من تجربة فضولية إلى مسيرة احترافية، يروي لاعب المنتخب السعودي للرماية عبدالرحمن الموسى حكايته مع رياضة القوس والسهم، التي بدأت بشكل غير تقليدي، واستمرت بشغف كبير وإصرار لا يعرف التوقف، لم يخطط أن يكون لاعبًا محترفًا يومًا ما، لكنه وجد نفسه ينغمس تدريجيًا في هذه الرياضة حتى أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياته وهويته.
يقول الموسى في حديث خاص مع أخبار24: إنه من بداية المراهقة كان يجرب رياضات كثيرة، من تمارين في البيت إلى كمال الأجسام والملاكمة، لكن لم يستقر على شيء. في الجامعة، بدأت الفرص تكبر، بعد رؤيته لإعلان عن الاتحاد السعودي للسهام، وعندما جرب الرماية لأول مرة، شعر بوجود ما يبحث عنه.
في ذروة جائحة كورونا، حين توقفت الأنشطة الرياضية، قرر الموسى أن يستثمر مكافآته الجامعية في شراء قوس خاص به، رغم قلة المعرفة والدعم الفني، "كنت أجمع الفلوس لأشتري قوسا كالذي يستخدمه اللاعبون في النادي، ولما وصلني، كل شيء كان غلط، لكن بدأت أتدرب لحالي وأسحب القوس يوميًا أكثر من 100 مرة، بدون أسهم، فقط لأكون جاهزا إذا فتحت الأندية".
بعد الجائحة، مر الموسى بفترة صعبة نفسيًا، فوجد في الرماية المتنفس الوحيد، حتى أصبح يقضي ساعات طويلة في النادي، وذكر أن الرماية هي الشيء الوحيد الذي يجعله يبتسم، أحيانًا يجلس 12 ساعة في اليوم داخل النادي، ولم يشعر أن مستواه يتحسن، لكن المدرب لاحظه وبدأ يختبره في المعسكرات، ومن هناك كانت بدايته في المنتخب.
القوس الأولمبي والتفاصيل الذهنية
يوضح الموسى أن المجال الذي اختاره هو القوس الأولمبي، وهو النوع الوحيد من أنواع الرماية المعترف به في الألعاب الأولمبية، ويضيف أن الدقة في هذه الرياضة تعتمد على التكنيك الجسدي في البداية، ثم على الجانب الذهني لاحقًا وأن التحدي في التهيئة النفسية، وتخيل المنافسة، الخصم، الجمهور، استعدادا للبطولة.
ويُشير إلى أن تركيزه داخل التمرين يُدار بذكاء وتطرق إلى ضرورة توزيع الطاقة والتركيز في وقت السهم فقط، والباقي يكون استرخاء أو تواصلا اجتماعيا بسيطا.
موقف إنساني لا يُنسى
من المواقف الصعبة التي مر بها، مشاركته في تصفيات بطولة الألعاب السعودية، التي كانت والدته تخضع خلالها لعملية جراحية، يقول بتأثر: "كنت ما أبي أروح، ودي الأرض تبلعني وأنا رايح المطار، بس الوالدة هي اللي قالت لي روح ".
إصابة في البداية ودروس في الطريق
واجه الموسى إصابة في الكتف نتيجة تكنيك خاطئ شاهده على اليوتيوب، بسبب غياب الرقابة الدقيقة مع تزايد عدد المبتدئين "جاني تنميل وكهرب في الكتف، وما كنت أقدر أعالج، فكنت أستخدم كيس بازيلا مثل الثلج، وجلست أسبوع أتعافى، وبعدها صرت أركز على التكنيك الصحيح والسلامة".
أبرز الإنجازات والميداليات
حقق الموسى العديد من الإنجازات، من أبرزها فضية بطولة آسيا، وميدالية في بطولة الألعاب السعودية، التي تُعد أكبر بطولة محلية من حيث الجوائز والمنافسة. "كنت مبتدئا وقتها، حتى أخواي ما فهموا وش القصة، لكن أنا كنت مبسوط وعلّقت صورتي بالميدالية كخلفية للجوال وكتبت عليها أهدافي".
أعظم لحظة مر بها كانت في إحدى البطولات الدولية، حين عُزف النشيد الوطني السعودي بعد فوزه. يقول عنها: "شفت نشيد دول كثيرة، وكنت أتحسر، إلى أن جاء اليوم اللي سمعت فيه النشيد الوطني السعودي، وكان شعوراً لا يوصف أبدًا".
مستقبل واعد للرماية في السعودية
يؤمن الموسى أن رياضة الرماية في المملكة تمر الآن بمرحلة ذهبية من حيث التوسع والتطور وأن أي شخص يستطيع معرفة أين يتدرب، وكيف يبدأ، والمجال أصبح فيه فعاليات وبطولات أكثر من أي وقت مضى، ومنصات التواصل فتحت المجال للجميع.
ختم عبدالرحمن حديثه بتأكيده على أن الرياضة ليست مجرد مهارة، بل نمط حياة، وشدد على أهمية اختيار الناس الذين يعززون من ثقتك بنفسك، وأشار إلى أهمية الرضا التام بما قسمه الله ليبعد عن ذاته التوتر.
0 تعليق