرطًا بسبب السياسات النقدية التوسعية المفرطة، مثل أسعار الفائدة الصفرية والتيسير الكمي. كما أصيب قطاعا الصناعة والخدمات في الولايات المتحدة بالشلل لفترات أطول من الدول الأخرى، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار وأوجدت فرصا جديدة للمصدرين في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الأردن . وقد كان قطاع تصنيع المجوهرات في الأردن من أكبر المستفيدين من هذا التحول. قبل الجائحة، كانت صادرات هذا القطاع ضئيلة أو شبه معدومة، ولكن بحلول عام 2023، ارتفعت صادرات المجوهرات الأردنية بشكل كبير، لتصل إلى 815 مليون دولار. وقد ساهم هذا القطاع، الذي يشمل اللؤلؤ الطبيعي، والأحجار الكريمة أو شبه الكريمة، والمعادن، بشكل كبير في العجز التجاري بين الأردن والولايات المتحدة، وأثر على التعريفة الجمركية المتبادلة البالغة 20%   .

إذا استبعدنا افتراضيًا صادرات المجوهرات من إجمالي صادرات الأردن، فيمكن تقليل تأثير التعريفة الجمركية المتبادلة. يمكن تسجيل المجوهرات، التي تُعتبر شكلاً من أشكال العملة، جزئيًا كتكاليف تصنيع في الحساب الجاري لميزان المدفوعات وفي حساب رأس المال ضمن ميزان المدفوعات للقيمة الأكبر من الأحجار الكريمة والمعادن. وبالتالي، سيؤدي ذلك إلى انخفاض الميزان التجاري بشكل كبير. واذا اعدنا احتساب المعادلة مع استبعاد  صادرات المجوهرات من إجمالي صادرات الأردن لعام 2023 البالغ 2.88 مليار دولار، ستبلغ قيمة الصادرات المعدلة حوالي 2.065 مليار دولار، مع بقاء الواردات عند 1.65 مليار دولار. وباستخدام نفس طريقة حساب التعريفة، ستنخفض التعريفة الناتجة إلى 10%.

يعتبر قطاع المحيكات و الملابس هو القطاع المهيمن على صادرات الأردن إلى الولايات المتحدة ، والذي يمثل ما يقرب من 2 مليار دولار من الصادرات. ومع ذلك، يُعد قطاع الملابس والأزياء صناعة منخفضة القيمة المضافة، ولا يندرج ضمن القطاعات التي تستهدفها الإدارة الأمريكية، مثل السيارات وأشباه الموصلات والصلب والألمنيوم. ونظرًا لكونه قطاعًا كثيف العمالة وهامش ربحه منخفض، فمن غير المرجح أن تكون صناعة الملابس في الأردن مستهدفة في السياسة التجارية الأمريكية، لا سيما في ظل تركيز الرئيس ترمب  على الصناعات عالية القيمة.

في حين أن الأردن يتمتع بشراكة اقتصادية ناجحة مع الولايات المتحدة، إلا أن الرسوم الجمركية الجديدة تُحدث تأثيرًا سلبيًا. وبالرغم من أن صادرات الأردن الى الولايات المتحدة  تُمثل 25% من إجمالي صادراته، لكنها لا تُمثل سوى 0.075% من واردات الولايات المتحدة. ولتخفيف هذا الأثر، ينبغي على الأردن العمل على إعادة التفاوض على حساب الرسوم الجمركية المتبادلة، لا سيما من خلال تقليل العبء  المخصص للمجوهرات وقطاع المحيكات. وينبغي للحكومة أن تتحرك بسرعة وبشكل استراتيجي لخفض معدل التعريفة الجمركية إلى خط الأساس البالغ 10%، ولكن تحقيق معدل تعريفة جمركية صفرية سيكون نجاحاً كبيراً بالنسبة للصناعيين الأردنيين ، وخاصة إذا كان الأردن قادراً على الاستفادة من المفاوضات من خلال تقديم حوافز، مثل خفض ضرائب المبيعات الخاصة على السيارات الأميركية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق