loading ad...
عمان- في ديوانها الأول "كلما ومض الحنين"، تأخذنا الشاعرة أسماء شاهين في رحلة شعرية تسكن بين نثر الكلمات ورقة المعنى، حيث تتجاوز القوالب التقليدية للشعر العربي القديم. تنسل قصائدها خارج حدود الأوزان الخليلية المألوفة، وتهدم تلك الأسوار التي طالما فصلت بين المنظوم والمنثور، لتعلن عن ولادة جديدة لشعر معاصر، يضع التجربة الإنسانية في قلب الوجود.اضافة اعلان
تكتب شاهين لتمنح مساحة تشاركها في تجسيد المعنى، حيث تكون الكلمات وسيلة لإيصال أعمق التجارب الإنسانية في أقل عدد من السطور. في ديوانها هذا، تتكثف الصور وتنكسر الأنماط لتكشف عن صورة العالم بكل ما فيه من ألم وحلم، وتفتح نوافذ على معان ومشاعر قد نمر بها يوميًا، لكنها تنبض بالحياة من خلال كلماتها.
ديوان "كلما ومض الحنين"، الذي صدر عن دار الفينيق للنشر والتوزيع، لا يعرض الحلول، بل يسعى لتصوير الواقع بصدق وعفوية، ليصبح القارئ جزءًا من التجربة الشعرية، ويغرق في عمق المعنى أكثر فأكثر مع كل قراءة جديدة.
وقد كتب الدكتور محمد عصفور مقدمة للديوان، مشيرًا إلى أن شاهين اختارت أن تكتب مجموعتها الشعرية الأولى خارج الأوزان الخليلية المألوفة، بينما يرى الكثير من العرب أن الشعر هو الذي ينظم وفقًا لبحور الشعر الستة عشر، وليس الذي ينثر نثرًا بحيث تملأ الكلمات سطوره من دون تقسيمه إلى أبيات متساوية في عدد التفعيلات، أو الالتزام بقافية واحدة ينتهي بها كل سطر من أسطر القصيدة. وقد ساد اعتقاد لدى العرب بأن المنظوم أعلى مقامًا من المنثور، فظل شعراؤهم يحافظون على وزن واحد وقافية واحدة في كل أبيات القصيدة من دون الالتزام بوحدة القصيدة.
ويضيف عصفور أنه في هذا الديوان، يتخلى الشعر عن الوزن والقافية، وتلتزم قصائده بوحدة الموضوع، وتعبر عنه بأقل عدد ممكن من الكلمات، لأن القصيدة تستغني عن مراكمة الكلمات والشرح والتطويل، وتسعى إلى التركيز على التجربة الإنسانية التي هي محور الكلام. على سبيل المثال، في قصيدة "الهروب"، وهي من أربعة أسطر وعدد كلماتها خمس عشرة كلمة، يتناول الموضوع الفلسطيني، وهو موضوع يمكن كتابة ملحمة عنه على غرار الإلياذة أو الإنيادة، لكن الشاعرة تكتفي بفكرة واحدة عن وجود الفلسطيني في مكان ينسب إليه، مثل بقية البشر: "هذا فرنسي وهذا أميركي، والآخر إيراني أو تركي، مع احتفاظ كل منهم بوجود معترف به في أرض معترف بها". لكن الفلسطيني في هذه القصيدة هو: "الفلسطيني مذ ولد.. لا سرير له.. له الخيال بحرقة يضاجعه وموت يأتي كل يوم".
ويشرح عصفور أن الشاعرة تركز في هذه القصيدة على أبرز صفتين لهذا الفلسطيني: افتقاره للسرير منذ ولادته، ومواجهة الموت كل يوم. القارئ يمكنه أن يبدأ من هاتين الحقيقتين ليفصل الصورة أكثر، لأنه ليس بحاجة إلى التفصيلات التي كان يمكن أن تضيفها الشاعرة. في هذا النوع من الشعر، لا يقرأ القارئ من أجل أن يتعلم، بل ليشارك الشاعر في خلق المعنى.
ثم يتحدث عصفور عن قصيدة أخرى بعنوان "هي"، حيث يقول: تحكي هذه القصيدة قصتها باختصار شديد ثم تنهيها على النحو الآتي: "آه كيف دفنتني فخلقتني.. أما علمت أن البذور بعد دفنها تثور؟". ويعتبر عصفور هذا التساؤل بالغ الأهمية، فهو يقوم على حقيقة يعرفها الناس من دون التفكير في أبعادها، وهي أننا ندفن البذور لكي نحصل على المزيد منها. وهذه فكرة قد نراها واضحة في الصراع السياسي، حيث يؤدي مقتل الشهيد إلى توليد المزيد من الشهداء المحتملين، مما يخلق ظروفًا أفضل للحياة في النهاية.
يتابع عصفور، أن الشاعرة أسماء شاهين ما تزال في مقتبل العمر، وستواجه الحياة بكل ما فيها من حلو ومر في هذا العالم المضطرب، وستكون لها آراء في خيره وشره، وستكتب قصائد تتفاوت في الطول وفي وجهات النظر. فالشاعر عادة لا يقدم الحلول بل يصور لنا الواقع، أغلبه يحطم الأعصاب، وكل ما يستطيع فعله هو التعمق في النفس الإنسانية ليكشف عن خيرها وشرها، لكي لا يبقى القارئ محايدًا أو منتظرًا للحلول. كان الشاعر في الماضي يتفنن في صياغة الحكم، أما في زماننا هذا، فقصارى ما يمكنه فعله هو أن يكون صادقًا في تصوير التجربة الإنسانية.
وخلص عصفور إلى أن قصائد هذا الديوان تحتاج إلى قراءات متعددة لكي تتبلور تجربة القارئ، ويشعر بأن استجابته تتعمق وتترسخ. فالشعر يحتاج إلى أن يشارك القارئ في استقصاء معانيه، وأن يشعر بأنه يخاطب القارئ بشكل شخصي، داعيا إياه إلى قراءة ما بين السطور وعدم الاكتفاء بضجيج الكلام وانتظار الإيقاع الصاخب.
تكتب شاهين لتمنح مساحة تشاركها في تجسيد المعنى، حيث تكون الكلمات وسيلة لإيصال أعمق التجارب الإنسانية في أقل عدد من السطور. في ديوانها هذا، تتكثف الصور وتنكسر الأنماط لتكشف عن صورة العالم بكل ما فيه من ألم وحلم، وتفتح نوافذ على معان ومشاعر قد نمر بها يوميًا، لكنها تنبض بالحياة من خلال كلماتها.
ديوان "كلما ومض الحنين"، الذي صدر عن دار الفينيق للنشر والتوزيع، لا يعرض الحلول، بل يسعى لتصوير الواقع بصدق وعفوية، ليصبح القارئ جزءًا من التجربة الشعرية، ويغرق في عمق المعنى أكثر فأكثر مع كل قراءة جديدة.
وقد كتب الدكتور محمد عصفور مقدمة للديوان، مشيرًا إلى أن شاهين اختارت أن تكتب مجموعتها الشعرية الأولى خارج الأوزان الخليلية المألوفة، بينما يرى الكثير من العرب أن الشعر هو الذي ينظم وفقًا لبحور الشعر الستة عشر، وليس الذي ينثر نثرًا بحيث تملأ الكلمات سطوره من دون تقسيمه إلى أبيات متساوية في عدد التفعيلات، أو الالتزام بقافية واحدة ينتهي بها كل سطر من أسطر القصيدة. وقد ساد اعتقاد لدى العرب بأن المنظوم أعلى مقامًا من المنثور، فظل شعراؤهم يحافظون على وزن واحد وقافية واحدة في كل أبيات القصيدة من دون الالتزام بوحدة القصيدة.
ويضيف عصفور أنه في هذا الديوان، يتخلى الشعر عن الوزن والقافية، وتلتزم قصائده بوحدة الموضوع، وتعبر عنه بأقل عدد ممكن من الكلمات، لأن القصيدة تستغني عن مراكمة الكلمات والشرح والتطويل، وتسعى إلى التركيز على التجربة الإنسانية التي هي محور الكلام. على سبيل المثال، في قصيدة "الهروب"، وهي من أربعة أسطر وعدد كلماتها خمس عشرة كلمة، يتناول الموضوع الفلسطيني، وهو موضوع يمكن كتابة ملحمة عنه على غرار الإلياذة أو الإنيادة، لكن الشاعرة تكتفي بفكرة واحدة عن وجود الفلسطيني في مكان ينسب إليه، مثل بقية البشر: "هذا فرنسي وهذا أميركي، والآخر إيراني أو تركي، مع احتفاظ كل منهم بوجود معترف به في أرض معترف بها". لكن الفلسطيني في هذه القصيدة هو: "الفلسطيني مذ ولد.. لا سرير له.. له الخيال بحرقة يضاجعه وموت يأتي كل يوم".
ويشرح عصفور أن الشاعرة تركز في هذه القصيدة على أبرز صفتين لهذا الفلسطيني: افتقاره للسرير منذ ولادته، ومواجهة الموت كل يوم. القارئ يمكنه أن يبدأ من هاتين الحقيقتين ليفصل الصورة أكثر، لأنه ليس بحاجة إلى التفصيلات التي كان يمكن أن تضيفها الشاعرة. في هذا النوع من الشعر، لا يقرأ القارئ من أجل أن يتعلم، بل ليشارك الشاعر في خلق المعنى.
ثم يتحدث عصفور عن قصيدة أخرى بعنوان "هي"، حيث يقول: تحكي هذه القصيدة قصتها باختصار شديد ثم تنهيها على النحو الآتي: "آه كيف دفنتني فخلقتني.. أما علمت أن البذور بعد دفنها تثور؟". ويعتبر عصفور هذا التساؤل بالغ الأهمية، فهو يقوم على حقيقة يعرفها الناس من دون التفكير في أبعادها، وهي أننا ندفن البذور لكي نحصل على المزيد منها. وهذه فكرة قد نراها واضحة في الصراع السياسي، حيث يؤدي مقتل الشهيد إلى توليد المزيد من الشهداء المحتملين، مما يخلق ظروفًا أفضل للحياة في النهاية.
يتابع عصفور، أن الشاعرة أسماء شاهين ما تزال في مقتبل العمر، وستواجه الحياة بكل ما فيها من حلو ومر في هذا العالم المضطرب، وستكون لها آراء في خيره وشره، وستكتب قصائد تتفاوت في الطول وفي وجهات النظر. فالشاعر عادة لا يقدم الحلول بل يصور لنا الواقع، أغلبه يحطم الأعصاب، وكل ما يستطيع فعله هو التعمق في النفس الإنسانية ليكشف عن خيرها وشرها، لكي لا يبقى القارئ محايدًا أو منتظرًا للحلول. كان الشاعر في الماضي يتفنن في صياغة الحكم، أما في زماننا هذا، فقصارى ما يمكنه فعله هو أن يكون صادقًا في تصوير التجربة الإنسانية.
وخلص عصفور إلى أن قصائد هذا الديوان تحتاج إلى قراءات متعددة لكي تتبلور تجربة القارئ، ويشعر بأن استجابته تتعمق وتترسخ. فالشعر يحتاج إلى أن يشارك القارئ في استقصاء معانيه، وأن يشعر بأنه يخاطب القارئ بشكل شخصي، داعيا إياه إلى قراءة ما بين السطور وعدم الاكتفاء بضجيج الكلام وانتظار الإيقاع الصاخب.
0 تعليق