بقلم: ألوف بن 18/12/2024
رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ينشغل الآن، أكثر من أي شيء آخر، بتشكيل صورته العامة. استحواذه المرضي بالسيطرة على المشهد التي من خلالها تتم مشاهدته، أوصله الى مقعد المتهمين، ويقف خلف شهادته كمتهم في ثلاثة ملفات فساد. نتنياهو غير تلقائي تماما. أي صورة له يتم إخراجها ويخطط لها بحرص، وتقسم إلى ثلاثة أنواع: ربطة عنق زرقاء في مكتبه وفي المحكمة المركزية، ربطة عنق حمراء في اللقاءات مع السياسيين الجمهوريين من الولايات المتحدة، وسترة "يونيكلو" للجولات في الجيش.اضافة اعلان
في الأسابيع الأخيرة، وجد نتنياهو أخيرا صورة النصر التي بحث عنها عبثا منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر): رفع علم إسرائيل فوق قمة جبل الشيخ السوري. الهزيمة الفظيعة التي أوقعتها حماس بإسرائيل في الخريف الماضي تم استبدالها بالنشوة بأسلوب حرب الأيام الستة. ليس فقط أن إسرائيل هزمت حماس وحزب الله وسورية، وقصفت اليمن وإيران، بل هي أيضا احتلت أراضي جديدة في الجولان من دون مقاومة وخسائر في الطرف الإسرائيلي، وأيضا في الطرف الآخر من دون قتل وتدمير الذي من شأنه أن يثير الانتقاد الدولي.
أي مخرج مثل نتنياهو لن يفوت فرصة التصوير الجديدة. أول من أمس، طار إلى قمة جبل الشيخ كي يرتدي السترة الواقية ويعلن من هناك بأن هذه المنطقة ستبقى في يد إسرائيل إلى أن يتم التوصل إلى تسوية أخرى، أي إلى الأبد، أو حسب قوله "نحن نحدد التسوية الأفضل". في الأسبوع الماضي، التقط نتنياهو صورة في هضبة الجولان قرب الحدود السابقة، لكن هذا لم يكن مؤثرا مثل زيارته في النقطة الأعلى التي توجد الآن تحت سيطرة إسرائيل.
يمكن ملاحظة ظهوره المتزايد في الشمال بشكل خاص مقارنة مع الأماكن التي يتجنب فيها نتنياهو التقاط الصور. مثلا، كيبوتس نير عوز الذي تم التخلي عنه في 7 تشرين الأول (أكتوبر). الكثير من سكانه ما يزالون مخطوفين في غزة، وقتل الكثيرون منهم، والباقون يكافحون من أجل إعادة بناء حياتهم ومجتمعهم. بيوت الكيبوتس المحروقة ليست مكانا جيدا لزعيم يريد أن يظهر وكأنه منتصر. هي يمكن أن تذكر بمسؤولية نتنياهو عن الكارثة التي حلت ببلدات الغلاف، ومحاولته الحثيثة للتهرب منها حتى إلى قمة جبل الشيخ.
نتنياهو ليس وحده بالطبع. فرؤساء جهاز الأمن أيضا يفضلون التقاط الصور في جبل الشيخ والتفاخر بكمية السلاح الذي دمروه في سورية قبل نشر التحقيقات حول أدائهم قبل 7 تشرين الأول (أكتوبر) وأثناءه. الهجوم الوقائي، كما يقولون في الجيش الإسرائيلي، وتعاون الأذرع المختلفة مع رئيس الحكومة الذي فجأة يتودد إليهم بدلا من أن يحرض عليهم الجنود في الشبكات الاجتماعية.
يمكن أن نتفهمهم. إلى جانب الاحتياج المؤلم لنتنياهو ورؤساء جهاز الأمن إلى طمس كارثة 7 تشرين الأول (أكتوبر)، فإن احتلال جبل الشيخ السوري يندمج أيضا في نظرة إسرائيل الاستحواذية لجارتها في الشمال، وفي الوقت نفسه جارة موثوقة تسعى إلى الاستقرار، أو شريكة في محادثات السلام.
التراث الحربي الإسرائيلي مليء بقصص المواجهات مع سورية، بدءا بالدبابة السورية التي تركت في كيبوتس دغانيا في 1948 ومرورا بعمليات القصف من الجولان لمستعمرات الساحل و"الحرب على المياه" في الستينيات وتأييد سورية لحركة فتح، التي أدت إلى حرب الأيام الستة، والقصص المخيفة للسجناء في السجون السورية والحرب على جبل الشيخ في 1973 وتدمير الصواريخ السورية في لبنان في 1982 وقصف المفاعل النووي السوري في 2007، وانتهاء بـ"المعركة بين حربين" في العقد الأخير التي هاجم فيها سلاح الجو عددا غير قليل من المرات الأراضي السورية.
إسحق شمير، إسحق رابين، بنيامين نتنياهو وإيهود باراك، جميعهم حاولوا التوصل إلى سلام مع الرئيس حافظ الأسد.
الطرفان تهربا من الاتفاق لأنهما لم يرغبا في دفع الثمن. إسرائيل رفضت الانسحاب إلى حدود 1967 والأسد خشي من التنازل عن مكانته الرئيسية في "المقاومة" وعن دعم روسيا وإيران.
إيهود أولمرت ونتنياهو قاما بمحاولة للتسوية مع نجله بشار، إلى أن جاء الربيع العربي والحرب الأهلية في سورية ووضعت الحد لها.
سيكون من الممتع إذا فتح الحكام الجدد الخزنة الدبلوماسية للأسد وبحثوا عما عرضه نتنياهو عليه مقابل السلام. في نهاية المطاف، نتنياهو يقول إنه رفض النزول من الجولان خلافا لما يذكر مشاركون آخرون في المفاوضات. ولكن إلى حين اتضاح عمق التنازلات التي عرضها نتنياهو، فإنه يستطيع أن يستمتع بالهواء على قمة جبل الشيخ السوري وعرض نفسه كمحارب منتصر، وصوره وهو يتجول في الجبل ستنشر في وسائل الإعلام، حتى من دون أن يحتاج إلى طلب تسهيلات من الناشرين، كما تعود أن يفعل قبل تقديم شهادته في المحكمة.
0 تعليق