"الإستراتيجيات": الرسوم الأميركية على الأردن انتهاك صريح لاتفاقية التجارة الحرة

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

عمان - الغد - أكد منتدى الإستراتيجيات الأردني أن الرسوم الأميركية الجديدة المفروضة على الأردن تعد انتهاكا صريحا لبنود اتفاقية التجارة الحرة الموقعة بين البلدين.اضافة اعلان
وجاء تصريح المنتدى في ورقة موقف أصدرها أمس بعنوان "تعزيز منعة الميزان التجاري الأردني في مواجهة خريطة التجارة العالمية الجديدة". 
وقال المنتدى إن المادة الثانية من الاتفاقية على أنه "لا يجوز لأي طرف أن يفرض رسوما جمركية جديدة على المستوردات أو أن يفرض قيودا كمية جديدة على التجارة بين الطرفين". خاصة أن الصادرات الأردنية لم تلحق أي ضرر في الصناعة المحلية في السوق الأميركي يستوجب مثل هذه الإجراءات الحمائية.
علاوة على ذلك، بين المنتدى أن القرار يتعارض أيضا مع ما تنص عليه المادة XXIV من اتفاقية (GATT 1994)  في إطار منظمة التجارة العالمية، التي تسمح للدول الأعضاء بعقد اتفاقيات تجارة حرة، شريطة أن تؤدي إلى تخفيض الحواجز التجارية بين أطراف الاتفاق أو إلغائها، دون فرض حواجز جديدة على الدول الأخرى.
وقد قدمت الورقة تحليلا شاملا لأثر القرار الأميركي على الصادرات الوطنية، بالاعتماد على عدة سيناريوهات محتملة، وبالنظر إلى إمكانية التوسع في الأسواق التصديرية وإحلال المستوردات. كما وضعت الورقة مجموعة من التوصيات والإجراءات المقترحة؛ لتمكين واضعي السياسات من اتخاذ القرارات المدروسة؛ للتخفيف من حدة القرار، وتعزيز منعة الميزان التجاري الأردني.
وضمن نتائج التحليل، أشارت الورقة إلى أنه على الرغم من التطور الملحوظ الذي شهدته مؤشرات التجارة الخارجية، فإن عجز الميزان التجاري الأردني استمر بالاتساع سنة تلو الأخرى، ليبلغ نحو 9.7 مليار دينار عام 2024، مسجلا بذلك زيادة قدرها 3.2 %. وجاء ذلك رغم وجود 22 اتفاقية تجارية (حرة، أو ثنائية، أو جزئية) مع 57 دولة من مختلف أقاليم العالم، لم يكن لمعظمها أثر واضح في تخفيض العجز في الميزان التجاري الأردني.
كما بينت الورقة، أن الأردن قد سجل خلال عام 2024 عجزا تجاريا مع 96 دولة، كان أبرزها العجز مع الصين (3.43 مليار دينار)، ثم السعودية (1.75 مليار دينار)، وألمانيا (640 مليون دينار). فيما حقق الأردن فائضا تجاريا مع 63 دولة، أبرزها: الولايات المتحدة الأميركية (998 مليون دينار)، والعراق (779 مليون دينار)، والهند (332 مليون دينار).
وفي سياق العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة، أشارت الورقة إلى أن السوق الأميركي يعد شريكا إستراتيجيا مهما؛ لأنه يستحوذ على الحصة الكبرى من حجم الصادرات الوطنية (25.7 %)، وبقيمة 2.21 مليار دينار عام 2024، مقابل مستوردات بحوالي 1.33 مليار دينار خلال العام نفسه.
وأشارت أيضا إلى أن حجم التبادل التجاري بين الأردن والولايات المتحدة قد شهد ارتفاعا مستمرا خلال العقدين الماضيين، وبمعدل نمو سنوي بلغ 10.4 %، منذ دخول اتفاقية التجارة الحرة حيز النفاذ عام 2001. 
وقد شكلت الصادرات الوطنية من الألبسة - بمختلف أنواعها - ما نسبته 63 % من إجمالي الصادرات إلى الولايات المتحدة عام 2024. تلاها الحلي والمجوهرات بنسبة 24 %، ثم الآلات والأجهزة (أجهزة التكييف) بنسبة 3.9 %، ثم الأسمدة بنسبة 3.8 %.
وفيما يتعلق بالمستوردات الأردنية من السوق الأميركي، فقد جاءت الحصة الكبرى من منتجات الآلات والمعدات الآلية بنسبة 20.9 %، تلتها المركبات بنسبة 18.6 %، وأجزاء الطائرات بنسبة 7 %، ثم محضرات الصيدلة بنسبة 5.8 %.
وبالنظر إلى الميزان التجاري الأردني، بين المنتدى أن 16 مجموعة سلعية قد سجلت فائضا تجاريا مع الولايات المتحدة كان أبرزها الألبسة وتوابعها، والحلي والمجوهرات، والأسمدة، والألمنيوم ومصنوعاته. فيما سجل الأردن عجزا تجاريا في 75 مجموعة سلعية، في مقدمتها: الآلات، والمركبات، والحبوب، والأدوات الطبية.
وللوقوف على حجم أثر القرار، قام منتدى الإستراتيجيات الأردني بتحليل طبيعة الصادرات الأردنية إلى الولايات المتحدة، وتحديد القطاعات الأكثر تأثرا، وتقديم السيناريوهات المحتملة حول مدى هذا التأثير. وبنيت تلك السيناريوهات على مجموعة من الافتراضات، هي "أن التعرفة الجمركية المفروضة على الدول ستطبق على جميع السلع المصدرة من تلك الدول إلى الولايات المتحدة، وأن الدول لن تتمكن من إيجاد أسواق بديلة لصادراتها، وأن المرونة السعرية للطلب على تلك السلع تساوي (-1)؛ أي أن ارتفاع الأسعار بمقدار (1 %) سيؤدي إلى خفض الطلب بنسبة (1 %)، مع ثبات جميع العوامل الأخرى".
ووفق الافتراضات المحددة أعلاه، توصل المنتدى إلى سيناريوهين؛ الأول: "السيناريو المتشائم" الذي أظهر أن حجم التأثير المتوقع من فرض الرسوم الجمركية الجديدة يقدر بانخفاض الصادرات الوطنية إلى الولايات المتحدة بحوالي 441.7 مليون دينار؛ أي ما يعادل 5 % من إجمالي الصادرات الوطنية لعام 2024.
وحول أبرز القطاعات المتأثرة بهذا القرار، أشارت الورقة إلى أن قطاع الألبسة سيكون الأكثر تأثرا بتداعيات القرار، إذ تشكل صادراته 63 % من إجمالي الصادرات الأردنية إلى السوق الأميركي. يليه قطاعات الحلي والمجوهرات. وأجهزة التكييف، والأسمدة، والمحضرات الصيدلانية بنسب أقل ومتفاوتة.
ووفق توزيع التأثير على مستوى الشركات، وتحديدا ضمن قطاع الألبسة، بينت نتائج تحليل المنتدى أن 20 شركة (بما فيها فروعها الإنتاجية)، استحوذت على غالبية صادرات الألبسة إلى الولايات المتحدة. وتتضمن كبرى شركات الألبسة استثمارات أجنبية مباشرة، كما توظف ما يزيد على 55 ألف عامل وعاملة، ما يعني أن نحو 60 % من حجم التأثير الكلي للقرار الأميركي الأخير سيتركز في هذه المجموعة من الشركات. ويشير ذلك إلى أن القرار يعد بمثابة تهديد مباشر للاستثمارات الأجنبية القائمة في الأردن، وتحديدا في قطاع الألبسة.
وأوضح المنتدى أن هذا السيناريو قد يتفاقم في حال قيام بعض الاستثمارات الأجنبية القائمة في الأردن بالانتقال إلى أسواق منافسة تتمتع بتعرفة جمركية تفضيلية، ولا سيما في دول الإقليم المجاورة. 
أما السيناريو الثاني "الأكثر تفاؤلا"، فقد أشار إلى أن الدول المنافسة للأردن في السوق الأميركي (وبالأخص من منتجات الألبسة، والحلي والمجوهرات، وأجهزة التكييف)، قد خضعت أيضا لزيادات في النسب الجمركية أعلى من الأردن، مما قد يخفف من حدة تأثير التنافسية على الصادرات الأردنية، ومن تلك الدول: الصين (34 %)، وفيتنام (46 %)، وكمبوديا (49 %)، وبنغلاديش (37 %)، والهند (26 %). 
وفي ذات السياق، أشار تحليل المنتدى إلى أن بعض المنتجات الأردنية (كالألبسة، والحلي والمجوهرات) قد تكتسب ميزة نسبية تنافسية؛ لأن الرسوم المفروضة عليها هي أقل من الدول المنافسة. لذا، من المتوقع أن يشهد أداء الصادرات الوطنية تحسنا نسبيا في السوق الأميركي نتيجة اغتنام الفرص الناجمة عن تراجع صادرات الدول المنافسة لها من تلك السلع.
وفي ظل تحليل المنتدى لإمكانية التوسع في الأسواق التصديرية للتقليل من أثر القرار، بينت النتائج وجود فجوة تصديرية كبيرة بين الإمكانات المتاحة، والأداء الفعلي. إذ تقدر القيمة الإجمالية لإمكانات الأردن التصديرية بنحو 13.3 مليار دينار، بينما المستغل منها هو 55 % فقط. ما يعني وجود إمكانات تصديرية غير مستغلة تقدر بنحو 4.7 مليار دينار. وفي هذا السياق، أكدت الورقة ضرورة استغلال الفرص التصديرية للأقاليم الآتية: دول الشرق الأوسط بقيمة 1,064 مليون دينار، ودول جنوب آسيا بقيمة 993 مليون دينار، ودول أميركا الشمالية (كندا، والمكسيك..) بقيمة 100 مليون دينار، ودول الاتحاد الأوروبي وغرب أوروبا بقيمة 551 مليون دينار، ودول شرق آسيا بقيمة 477 مليون دينار.
أما على مستوى السلع، فقد أظهر تحليل المنتدى أن هناك فرصا كامنة في عدة مجموعات سلعية، أبرزها: منتجات الأسمدة بقيمة 993 مليون دينار، والمنتجات الكيميائية بقيمة 780 مليون دينار، ومنتجات الألبسة بقيمة 560 مليون دينار، والموارد المعدنية بقيمة 545 مليون دينار، والحلي والمجوهرات والمعادن الثمينة بقيمة 348 مليون دينار.
وكخيار إستراتيجي على المدى القصير، أجرى منتدى الإستراتيجيات الأردني تحليلا شاملا للمستوردات السلعية ذات البدائل المحلية بهدف إحلال المستوردات، إذ أشارت الورقة إلى أنه من الممكن إعادة توجيه بعض الإنتاج الموجه للتصدير إلى السوق الأميركي نحو تلبية الطلب المحلي، بتعزيز القدرات التنافسية للصناعات الوطنية أمام المستوردات، خاصة في القطاعات التي أثبت التحليل امتلاكها لبدائل محلية واعدة. 
كما كشفت نتائج التحليل وجود فرص كبيرة للإحلال المحلي في عدة قطاعات، أبرزها: الصناعات الغذائية (بقيمة 700 مليون دينار)، وصناعة الألبسة (300 مليون دينار)، وصناعات التعبئة والتغليف (170 مليون دينار)، والصناعات البلاستيكية (150 مليون دينار).
وأكد المنتدى في ورقته، أن الصناعات التحويلية تمتلك طاقات إنتاجية قادرة على توسيع مساهمتها في سد فجوة الطلب المحلي، وتعزيز الاعتماد على الذات في تلبية احتياجات السوق المحلي، وبما يسهم في تقليل العجز التجاري، وتعزيز المنعة أمام التقلبات والاضطرابات غير المتوقعة في الأسواق العالمية.
وفي الختام، قدم منتدى الإستراتيجيات الأردني مجموعة مدروسة من التوصيات ضمن أربعة محاور رئيسة، من بينها: ضرورة فتح حوار رسمي دبلوماسي مع الجانب الأميركي لمراجعة القرار، ومدى توافقه مع نصوص الاتفاقية بين البلدين، وتبيان ما يتضمنه من عدم توازن المكاسب التجارية الثنائية، بما يعزز من موقف الأردن التفاوضي، ويدفع نحو إلغاء الرسوم المفروضة.
كما أوصى المنتدى بضرورة توضيح أن هذا القرار لم يأخذ بعين الاعتبار حجم الفوائض التي تحققها الشركات الأميركية من تعاملاتها مع الشركات الأردنية، ولا سيما في قطاع الخدمات، بما في ذلك تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والخدمات المالية، والاستشارية باستخدامها العديد من البرمجيات والأنظمة كـ Microsoft، Google، Oracle، وغيرها، التي تحقق من خلالها عوائد مالية بملايين الدولارات سنويا.
ونوه المنتدى، في حال عدم التراجع عن القرار، بضرورة اللجوء إلى آليات فض النزاع المختصة في منظمة التجارة العالمية، ذلك أن هذا القرار مخالف لأنظمة المنظمة التي تلتزم بها الدول الأعضاء وقوانينها وسياستها.
وأكد أيضا المنتدى أهمية العمل على تطوير قاعدة إنتاجية، تقوم على الصناعات الرأسمالية والتكنولوجية والهندسية، وتنويع الأسواق التصديرية جغرافيا، والابتعاد عن الاعتماد المفرط على أسواق بعينها؛ لتقليص العجز في الميزان التجاري، والتقليل من تأثير التقلبات واضطرابات الأسواق العالمية.
وأكد المنتدى على ضرورة تعزيز التنسيق والتعاون التجاري مع الدول الشقيقة والصديقة المشابهة في الخصائص الاقتصادية والديمغرافية للأردن، كبلدان المنطقة المجاورة، وغيرها من الاقتصادات الصغيرة المنفتحة تجاريا، بهدف تشكيل تحالفات تجارية مرنة تسهم في توحيد المواقف التجارية الجماعية داخل المحافل الدولية، وتسهيل الدخول إلى اتفاقيات تجارة حرة متعددة الأطراف، في ظل التحديات المتزايدة في النظام التجاري العالمي.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق