أبريل 9, 2025 12:05 م

السبيل – أعلن الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي عن استراتيجيته الجديدة التي تعكس تحولاً جوهرياً في سياسات التمويل التنموي، وإعادة هيكلة آليات عمله، حيث يأتي اختيار الأردن كحاضنة أولى لهذه الرؤية تتويجاً لشراكة استثنائية تجاوزت استثماراتها 3 مليارات دولار.
وأكد المستشار الأول للمدير العام في مجلس إدارة الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي الدكتور ميرزا حسن، أنه تم الكشف عن استراتيجية طموحة لإعادة هيكلة الصندوق وتحديد أولوياته التنموية للسنوات المقبلة.
وقال إن الصندوق يسعى لتوسيع حجم المحفظة التمويلية، حيث سيتم تخصيص نحو 750 مليون دولار للمشاريع الأردنية على مدى السنوات المقبلة، مؤكدا أن هذا التمويل سيُدَار بالتعاون مع الشركاء الدوليين والإقليميين، بما في ذلك البنك الدولي والبنك الأوروبي للاستثمار، لضمان تقديم الدعم الكامل للمشاريع التنموية في الأردن.
وبين أن هذه الاستراتيجية التي صاغتها نخبة من الخبراء العرب والأردنيين على مدار عام كامل تهدف إلى تحويل التحديات التنموية الملحة في المنطقة إلى فرص استثمارية مستدامة، مع التركيز بشكل خاص على القطاعات التي تشكل عصب الاقتصادات العربية، مثل المياه والطاقة والتحول الرقمي.
الأردن يمتلك رؤية اقتصادية واضحة
وأشار حسن إلى أن الصندوق العربي قرر تطبيق هذه الاستراتيجية في الأردن باعتباره الدولة المثلى لهذا الغرض، موضحا أن الأردن يتمتع برؤية واضحة بالنسبة للتوجهات الاقتصادية، حيث أظهرت تفاعلاً إيجابياً مع الإصلاحات الاقتصادية والسياسية والإدارية التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة.
وأوضح أن هناك تحليلاً دقيقاً للاقتصاد الأردني وقد تم تطوير خطة استراتيجية محورية بناء على مخرجات دراسة تشخيصية تمت بالتعاون مع مؤسسات دولية ومحلية.
وأضاف إن الصندوق العربي يعتبر الأردن من أكبر شركائه في مجالات التنمية، حيث تجاوز حجم التعامل بين الصندوق والأردن الى 3 مليارات دولار، ما يعكس حجم الثقة والاهتمام بالاقتصاد الأردني وأن الأردن يعتبر بيئة خصبة لمشروعات التنمية، بفضل الإصلاحات الإدارية والاقتصادية التي ينفذها والمنسجمة مع استراتيجية الصندوق العربي في دعم المشاريع التنموية الكبرى، موضحا ضرورة المضي قدما بمزيد من الإصلاحات التي ستكون نقاط جذب للاستثمارات الخارجية.
5 قطاعات رئيسية لدعم الاقتصاد الوطني
وقال إن عملية إعادة الهيكلة التي استغرقت عاماً كاملاً من الدراسة والتحليل تهدف إلى تحويل الصندوق إلى مؤسسة تنموية أكثر ديناميكية وفاعلية قادرة على مواكبة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها الدول العربية، مبينا أن الاستراتيجية الجديدة تركز على خمسة قطاعات رئيسية، “المياه، الطاقة، الطرق، الاتصالات والتعليم والصحة”.
ولفت الى أن هذه القطاعات تواجه تحديات كبيرة في العالم العربي بما في ذلك أزمة المياه المتفاقمة وزيادة الطلب على الطاقة، خاصة الطاقة المتجددة وتطوير البنية التحتية للطرق والاتصالات وتحسين جودة التعليم والرعاية الصحية.
وأكد حسن أن الصندوق العربي يولي اهتماماً خاصاً لمشروع “ناقل المياه الوطني” الذي يهدف إلى نقل المياه المحلاة من العقبة إلى عمان في خطوة تهدف إلى توفير مياه الشرب للمناطق الأكثر حاجة في الأردن، وأن هذا المشروع يعد من المشاريع الكبرى في الاستراتيجية ويستدعي التعاون مع الجهات المعنية، خاصة في ظل التحديات المناخية التي تشهدها المنطقة مثل نقص الأمطار والجفاف المستمر.
وأضاف إن قطاع الطاقة خاصة الطاقة المتجددة يمثل أولوية أخرى بالنسبة للصندوق، حيث أن الأردن بحاجة إلى تطوير مشاريع طاقة مستدامة لدعم احتياجاته المتزايدة من الطاقة ويشمل ذلك العمل على تمويل مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح التي تعد من القطاعات الواعدة في المملكة.
وأشار إلى أن قطاعي التعليم والصحة سيحظيان باهتمام خاص في المرحلة المقبلة، موضحا أنه في إطار تحسين البنية التحتية في الأردن سيتم التركيز على بناء وتجديد المدارس لتوفير بيئة تعليمية مناسبة، بالإضافة إلى تحسين خدمات الرعاية الصحية بما في ذلك إنشاء مستشفيات ومراكز طبية جديدة.
وبشأن القطاع التعليمي، ذكر حسن أن هناك حاجة إلى بناء العديد من المدارس في الأردن، بالإضافة إلى تطوير مرافق تعليمية جديدة، مؤكدا أن الشراكة مع القطاع الخاص ستساهم بشكل كبير في تطوير هذا القطاع من خلال توفير التمويل اللازم وتقديم حلول مبتكرة لإدارة المدارس بشكل مستدام.
وعرض الدور المهم الذي سيلعبه القطاع الخاص في تنفيذ استراتيجية الصندوق، حيث سيتم تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص في تنفيذ المشاريع التنموية الكبرى وأن الصندوق العربي سيعمل على توفير تمويل ميسر لهذه المشاريع، إضافة إلى ضمانات لتمويل القطاع الخاص، لتشجيع الاستثمارات في القطاعات الحيوية التي يركز عليه.
وبين أنه على الرغم من التحديات الاقتصادية والإقليمية، يمتلك الأردن فرصاً كبيرة في مجالات متنوعة وأن القطاع الخاص الأردني يمتلك قدرات بشرية وإبداعية متميزة، ما يعزز فرص نمو الاقتصاد الوطني.
الأردن يمتلك رؤية اقتصادية واضحة
وأضاف حسن إن العديد من الشركات الأردنية قد نجحت في الانتقال إلى أسواق دولية، ما يعكس النجاح الذي يمكن تحقيقه في السوق الأردني.
وأكد أن الاستراتيجية الجديدة للصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي تمثل خطوة هامة نحو تحقيق التنمية المستدامة في العالم العربي، خاصة في الأردن.
وأضاف أن التعاون بين القطاعين العام والخاص سيكون أساسا لنجاح هذه الاستراتيجية وأن الصندوق سيستمر في تقديم الدعم اللازم لتلبية احتياجات الدول العربية في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية لتحسين الظروف المعيشية لجميع المواطنين العرب.
ولفت حسن إلى أن الصندوق سيعتمد على آليات تمويلية مبتكرة تشمل التمويل الميسر للمشاريع الكبرى وبناء شراكات استراتيجية مع القطاع الخاص من خلال تقديم ضمانات لتشجيع الاستثمار في القطاعات ذات الأولوية إلى جانب تعزيز التعاون مع الصناديق والبنوك الدولية لتعظيم الموارد المالية الموجهة للتنمية.
وأوضح أن الصندوق العربي سيعمل أيضاً على تقليل المخاطر التي قد يواجهها المستثمرون في السوق الأردني، لا سيما في القطاعات عالية المخاطرة من خلال توفير بعض الضمانات التي ستشجع دخول الاستثمارات الخاصة، لافتا الى أن الدعم المستمر سيساعد على تقليل العوائق أمام هذه الشركات وسيتيح لها فرصة التوسع والنمو في أسواق جديدة.
من جهة أخرى، أشاد حسن بالدور الإنساني الكبير الذي يلعبه الأردن في استضافة اللاجئين، معتبراً أن هذا الدور يشكل نموذجاً يحتذى به على المستوى الدولي.
وأكد أن الصندوق سيعمل على دعم الأردن في التغلب على التحديات الناجمة عن استضافة اللاجئين من خلال حزمة متكاملة من المشاريع التنموية التي تستهدف تعزيز المرونة الاقتصادية وبناء البنية التحتية القادرة على مواجهة الضغوط المتزايدة.
ولفت الى الرؤية المستقبلية للصندوق التي تتضمن تعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي، معتبراً أن الأردن يعتبر بيئة مؤهلة ليكون مركزاً إقليمياً في العديد من القطاعات الحيوية مثل الطاقة والصحة والتعليم.
وأكد أن الاستراتيجية الجديدة للصندوق تهدف إلى تحويل التحديات إلى فرص تنموية حقيقية، مع التركيز على خلق فرص عمل مستدامة وتمكين الشباب والمرأة في سوق العمل.
مرونة الاقتصاد الأردني تقوده لنمو مستدام رغم التحديات الاقليمية
وحول توقعات الصندوق للنمو الاقتصادي في المنطقة العربية، أوضح ان التقلبات العالمية تضع المنطقة في حالة عدم اليقين وتراجع معظم نسب النمو في الدول العربية، مؤكدا أن الاقتصاد الأردني اثبت نجاعته ومرونته ومقاومته للتحديات الاقتصادية بحيث تبقيه في نسب نمو تعتبر الاقل بين دول الإقليم.
ويأتي هذا التوجه التنموي للصندوق العربي في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات اقتصادية كبرى، حيث يسعى الصندوق من خلال استراتيجيته الجديدة إلى تقديم نموذج عملي للتنمية المستدامة يمكن تعميمه على مختلف الدول العربية مع التركيز على بناء الشراكات الاستراتيجية وتوظيف الموارد المتاحة لتحقيق أكبر أثر تنموي ممكن.
0 تعليق