في العقود الماضية، كان السفر مرتبطاً بالحياة اليومية كمصدر للرزق وللتجارة والبحث عن عمل ولأهداف استكشافية، حتى أصبح السفر في السنوات الأخيرة ضرورة للترفيه والاستجمام بجانب التعليم والتطوير وتحسين الصحة النفسية، كجزء أساسي من حياة الفرد في ظل التقدم الكبير للتكنولوجيا ووسائل المواصلات المتقدمة التي تعزّز من رفاهية الإنسان في السفر ليقطع مسافات طويلة وصولاً للوجهات التي يجد المسافر فيه مبتغاه في تلك البلاد المنشودة.
ومع ذلك، يجد الفرد في السفر مساحة شاسعة للتواصل مع الثقافات المختلفة والتعرّف على شعوب العالم من مختلف الدول ليصبح السفر عنصراً مهماً وحيوياً في بناء جسور التواصل والتعاون والتفاعل مع ثقافات عديدة، جعل من السفر أثراً واضحاً على شخصية الفرد وثقافته والتواصل الاجتماعي كجزء في غاية الأهمية في استكشاف حياة الآخرين واستكشاف سماته الشخصية وخصائصه أيضاً عند السفر كسائح، والانصهار مع الثقافات الأخرى التي تعزّز من مهاراته المتنوعة وثقته بالنفس.
في ظل ذلك، يُعدّ السفر اليوم أحد الأدوات الفعّالة لتعزيز التسامح والتعايش السلمي بين الشعوب، عندما يتعرّف المسافر أو السائح على ثقافة الشعوب الأخرى يُسهم في احترام هذه الثقافات ويفهم طبيعة العادات والتقاليد ويقدّرها كجزء أساسي من منظومة حياة هذه الشعوب، فلا يتطاول أو يقزّم لتلك الثقافات التي تُعدّ قاعدة أساسية لتقدمهم وتفاعلهم مع الآخرين لعوالم تتسم بالتنوع الثقافي والاختلافات العرقية والدينية، تؤدي بالأخير إلى صداقات جديدة جديرة في خلق جسور التعاون بين مختلف الدول وشعوبها وتعزّز من العلاقات الإنسانية التي يُمكن استثمارها في السلام مما يعزّز لغة الحوار المشترك عند فهم تلك الثقافات وفهم قضايا الشعوب لتكون بوابة لنشر قيم السلام.
وبذلك، تصبح السياحة بمقوماتها المتعدّدة أداة فاعلة لمستقبل أفضل للشعوب وتَحقُّق أهداف تنموية شاملة تتطلب جهداً وشجاعة في تحقيقها من الحكومات والأفراد في ردم الفجوة الثقافية بين الشعوب واحترام الأديان لتحقيق التسامح والتعايش، فالسياحة لم تعد وسيلة للترفيه بل وسيلة لتعزيز الإنسانية والاحترام المتبادل، وهذا يدعو المسافر أو السائح أن يكون سفيراً إيجابياً لبلده يعبّر عن هويته الوطنية ويعكس عاداته وتقاليده واحترامه للثقافات الأخرى وما يؤمن به من قيم إنسانية وما يدعو إليه دينه ومعتقده ليكون ذلك نهجاً سوياً في احترام كافة الشعوب بتباين ثقافتهم وهويتهم.
0 تعليق